استعداداً لعرض “عندما يتحدث الأطفال” أسامة شقير: الطفل يجب أن يعرف ما يدور حوله
انتهت العمليات الفنية لمسلسل “عندما يتحدث الأطفال” تأليف فاتنة محمد إخراج أسامة شقير إنتاج مديرية الإنتاج في التلفزيون، وهو يتحدث بشكل أساسي عن الأطفال وتأثير الحرب في سورية على حياتهم من خلال تسليط الضوء على حياة عدة أسر سورية لنعرف كيف أثّرت الحرب على نفسيات وحياة أطفالنا وحالات الفقد التي تعرضوا لها وكيف تعامل هؤلاء الأطفال مع هكذا وضع وكيف تجاوزوا هذه الأزمات باقتراحات بنّاءة من خلال وجودهم في المدارس.
تأثير الأزمة
ويبين المخرج أسامة شقير أن العمل يتحدث أيضاً عن تأثير الأزمة على العائلة بشكل عام، والمهم في العمل برأيه أنه يقدم أفقاً متفائلاً من خلال قدرة الأطفال على تجاوز الأزمة واستمرارهم في ممارسة يومياتهم في الحياة، وهم بذلك يرمزون لسورية بقدرتها على التعافي وتجاوز الأزمة، مشيراً إلى أن العمل من الأعمال التي رصدت الأزمة بشكل عام من خلال الأسر السورية التي تأثرت بها بشكل مباشر أو غير مباشر، معترفاً أن التوجه والكتابة للطفل من أصعب أنواع الكتابات، خاصة وأن شخصية المستهدَف “الطفل” لم تتكون، حيث يصبح التأثير عليه ممكناً بشكل أسرع وأسهل.. من هنا يؤكد شقير على ضرورة أن تتناول قضاياه من قبل مختصين ممن لديهم خبرة، وباعتبار أنه كان رئيساً لدائرة الأطفال في التلفزيون في فترة من الفترات فهو يعرف تفصيلات عالم الطفل الذي يستهين البعض به ويستسهله، وهذا أمر خاطئ برأيه لأن التوجه للطفل أخطر من التوجه للكبار، مشيراً إلى أن فاتنة محمد رئيسة دائرة الأطفال كتبت النص وهي صاحبة التجربة الطويلة مع برامج الأطفال، لذلك قدَّمت نصاً موفّقاً تناولت فيه قضايا الطفل وبعض الأسر السورية خلال الحرب دون أن ينفي أن بعض التعديلات أجريت على النص، وهذا أمر طبيعي لأنه هو الأساس الذي يمكن أن يخضع للتطوير، حيث يبنى عليه من جديد من قِبَل المخرج والممثل.
مغامرة
وعن الشكل الفني الذي اعتمده كمخرج في هذا العمل يوضح شقير أن تقديم عمل يتناول قضايا لها علاقة بالطفل ومن خلاله يختلف في شكله الفني عن أي عمل آخر، وهذا أمر يجب أن يتجلى بكل تفصيلات العمل بدءاً من الشارة التي يجب أن تنهل من عوالم الطفل وحياته، وهذا تطلّب منه في “عندما يتحدث الأطفال” حركة كاميرا هادئة وتركيزاً على التفاصيل بعيداً عن أي استعراض فني له كمخرج، رافضاً اعتبار اعتماده على ممثلين أطفال مغامرة، إلا أنه لا ينكر أن العمل تطلّب ممثلين أطفالاً قادرين على الأداء وإظهار معاناة الأطفال في العمل والتعبير عن الحالات التي يمرون بها بشكل مقنع انطلاقاً من فهم الشخصية ومعايشتها، لذلك كان من الضروري بالنسبة له كمخرج أن يقوم باختبارات لمجموعة من الأطفال الممثلين وقد شاهد نحو 200 طفل حتى وفّق بمجموعة من الأطفال الموهوبين الذين فهموا جيداً ما هو مطلوب، ولا يخفي شقير أنه تفاجأ بإمكانيات وقدرة هؤلاء الأطفال، منوهاً كذلك إلى الدور الكبير الذي لعبه الممثلون الكبار في احتضان واستيعاب هؤلاء الأطفال ومراعاة وجودهم، وبالمقابل تأثير ووجود الأطفال عليهم باستعادة طفولتهم معهم.
حالة خاطئة
ويأسف شقير لأن مطبات عديدة تقع فيها بعض الأعمال الدرامية التي تتوجه للطفل، خاصة على صعيد النصوص التي تقدَّم لهم، ويرى أن الكتّاب مازالوا يكتبون للطفل من وجهة نظرهم وبلسانهم ككبار مع أن البعض يحاول استعادة طفولته ليكتب عن الأطفال، ولكن حتى هذا الأمر بات غير مضمون النجاح في تقديم عمل حقيقي وقريب من الطفل، والسبب برأيه هو أن طفولة اليوم ومتطلباتها باتت مختلفة عن طفولة الكاتب حيث طفل اليوم لا يشبه طفل الأمس، وبالتالي لم يستطع الكثير من الأعمال برأي شقير طرح مواضيع الطفل بشكل صحيح وحقيقي، وهذا لا يتم إلا من خلال وجود أطفال موهوبين بالكتابة وقادرين على التعبير عن حياتهم، والمشكلة أن ذلك غير ممكن اليوم.. وفي الوقت الذي يطالب فيه البعض بضرورة إبعاد الطفل عما يحدث حوله في الحرب بحجة حمايته يعتقد المخرج أسامة شقير أن إبعاده حالة خاطئة وغير ممكنة على أرض الواقع لأن الطفل يجب أن يعلم ما يدور ويحدث حوله لأنه ذكي وقادر على فهم مجريات الأمور مهما كانت كبيرة، وبالتالي التعامل معها.. من هنا يجب إشراكه ولكن مع توجيهه بشكل صحيح.
الحرب مرت من هنا
وسبق للمخرج شقير أن تناول الحرب على سورية من خلال عدة أعمال لعل أهمها “الحرب مرت من هنا” الذي كتبه الأديب قمر الزمان علوش وتناول فيه قصصاً حقيقية حدثت خلال الحرب والعدوان على سورية وكان من إنتاج مديرية الإنتاج في التلفزيون، مؤكداً شقير أنه لا يمكن تقديم مثل هذا النوع من الأعمال إلا من خلال المديرية، لأنها أعمال من غير الممكن تسويقها خارجياً، لذلك تصدت لها المديرية، مبيناً أن “الحرب مرّت من هنا “عمل مهم عُرِض أكثر من مرة وكان عبارة عن مجموعة أفلام قُدِّمت بأساليب مختلفة، منوهاً إلى أن المخرج حينما يتناول قصصاً واقعية لا يقدمها كما حدثت تماماً بشكل توثيقي وحرفي وإنما بشكل فني وبرؤيته كمخرج.. من هنا لا يجد شقير فرقاً كمخرج بين ما يقدمه من قصص واقعية أو غير واقعية، إلا أنه يؤكد أن الأعمال المبنية على قصص واقعية أكثر مصداقية وتأثيراً على الناس، وحتى على الممثل الذي يجسد شخصياتها ويتعاطى معها بشكل مختلف.
دراما سورية حقيقية
وكرئيس لدائرة المخرجين في مديرية الإنتاج يبين أسامة شقير أن العمل الإداري قد يؤثر على عمله الدرامي بشكل أو بآخر إلا أنه يؤكد أن عمل الدائرة إبداعي بقسمه الكبير وقد استفاد من وجوده فيها فزادت خبرته وتجربته وصار يعرف بتفاصيل الإنتاج وإشكالياته، موضحاً أن عمل الدائرة يبدأ بعد حصول النصوص على الموافقة حيث تتكفل الدائرة -التي تضم مجموعة من المخرجين- باختيار المخرج وفريق العمل لإنتاجه، وغالباً ما تؤخذ بعين الاعتبار اهتمامات المخرج وميوله لتكليفه بعمل من الأعمال، مشيراً إلى أن مديرية الإنتاج في التلفزيون تحرص اليوم على تقديم أعمال للكبار والأطفال تعالج الحرب على سورية حتى لا تغرد خارج سربها من خلال تقديم أعمال تركز على الحالة المعاشة خلال الأزمة ومشاكلها وكيفية التخلص منها، معتقداً شقير أن هذا التوجه للمديرية صحيح وإن كانت هذه الأعمال عاطفية ترصد نبض الناس، إلا أنها ضرورية لتوثق فنياً ما يحدث من تفاصيل قد تضيع مع الوقت، وهي تعبّر عن نبض وإحساس هذه الفترة، مبيناً في الوقت ذاته أن أعمالاً كثيرة سترى النور في السنوات القادمة تحكي عن الأزمة بطريقة عقلانية وبرؤية واضحة، وستكون أعمالاً مهمة تحاكي الواقع بطريقة مختلفة، ويأسف شقير لأن الأعمال التي تنتجها المديرية اليوم لا تُرصَد لها ميزانيات جيدة كما يجب لتكون خير معبِّر عما يحدث، والجميع يعمل ضمن هذا الإطار لتقديم أعمال يرضى عنها المشاهد قدر الإمكان للتأكيد على أن مديرية الإنتاج في التلفزيون موجودة وهي مؤسسة الإنتاج الوطنية الوحيدة التي تقدم دراما سورية حقيقية، لأنها غير مرتبطة بأية جهة خارجية على صعيد التمويل والإنتاج والتوزيع، وبالتالي لا يمكن لأية جهة خارجية أن تؤثر على تفكيرها أو خطة عملها.. من هنا كان إلغاؤها في فترة من الفترات خطأ كبيراً، والمطلوب اليوم برأيه العمل على دعمها والتأكيد على أهميتها كمشروع وطني ثقافي، خاصة وأنها المديرية التي سبق وأنتجت أهم الأعمال الدرامية التي أسست للدراما السورية وزودت القطاع الخاص بالمعدات والكوادر اللازمة لعمله، موضحاً أنه وبعد عودة مديرية الإنتاج لتقديم الأعمال اقتصر عملها على تقديم السباعيات والخماسيات لتتولى مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي مهمة إنتاج الأعمال الكبيرة.
والمخرج أسامة شقير خريج الاتحاد السوفييتي ومن أعماله:
الجدار الأسود بطولة خالد تاجا ونبيلة النابلسي ونال العمل جائزتين في مهرجانين دوليين.
امرأة في الظل بطولة أمل عرفة وعبد المنعم عمايري.. تناول قضية الحضانة وكان أحد أسباب رفع سن الحضانة في سورية.
مواسم الخطر وكان من أول الأعمال التي عالجت تأثيرات الانترنت على الشباب.
يوم واحد “للأطفال” نال جائزتين هما أفضل عمل متكامل وأفضل سيناريو في مهرجان القاهرة.
فيلم “تلك الليلة الماطرة” بطولة وائل رمضان وصفاء سلطان.
برنامج “حكواتي الفن” تقديم الفنان الراحل رفيق سبيعي.. وأعمال أخرى كالمغامر وإعجاز.
أمينة عباس