ثقافةصحيفة البعث

رشيد عساف.. نجم مخضرم يتجدد بحيوية الشباب

 

اطل النجم رشيد عساف على الجمهور السوري والعربي بعد غياب إعلامي طويل مع النجمة أمل عرفة ضمن برنامج “فيه أمل” الذي تقدمه على شاشة قناة لنا ليعيد للأذهان تلك السهرات الفنية التي كان التلفزيون العربي السوري يقيمها بالاشتراك مع إحدى الدول العربية بشكل دوري في فترة التسعينيات، والتي كانت تضم العديد من النجوم السوريين وكان يشارك في معظمها الفنان عساف المتجدد دائما ليكون نجمها الأبرز بخفة ظله وبديهته الحاضرة وثقافته الواسعة وحماسه الشبابي وتواضعه المبني على الثقة الكبيرة بالنفس، كل هذه الصفات لم تخبُ ولم تتبدل عبر الزمن، كل ما تبدل في شكل صاحب شخصية ورد في مسلسل البركان هو لحية يتخللها الشيب لم تزده إلا وقارا وهيبة في الحضور.

الحوار الرشيق والعفوي المبتعد عن التكلف والتصنع الذي أعدته وقدمته باقتدار  الفنانة عرفة أضاء على مسيرة حياة الفنان عساف من الطفولة الحافلة بالمغامرات والعمل، مرورا بالانتساب للمسرح الجامعي ومن ثم المسرح القومي وبداية نجوميته في التلفزيون عبر الأدوار التي لعبها فكان دونجوان الشاشة السورية، وصولا لهذه اللحظة بعد سنوات من العمل والنجومية، وكل ذلك جاء بسلاسة بعيدا عن النمطية في طرح السؤال مع العفوية في الإجابة عليه، واظهر هذا الحوار السريع نسبيا كم الطاقة الايجابية التي يمتلكها الفنان أبو سارة في هذا العمر، وقدرته الاستثنائية على نشر الفرح بأحاديثه المنوعة وخفة ظله وذكائه المبني على الصراحة والشفافية والصدق، بعيدا عن عقد النجومية المعقمة التي باتت تنتشر عند نجوم اليوم من الفنانين الشباب الصاعدين.

ولا نعلم سبب ابتعاد الفنان عساف عن الإعلام المرئي المحلي لسنوات، ولكننا نعلم أن استضافة أي قناة لنجم من وزن صاحب شخصية العرندس في مسلسل البواسل  سيمكنها من الاستفادة من هالة حضوره الكبيرة، ويضيف إلى رصيدها الكثير، ولعل هذا الحوار ضمن البرنامج الناجح الذي تقدمه الفنانة عرفة جاء في وقت يحتاج فيه الجمهور السوري أن يحضر مثل هذه الحوارات الفنية الرشيقة والذكية والممتعة في ذات الوقت، بعد أن افتقدها على شاشات التلفزة المحلية.

ظهور الفنان عساف في السنوات الأخيرة في ادوار كوميدية ودخوله هذا النمط الدرامي جاء متأخرا لسنوات بسبب عدم استثمار المخرجين لما يمتلكه من خفة ظل وحيوية كبيرة وقدرة على لعب الأدوار الكوميدية باقتدار، لكنه في ذات الوقت  استطاع بسرعة ومن خلال ثلاثة ادوار كوميدية فقط (أبو نايف في الخربة، جهاد أبو الهمة في أزمة عائلية، عرفان الرقعي في الواق واق) أن يحظى بإعجاب الجمهور وان يكون على رأس القائمة بين نجوم الكوميديا السورية، ليثبت مجددا انه نجم في كل الأنماط الدرامية التي قدمها وفي مختلف مراحل مسيرته الفنية الغنية، وهذا ما لا يتواجد لدى فنان واحد إلا ما ندر.

وما يزال النجم عساف يمتلك الكثير ليقدمه في عالم الفن فهو نجم متجدد بموهبته وأدائه وقادر على صناعة الدهشة لدى المشاهد من خلال تقديم موهبته دائما بأشكال جديدة بعيدة عن ما قدمه في السابق، ومازال يحتفظ بحالة الشغف والحماس التي تحرك الإبداع في داخله وكأنه دخل عالم الفن لتوه، كما انه في حالة ترقب دائمة لأي فرصة إبداعية جديدة ليستنفر أدواته معها، ويلعب في مساحات لم يصلها من قبل تحت إدارة مخرج مبدع قادر على قراءته بشكل مختلف عن الآخرين، مما يشكل دعوة مفتوحة ودائمة  لكل المخرجين المبدعين في المسرح والدراما التلفزيونية والسينما كي يعيدوا قراءة هذا النجم واكتشاف قدراته الكامنة وأدواته الفنية، ليخرجوا منه المزيد من الإبداع والدهشة، ودعوة لكل المؤسسات المعنية بالإنتاج الفني ضمن كل تلك المجالات سواء الرسمية منها أو الخاصة للاستفادة من هذه الطاقة الفنية العملاقة لأننا ننتظر ما يختزنه من فن ليغني بحضوره الجذاب الساحة الفنية السورية، ولندخل معه مرحلة جديدة من مسيرته الإبداعية بأدوار مبتكرة وخلاقة تساهم في عودة الألق للفن السوري، بل وفي تسطير مرحلة جديدة للإبداع السوري الذي لا ينضب ولا يشيخ مع الزمن ولا يموت في الأزمات.

محمد سمير طحان