الأَعرابيّة والأعرابيّة المعاصرة
عبد الكريم النّاعم
بأسلوب لا يخفى فيه الاحتجاج المبطَّن على استخدامي مفردة “الأعراب” عن معظم حكّام الخليج اليوم،.. وردتْني رسالة على صفحة التواصل الاجتماعي من مُتابِع خليجيّ، ولم يفتْه أنْ يشير إلى أنّ “الأعراب” يكاد يختفي وجودهم واقعيّاً، وإلى ذلك الأخ المُتابع أسوق النقاط التالية:
1-اختفاء “الأعراب” يقارب شيئا من الحقيقة، ولا ينفي أنّ ثمّة قبائل في طول هذا الوطن وعرضه ما تزال تعيش بطريقة الأعراب القديمة، من حيث العلاقات، والإنتاج.
2-سأذكّره بما ورد في القرآن الكريم عن “الأعراب” بداية زمن الرسالة المحمّديّة: “وَجاءَ المُعذَّرونَ من الأعراب لِيُؤذَنَ لهم”، أي الذين يتلطّون وراء أعذارهم، ليؤذَن لهم بأن لا يشاركوا في قتال المشركين.
“سَيقولُ لكَ المُخَلَّفونَ من الأعرابِ شغلتْنا أموالُنا وأولادنا وأهلونا”، أي يبسطون أعذار تخلّفهم.
“قالتِ الأعرابُ آمنّا قُلْ لم تؤمِنوا، ولكنْ قولوا أَسْلمْنا”، وفي الآية تفريق بين “الإسلام” و”الإيمان”
3-حكّام الخليج المعنيّين في المقالات التي كتبتُها، خرجوا خروجاً سافرا، لا مكان للتلطّي فيه، إلى صفّ العدوّ الصهيوأمريكي، وأغدقوا عليه من التبرّع بالأموال، وشراء الأسلحة ما شكّل رافعة للاقتصاد الأمريكي في عهد ترامب، وفُتح الذي كان مغلقا من أبواب التعامل مع العدو الصهيوني، حتى باهى بذلك بعض قادة الصهاينة، وهذا خروج على المصلحة العربيّة العليا، ممثَّلَة بالقضيّة الفلسطينيّة، التي بدأ تضييعها مع بعض أبنائها منذ أوسلو التي هي الوليد الشرعي لكامب ديفيد، وكان هؤلاء الحكّام متواطئين مع العدو الصهيوني الأمريكي في كلّ ماحيك في الدوائر الغربيّة الاستعماريّة، منذ احتلال العراق، وما تبعه، حتى ما سُمّي “الرّبيع العربي”!!، الذي آزروه، وتبنّوه بكلّ حمولاته الظاهرة والمخفيّة، فخرجوا من حدود مصلحة الأمّة ككل، ولم يكونوا من “المعذَرين” ولا من “المُخلَّفين” بل من الضالعين حتى النّخاع، فماذا تريدنا أن نقول في هؤلاء؟!.
لقد كانت وسائل الإعلام “الأعرابيّة” الموجِّه الكاشف عن سوءته فيما كانت تضخّه، وتوحي به، وتزوّره، وكانت الأصوات النّاعقة بالخراب تجأر بكلّ وقاحة وصفاقة بتدمير سوريّة المقاومة، ونحن لن ننسى “العراعير” و”القرضاويّين” رغم الجراح التي أصابتْنا، وفقدان الأحبّة من أهلنا، والدّمار الذي لحق بنا، لم يشغلنا هذا عمّا فعلوه، وما زالوا.
ألا ترى إلى ما يجري في اليمن؟! باعتراف كلّ المنظّمات، والتقييمات أنّ كارثة اليمن لا شبيه لها في الكوارث، فهل نُلام بعد ذلك إذا ذكرنا موضع الخطر، والتآمر، والانحراف، و”الأعرابيّة” المعاصرة؟!.
4- لا يفوتني أن أقول إنّ كلامي يشمل الحكّام “الأعراب” من الذين درسوا في أرقى جامعات الغرب، وعاشوا فيه ردْحاً، وتقبّلوا أن يكونوا قتلّة أهليهم، ومناصري أعداء أمّتهم، وهذا لا يشمل إلاّ حَمَلَة ذلك الفيروس، ولا يشمل كلّ سكان هذه البقاع، فأنا أعلم علم اليقين، أنّ فيهم من الانتماء للعروبة ما نحمله بجدارة الدم، وفيهم تقدّميون، وكتّاب، وشعراء، وروائيّون، ومُبدعون هم ذروة في الانتماء والوعي.
أرجو أن أكون قد وضّحت…
aaalnaem@gmail.com