إلا الرغيف..!!
لم تستطع وزارة التجارة الداخلية إقناعنا بسبب واحد يبرّر عودة الطوابير أمام الأفران!!.
ويمكن القول إن الازدحام على الأفران لم يتوقف خلال السنوات الطويلة الماضية، لكنه كان مقبولاً إلى حدّ ما مقارنة بالطوابير الحالية التي يراها المواطن مفتعلة والتي تجعله ينتظر لأكثر من ساعة على الأقل للحصول على ربطة الرغيف!.
ولو كانت مخصّصات الأفران كافية وتتيح الحصول على الرغيف خلال دقائق لوجدنا مبرراً لقرار وزير التجارة الداخلية بتخفيض مخصصات جميع المخابز بنسبة 20% بذريعة تخفيض الهدر والحدّ من الخسائر.. أي تخفيض الدعم!.
ومن الغريب أن يأتي قرار الوزير بعد بدء عودة النازحين إلى مناطقهم بعد تحريرها من الإرهابيين.. فلماذا هذا القرار الآن؟!.
كنا ننتظر أن تكشف وزارة التجارة عن السبب، لا أن تترك الأمر لتكهنات مديري المخابز الذين توقعوا أن يكون القرار مؤقتاً ريثما تأتي شحنات جديدة من الدقيق المستورد.. فهل هذا صحيح؟.
تصريحات المسؤولين في الوزارة ومديرياتها تؤكد دائماً أن مخزون الطحين أكثر من كافٍ، وهذا يعني أن هناك أسباباً أخرى لافتعال أزمة حادة تعيد الطوابير الطويلة أمام الأفران!. أما إذا افترضنا أن هناك نقصاً في المخزون فالسؤال: من يتحمّل المسؤولية؟!.
بعض مديري المخابز أرجع الأزمة إلى تهريب الدقيق.. وهذا غير صحيح لأن التهريب لم يتوقف يوماً واحداً، وهو عذر غير مبرّر لأن من واجب الوزارة أن تكشف المتورطين في مؤسساتها بالتهريب لا أن تخفض مخصصات الأفران!.
وهناك ذريعة أخرى وهي معتمدو بيع الخبز، الذين يتصرفون بمخصصاتهم حسب مصالحهم المادية كبيعها علفاً مثلاً أو بسعر أعلى للقادرين على شرائها بأكثر من 100 ل.س، أو بيعها لمحلات بيع السندويش أو المطاعم!.
وزارة التجارة تحركت سريعاً وقامت بتشكيل لجنة لمتابعة عمل المخابز، مبررة ما تشهده المخابز من ازدحام بأنه مجرد افتعال لإفشال إجراءاتها في التصدي لمنع تهريب مستلزمات إنتاج الخبز من الطحين والمازوت والخميرة.. ولكن هل هذه المبررات مقنعة؟.
ونشير هنا إلى أنه ما من مسؤول على مدى السنوات الماضية إلا وكان يؤكد بأن القرارات التي تصدر عن وزارة التجارة لن تمسّ الرغيف ويؤكدون كل شيء إلا الرغيف!!.
حسناً.. هل هذا يعني أن على المواطن أن يهدر عدة ساعات يومياً للحصول على ربطة خبز؟!.
لاشك أن أصحاب الأفران السياحية ليسوا منزعجين من الأزمة، فالكثير من المواطنين الذين لا تسمح ظروف عملهم بالوقوف طويلاً في الطوابير سيضطرون لشراء الخبز السياحي.. أو ربطة الرغيف من الأطفال والنساء المتواجدين قرب الطوابير بـ200 ل.س!.
ماذا يعني هذا..؟.
يعني أن هناك في الأفران من يستفيد من الأزمة، فيمرّر للأطفال والنسوة عدداً كبير من ربطات الخبز لقاء نسبة من الأرباح!.
يبقى رأي المواطن الذي يعاني الأمرين تحت الشمس الحارقة في طوابير طويلة، فهو مقتنع ويقول بصوت عالٍ: الأزمة مفتعلة وهدفها تبرير رفع سعر ربطة الخبز!.
بالمختصر المفيد.. مهما كانت أسباب الأزمة نقول لمفتعليها: تلاعبوا بأي شيء إلا.. الرغيف!.
علي عبود