ثقافةصحيفة البعث

وجه لوجه أمام المهارات الفائقة

 

أكسم طلاع

يقف المشاهد أمام أعمال الفنان الشاب خالد نجاد في دهشة تأخذه إلى السؤال عن هذه القدرة الفائقة على الرسم التي تقارب مطابقة الموديل إلى حد الظن أن اللوحة تنتمي للأعمال المطبوعة والصورة الفوتوغرافية، فالواقع بكل تفاصيله لن تقاربه إلا عين الكاميرا، والسؤال الأكثر حرجا: ما هي الغاية من هذا الفن المشغول باليد والذي يتحدى صاحبة بمهارته المثال المرسوم حين يستنطقه بهذه التفاصيل المغرقة في واقعيتها.. ربما للمهارة قولها بالنهاية لتدخلنا في الذهول والتعجب, فهي الكافية على اكتساح المتلقي والتأثير فيه مستسلما بأن الفن لن يكون في غياب سطوتها!؟. قليلون الذين يرسمون البورتريه بالمستوى الذي يرسمه خالد نجاد، وفي المشهد التشكيلي السوري تحديدا لا يتوفر هذا السعي عند المشتغلين فيه على تحقيق ذلك، ربما لا تشغلهم مسالك الإغراق في الرقش واستعراض المهارة والتقنية على حساب الفكرة، باعتبار أن الحرفية الفائقة مطب اللوحة ومقتل الفنان المستغرق في المهارة؟ سؤال نوجهه لعدد من الفنانين السوريين وبالأخص أولئك الذين ينتمون لمنحى التصوير وإنتاج لوحة التصوير ويتذرعون بالحداثة أو التجريب والتحوير وتلفيق الفشل في الرسم من خلال اقتحام صفحات التواصل وإغراقها بسيل حضورهم وصلافة تجاربهم التي بدأت تتمدد نحو الجيل الجديد من الفنانين.
ربما يلاحظ البعض ويسأل: وماذا بعد هذا الاستعراض لقدرة الرسام على رسم الواقع؟ وهل في إعادة هذا التأليف له من إضافة على مشاغل الحياة التشكيلية حيث يلج الفنان بألوانه عوالم لا يتوقع الوصول إليها دون التجريب والخوض في مساراتها، أم أن المهمة الأساس للتصوير هي الأمانة والاستحواذ على المتلقي.. هل الفن يقف عند هذا الحد من البلاغة؟ بالطبع هذا جانب من حوار تشكيلي وثقافي بين الفنانين لن ينتهي، والقيمة الأولية في توليد مثل هذا الحوار التشكيلي الذي لابد منه في المشهد السوري لنصل إلى تناول الكثير من التجارب الجديدة ومقولات الفن الحديث، بعيدا عن تناول المؤسسة الأكاديمية واتهام سدنتها التعليمية بالقصور عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
يحسب لهذا المعرض الذي تقيمه صالة كامل للفنون الجميلة حسابا مختلفا، فهو من جملة المعارض النوعية التي أقامتها واختارتها بعناية لجمهورها، كما يحسب لهذه اللوحة تميزها وتعريفنا بفنان سوري مغترب وشاب حقق نجاحا فنيا خارج الوطن وننتظر منه الكثير.