المطلوب تعديلهما البلاغ رقم 4 وضابطة البناء في طرطوس.. اشتراطات تعيق إقامة المشاريع.. وبوابة لانسحاب المستثمرين
بدا مستغرباً عدم تقدم أي مستثمرللحصول على فرصتي استثماربتنفيذ مشروعين صناعيين تم الإعلان عنهما مؤخراً للمرة الثالثة من قبل مجلس مدينة طرطوس، رغم أن أحد هذه المشاريع “معمل كونسروة” يدخل في صلب الزراعات الأساسية التي تعتمد عليها المحافظة، ويشكّل قيمة مضافة للصناعات المطلوبة فيها، في حين يتعلق إعلان المزاد الآخر بإشادة واستثمار معمل عصائر مياه غازية في المنطقة الصناعية، والملفت، بحسب مصادر مطلعة في المحافظة، أن عدداً ليس بقليل من المشاريع الاستثمارية والمعامل الحيوية التي يتم الإعلان عن مزادات علنية عليها لأكثر من مرة في المحافظة يتم إبرامها عن طريق التراضي بسبب فشل الإعلان، وعدم تقدم أي من المستثمرين، حتى لو بدت أرقام الاستثمار فيها منطقية نوعاً ما، وإذا كانت مبررات أو أسباب فشل إعلان بعض المزادات مقبولة ومفهومة في السنوات الماضية نتيجة الحرب والظروف الاقتصادية، فإن الفترة الحالية تعتبر مشجعة للاستثمارات الصناعية، وخاصة تلك المتعلقة بالإنتاج الزراعي، والمشاريع التي تلقى نجاحاً في طرطوس، للخصوصية التي تتمتع بها تلك المحافظة الزراعية، فلماذا لا يتقدم المستثمرون والفعاليات الاقتصادية لمثل تلك المشاريع الحيوية؟!.
تساؤلات مشروعة
والتساؤل المطروح: هل الابتعاد عن إبرام عقود لمشاريع حيوية في المحافظة يكون نتيجة عدم ثقة المستثمر بالجهة العارضة، أم أن هناك شروطاً مجحفة بدفتر الشروط الفنية والمالية والحقوقية بحق المستثمر، فأحياناً يلقي بعض المستثمرين اللوم على البدلات المالية الكبيرة والتأمينات المطلوبة، ويقولون إنها تتسبب بالإرهاق لهم قبل انطلاقهم بالمشاريع، وأحياناً أخرى تكون الحجة بالمساحات الممنوحة للاستثمار، وأحياناً يكون اللوم على نظام التعاقد بالمجمل، علماً أن بعض المشاريع قد تحكم تنفيذها اعتبارات خاصة تتعلق بتفصيلات المشروع نفسه؟.. والتساؤلات المطروحة في سياق الاستثمار الصناعي والحيوي في هذه المدينة ذات الخصوصية والامتيازات المطلقة ترتبط بنواح كثيرة، إن كان بتوفر المساحات الواسعة والخصبة من الأراضي الزراعية، أو المنتجات التي يمكن تصنيعها بشكل مباشر، مع اختصار مسافات النقل، أو إمكانية التصدير البحري للمنتجات.
اشتراطات أساسية
وبالعودة إلى تفاصيل مشروعي معملي الكونسروة وعصائر المياه الغازية اللذين تم الإعلان عنهما دون تقدم أي مستثمرين، هناك مجموعة اعتبارات مشتركة نص عليها إعلان التعاقد، منها تأمينات أولية تصل لعشرة ملايين ليرة سورية تدفع من المستثمر لكل مقسم، وتأمينات نهائية تبلغ قيمتها 10% من قيمة بدل الاستثمار، وعن كامل المدة، إضافة لشروط تعاقد روتينية أخرى، في حين كانت مدة الاستثمار الكلي 25 سنة، وهي مدة مقبولة وكافية بحسب خبراء ومستثمرين، ولكن يبدو أن حالة إضافية حكمت بشكل خاص هذين الاستثمارين، وتمثّلت بوجود بئري مياه موجودين في المواقع المحددة بالإعلان، اشترط مجلس المدينة على أي مستثمر للأرض نقلهما من الموقع، وبالتالي دفع كلفة تقديرية للنقل تصل لخمسة عشر مليون ليرة سورية بحسب نص الإعلان، لكن التساؤل، بحسب بعض الآراء: لماذا يجب أن يدفع المستثمر قيمة نقل تلك الآبار دون أية مبررات منطقية؟ ولماذا لا يقوم مجلس المدينة بهذا العمل، ثم يطرح هذه المشاريع للاستثمار مجدداً؟!.
بلاغات “ظالمة”
وإذا كانت بعض التفاصيل المذكورة سابقاً تعتبر حالة خاصة يمكن المضي عنها أو تجاوزها في استثمارات أخرى، فالتفاصيل الإضافية المتعلقة بنظام التعاقد، وآليات تنظيم استثمار المقاسم الصناعية، يبدو أنها تنطوي على مشكلات عديدة، وهو ما يفسر النقص في الصناعات الغذائية التي تفتقر إليها المدينة بصفة عامة، وبحسب منذر رمضان عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الحرفيين، والمشرف على المناطق الصناعية بطرطوس، فإن المشكلة تتلخص بالبلاغات المتتالية التي تحكم إنشاء المعامل الصناعية، وهي في الفترة الحالية محكومة بالبلاغ رقم 4 لعام 2017، حيث يشترط البلاغ أن تكون هذه الصناعات داخل المناطق الصناعية، أما خارج المناطق الصناعية فتكون محكومة باشتراطات كثيرة، ورغم بلاغات سابقة كثيرة متعلقة بتنظيم عملية الاستثمار، وبناء المعامل في المنطقة الصناعية، (البلاغ 10 و 16 و 9 لعام 2014)، فإن التغيير كان بالأرقام والتواريخ، لكن المضمون هو نفسه، ورغم تخفيض مساحات العقارات المستثمرة من 4000 متر مربع إلى ثلاثة آلاف، إلا أن اشتراطات أخرى كالبعد عن المناطق الحراجية لاتزال تسبب صعوبة في التنفيذ بالنسبة للمستثمرين بسبب جغرافية المحافظة التي يصعب فيها تطبيق هذا الأمر، ورغم تقدم فعاليات اقتصادية كثيرة للاستثمار في الصناعات الغذائية نجدهم ينسحبون لاحقاً نتيجة ما اعتبروه بلاغاً “ظالماً” من المحافظة، وفي المقابل كان رأي الحكومة في هذا الموضوع أنه يجب المحافظة على مدينة طرطوس كمدينة سياحية وزراعية.
معاناة المناطق الصناعية
ولما كانت الشروط المطروحة للاستثمار، محكومة بتلك البلاغات، تراعي طبيعة المحافظة، وخصوصيتها الجغرافية، كان البديل، وفق ما تابع منذر رمضان، تطوير المناطق الصناعية، علماً أنه كانت هناك منطقة صناعية وحيدة ويتيمة في مدينة طرطوس، ثم جاءت المنطقة الصناعية ببانياس، وكانت هناك محاولات دائمة للعمل بخطة تطويرية لمدة طويلة، وبفكر تطويري، لكننا اصطدمنا بعقول مثل حجر الصوان حاولنا أن نحفر فيها ما استطعنا لتحقيق تأثيرات إيجابية، وكانت هناك معاناة كبيرة في تطوير ضابطة البناء، ثم وصلنا أخيراً لمرحلة تم السماح فيها لجزء بسيط من المعامل ببناء طابقين، والمهن الخدمية بطابق واحد، وهذا غير كاف للمعامل، ويجب تقديم محفزات أكثر للمستثمرين، والمطلوب اليوم بالحد الأدنى تشجيع المعامل، وإعطاء طابق إضافي ليتمكن المستثمر من التوسع في استثماره دون قضم مساحات إضافية من الأراضي، خاصة أنه في كثير من الأحيان يتم العرض على مساحات لا تتجاوز الألف متر، لكن المعامل بحاجة لمساحات أكثر من ذلك بكثير، وأضاف: إذا بقي إنشاء المناطق الصناعية بتلك العقلية نفسها سنستهلك كميات كبيرة من الأراضي دون الاستفادة منها، لذا يجب تعديل نظام ضابطة البناء في أبنية المعامل تحديداً، علماً أن رئاسة مجلس الوزراء كانت متعاونة جداً، وأعطيت التوجيهات بذلك، لكن اللجنة الإقليمية جاءت بعمل مختلف، وطالبت بمبررات إضافية.
رسم تحسين مرتفع
المشكلة الإضافية، بحسب رمضان، كانت رسوم التحسين التي فرضت على الطوابق الإضافية، فبعد إيجاد الحلول لزيادة التوسع الطابقي في معامل ومنشآت المنطقة الصناعية عن طريق الوحدة الإدارية، كانت المشكلة معها، فهي تفرض رسوم تحسين مرتفعة على الطابق، وكأنه يتم بيع الطابق مرة أخرى، والمطلوب تخفيض رسم التحسين، وتقديم محفزات أكثر للمستثمرين، وأضاف: بعض المنتجات يجب أن تخرج نهائياً من متطلبات القرار 4، خاصة منتجات مثل “الكونسروة” لا تؤذي البيئة، وكذلك الحمضيات، والألبان، والأجبان باشتراطات صناعية معينة، وتفتقر محافظة طرطوس إلى المعامل بشكل عام، فمعامل الكونسروة بالحد الأدنى تستوعب جزءاً كبيراً من منتجات الساحل السوري، وتشكّل دعماً كبيراً للمزارعين الذين يعملون بهذه الزراعات، والمفروض أن معملاً واحداً غير كاف لحاجة المحافظة، ويجب كذلك أن نشجع على إقامة معامل أخرى تشكّل قيماً مضافة، وتستوعب مخرجات المحافظة لدينا كإقامة معامل للأجبان والألبان.
إجراءات مطلوبة
رمضان أضاف بأنه توجد هناك إجراءات وتعديلات مطلوب اليوم تنفيذها وإحداثها بشكل أو بآخر عند الحديث عن إنشاء معامل حيوية، ويجب أن تكون هذه التعديلات والإجراءات محفزة للمستثمرين أكثر، فالتقدم سيكون ضعيفاً ما لم نحقق هذه التغييرات، ويجب إحداث تعديلات ملموسة في أنظمة التعاقد، خاصة أن هناك الكثير من المشاريع يتم إبرام عقودها بالتراضي بعد الإعلان عنها مرتين متتاليتين وفق أرقام منطقية دون التقدم، فالمهم أيضاً زيادة مدة الاستثمار، وتقديم مدة كافية ومنطقية، فهناك فترة للبناء، ودفع أجرة بشكل سنوي، إضافة لمبلغ تأميني على كامل المبلغ المأجور، وهذه اشتراطات صعبة تتطلب مستثمراً مرتاحاً مادياً حتى يستطيع أن يبني ويقدم المبالغ التأمينية، مع دفع المبلغ، وهناك تضحية لفترة قد تطول دون إنتاج، فتجهيز المعمل يتطلب أوقاتاً طويلة، وختم رمضان: اليوم عدد المعامل على مستوى محافظة طرطوس يقدر بما يقارب 635 معملاً، وهي معامل مختلفة متوسطة وصغيرة الحجم، وأغلب المعامل التي جاءت لطرطوس كانت لصناعات نايلون بلاستيك أكياس، وغيرها من المواد الصناعية، وهذا العدد قليل، وتقل فيه أيضاً الاستثمارات الصناعية الغذائية، أو الاستراتيجية المطلوبة في المحافظة، بالنظر إلى الإمكانيات الزراعية المتوفرة.
محمد محمود