بروكسل توجّه صفعة قوية لنظام أردوغان
رئيس النظام التركي لم يعد يملك الكثير من الخيارات بعد أن افتعل عداوات مجانية مع الشركاء الأوروبيين لحسابات انتخابية، فاضطر تحت وطأة الأزمة مع واشنطن للتراجع عن مواقفه المتشدّدة حيال دول أوروبية، منها ألمانيا على وجه الخصوص، للتنفيس عن أزمته، فيما خفضت بروكسل بشكل كبير مساعدتها لتركيا في إطار احتمال انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب عدم إحراز أنقرة تقدّماً للوفاء بالمعايير المطلوبة، وفق ما أفاد متحدّث باسم المفوضية الأوروبية.
وأوضح المتحدث أن المفوضية الأوروبية خفضت مساعدتها لتركيا بنسبة تناهز أربعين في المئة لما بين العامين 2018 و2020، ما يعني أن المبلغ الذي ستحصل عليه سيكون أقل بـ 759 مليون يورو من ذلك المقرر أصلاً، مؤكداً بذلك مضمون مقال نشرته مجموعة فونكي الإعلامية الألمانية.
وإضافة إلى عدم تحقيق تقدّم كاف لتلبية المعايير المطلوبة، عزت المفوضية أيضاً تقليص المساعدة إلى العدد المحدود من المشاريع التي أطلقتها أنقرة، ويرغب الاتحاد الأوروبي في الاستثمار فيها، مثل تلك الهادفة إلى تحسين دولة القانون والديمقراطية.
ورغم ذلك، ستحصل تركيا خلال الأعوام الثلاثة المذكورة من الاتحاد الأوروبي على 1.18 مليار يورو لمساعدتها في التكيف مع المقاييس الأوروبية.
ولحظت الموازنة الأوروبية المتعددة الأعوام من 2014 إلى 2010، مساعدة لتركيا بقيمة 4.45 مليارات يورو استعداداً لانضمامها المحتمل للاتحاد الأوروبي، ولكن لم يسدد من هذا المبلغ سوى بضع مئات الملايين من اليورو.
وتدهورت العلاقات بين الاتحاد وتركيا في شكل كبير منذ محاولة الانقلاب في تموز 2016 وعمليات التطهير التي أعقبتها، ولاحظ وزراء خارجية الدول الـ 28 في الاتحاد في اجتماع في لوكسمبورغ نهاية حزيران الفائت أن مفاوضات انضمام أنقرة “تراوح مكانها”.
وبسبب خبرتها السابقة مع تركيا، ترغب المفوضية الأوروبية في القيام بتغيير جذري في سياسة المساعدة لهذا البلد في الموازنة الأوروبية المقبلة التي تغطي ثمانية أعوام من 2021 إلى 2027.
يأتي ذلك فيما سارع أردوغان تحت وطأة التصعيد التجاري الأميركي على خلفية احتجاز تركيا قساً أميركياً بتهم تتعلق بالإرهاب، إلى تهدئة التوتر مع ألمانيا، التي وصلها أمس، في زيارة يرجّح أن تكون فاتحة تسوية للأزمة مع دول أوروبية كان قد هاجمها مراراً.
وستشهد ألمانيا تظاهرات تنظمها منظمات غير حكومية تدافع عن حقوق الإنسان، خلال زيارة أردوغان، وخصوصاً بعد ظهر اليوم الجمعة في برلين، حيث يأمل المنظمون في مشاركة حوالي 10 آلاف شخص.
وكانت واشنطن قد رفعت الرسوم الجمركية على وارداتها من تركيا، كما فرضت عقوبات على وزيرين تركيين، وهدّدت بفرض المزيد من العقوبات بعد أن رفضت أنقرة الإفراج عن قس أميركي تتهمه بالإرهاب.
وترتبط ألمانيا وتركيا بعلاقات تجارية مهمة، وهو ما ينطبق أيضاً على عدد من الدول الأوروبية، إلا أن الطاغية أردوغان فاقم التوترات مع الشركاء الأوروبيين، ولوح مراراً بإلغاء اتفاق كبح الهجرة الذي وقعته أنقرة وبركسل في آذار 2016، وقد هاجم الحكومة الألمانية لرفضها إلقاء وزراء أتراك خطابات في تجمعات انتخابية، كما رفضت برلين إلقاء أردوغان ذاته خطاباً في الجالية التركية ضمن الدعاية للاستفتاء في نيسان 2017 والانتخابات المبكرة في الفترة نفسها من العام 2018.
وذهب في انتقاداته إلى أبعد من مجرد التنديد بمنعه ووزرائه من إلقاء كلمات في الخارج، مهاجماً المستشارة الألمانية، ومعتبراً أن تصرفاتها تشبه التصرفات في الحقبة النازية.