أخبارصحيفة البعث

الأمم المتحدة إلى أين؟

 

لم تخرج اجتماعات مسؤولي العالم وقادته في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 73 بأي جديد يؤكّد أنهم بالفعل جاؤوا من أجل السلام والأمن في العالم، فالخلافات السياسية والاقتصادية على أشدها، والنزاعات والحروب مستمرة بحصد أرواح الملايين من البشر، دون أن يحرّك هؤلاء ساكناً، ما يطرح تساؤلات كبيرة وجوهرية:هل الأمم المتحدة باتت بالفعل بحاجة لإصلاح، كما تطالب الكثير من الدول الصاعدة “الهند-  البرازيل- ألمانيا”، أم أن الموضوع أكبر من ذلك؟.

ورغم أن الهدف المعلن عند تأسيس الأمم المتحدة في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية كان إرساء الأمن والاستقرار في العالم ومنع وقوع حروب كبرى على غرار الحربين الأولى والثانية، إلا أن الهدف الرئيس كان حماية مصالح المنتصرين في الحرب وتفوقهم بموجب قرارات مؤسسات الأمم المتحدة وأجهزتها. وعليه فقد رأينا كيف حوّلت الولايات المتحدة الأمريكية الأمم المتحدة ومؤسساتها مطية لتنفيذ مشاريعها في العالم، وبدا هذا بشكل واضح في أعقاب انهيار المنظومة الاشتراكية وتفردها بالقرار العالمي.

واليوم وخلال جلسات الدورة الحالية ظهر جلياً أن الرئيس الأمريكي يريد أن تكون الأمم المتحدة بكل مؤسساتها رهينة بيد واشنطن فقط دون سواها، عبر اعتبار أن خروجها من الاتفاقات الممهورة بختم الأمم المتحدة ومؤسساتها، بمثابة الساقطة حكماً حتى لو بقيت دول أخرى تعمل بها “الاتفاق النووي- اتفاق المناخ” إلخ.. ومهدداً ومتوعداً بحرمان المنظمة الأممية من عدم سداد الحصة المالية الأمريكية، بل أكثر من ذلك تسليط سلاح العقوبات بوجه الدول الأخرى التي تحاول تأمين الدعم اللازم لـ”الأونروا”. وهو ما دفع بأمين عام الأمم المتحدة الحالي أنطونيو غوتيريش إلى القول صراحة إن “النظام العالمي أصبح أكثر فوضى، داعياً إلى تجديد الالتزام بنظام قائم على القواعد، وفي القلب منه الأمم المتحدة”. وهي دعوة تحمل في طياتها الكثير من الهواجس حول مستقبل العالم في ظل التهور الأمريكي ورفضه الإقرار بأن هناك قوى دولية كبرى بُعثت من جديد “روسيا- الصين” ترفع شعارات تؤكّد على سيادة القانون الدولي، وعدم استخدام المنظمة الأممية لأن تكون الممر والسبيل لتعود أمريكا إلى استباحة العالم.

إن الإصلاح الذي يجب أن تخضع له المنظمة الدولية هو إعادة الاعتبار لها كمؤسسة جامعة لحل الخلافات والنزاعات بين الدول وفق القانون الدولي الذي وجد بوجودها، والتأكيد على سيادة الدول واستقلالها، ومنع المتنفذين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية من التستر خلف الأمم المتحدة لتبرير أفعالهم وجرائهم بحق شعوب العالم.

سنان حسن