وكأن على رأسها الطير..!
نجد أنفسنا “مضطرين” لإعادة التذكير بالعديد من القضايا الاقتصادية بالغة الأهمية، ومرد اضطرارنا أن عدداً من تلك القضايا يتم مناقلتها من حكومة إلى أخرى، دون أن يكون هناك أي مؤشر مباشر أو غير مباشر، يدلل على النية والجدية في معالجة تلك القضايا..!؟.
هذا على الرغم من كم وحجم المصرح به حولها على ألسنة المسؤولين المعنيين، من قوانين ومراسيم وآليات وبنى واعتمادات مالية وغير مالية، رغم وجود هيئات أو إحداث أخرى مختصة، لمتابعة تلك القضايا والعمل على ترجمتها لتكون واقعاً قائماً..!. من تلك القضايا، مثلاً لا حصراً، قضية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي حظيت بهيئة مختصة من المفترض أن تكون قد قطعت شوطاً هاماً في هذا الشأن الهام، لكن وبعد عديد من السنوات لم تنجز الهيئة أو مُنشؤها سوى تغير اسمها من هيئة لمكافحة البطالة، ومن ثم هيئة التشغيل وتنمية المشروعات، لتصبح في نهاية المطاف هيئة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة..!؟.
اليوم ولغاية تاريخه، لم نجد مشروعاً متوسطاً انطلق ولا حتى صغيراً دُعم، والهيئة التي تعاقب على تقلد إداراتها عدة مدراء (وهذا ربما إنجاز آخر لها)، والتي لا تبعد عن مكان عملنا سوى نحو 25 متراً كخط نظر، ها هي كأن على رأسها الطير، لا حساً ولا خبراً..!.
والسؤال: إلى متى ستظل هكذا هيئة في حالة سبات، تستنزف ما يخصص لها من ميزانية، دون أي عائد يسجل في خانة مسؤولياتها، نكرر الغاية في الأهمية والضرورة..!؟.
نتساءل ونحن في ” حيص بيص” زيادة الرواتب والأجور أم تحسين المستوى المعيشي للمواطن السوري، وتحديداً ممن هدَّ عيشه عدم التناسب الصارخ بين دخله وإنفاقه..!؟.
حائرون كما حكومتنا، رغم أن كل الدنيا تؤكد المسلمات الاقتصادية، والقائلة إن للمنشآت الصغيرة دوراً حيوياً ومتميزاً في اقتصاديات دول العالم المختلفة، فهي الموظف الرئيس للعمالة، وفوق ذلك تسهم بقوة في الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان.
ويعد التميز في المنشآت الصغيرة رافداً من روافد رقي وتقدم المجتمعات والدول، حيث يتولد الإبداع والابتكار في كثير من هذه المنشآت، ويتحول عديد منها إلى شركات عملاقة مطورة ومستخدمة للتقنيات المتقدمة وناهضة بالاقتصاد.
ولأنها كذلك وغير ذلك، تولي دول العالم تلك المنشآت كثيراً من الاهتمام، عبر منحها العديد من المزايا الضريبية والتنظيمية والتمويلية…
لكن في المقابل، ومن سوء حظ بلدنا، ابتلاؤه بعقليات “اقتصادية وتخطيطية” تعمد على التركيز المبالغ فيه، على تطوير المنشآت والاستثمارات الرأسمالية الكبيرة، والتغاضي عن إيلاء الصناعات والمنشآت الصغيرة الاهتمام اللازم، الأمر الذي قاد إلى نتائج غير مرغوبة على النمو الاقتصادي وتوزيع الثروة والدخل، وأحدثَ تقلبات اقتصادية حادة، ورفع مستويات البطالة.
بالمختصر المفيد نحن لا نريد زيادة في الرواتب والأجور لأسباب يطول شرحها، لكن نريد تحسين المستوى المعيشي للمواطن، الذي ومن إحدى قنواته الرئيسة والفاعلة، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة..!.
نريد دعماً فعلاً لا قولاً عبثاً، فدعم هذا النوع من المشاريع التي تسهم بالتحسين الفعلي، ومؤسسة ضمان المخاطر العتيدة التي تنتظرها تلك المشاريع، والمصرف الخاص الممول لها، أصبحت كتلك الأغاني الهابطة، التي ما إن يظهر جديدها كل يوم حتى يختفي قديمها..!!. “جنُّوا جنُّوا” و “لك ولووو…”..!!؟.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com