يتنافى مع سياسة ضبط النفقات..! غياب العائد الاقتصادي والاكتفاء بالترويج يشي بإدخال المصارف بمضمار المشاركات الشكلية في المعارض المحلية
إذا ما سلمنا جدلاً بأن حرص القطاع العام على المشاركة في المعارض الاقتصادية المحلية يندرج في إطار إثبات الوجود وإيصال رسالة دامغة تدل على تعافي الاقتصاد السوري بقطاعاته كافة بالدرجة الأولى كما حصل في معرض دمشق الدولي، إلا أن ذلك لا يمنع من حث الجهود باتجاه اجتراح نتائج فعلية لمثل هذه المشاركات ضمن الإمكانيات المتاحة وإضفاء قيمة مضافة ربما تدعم وجودها في سلسلة المعارض المتخصصة المزمع تنظيمها على مدار العام في حال كان هناك حاجة فعلية لمشاركتها بعيداً عن الاستعراض..!
ما سبق قد ينسحب على المؤسسات ذات الطابع الإداري الخدمي أكثر من نظيراتها الاقتصادية والإنتاجية، كون أن المطلوب من الأخيرة -لاسيما في حال مشاركتها في المعارض التخصصية- تحقيق أثر رجعي يدعم إنتاجها، وإذا ما أسقطنا كلامنا هذا على مشاركة القطاع المصرفي العام في مثل هذه المعارض، نفترض وجود دراسات جدوى –إن صح التعبير- لتحقيق عوائد جراء مشاركتها هذه، مع الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون عوائد مادية مباشرة، بل ربما تكون ترويجية لمنتجاتها تنعكس لاحقاً على تطوير أدائها. أما إذا كانت المشاركة لمجرد المشاركة فقط، فهذا يتنافى مع سياسة مكافحة الهدر وضبط النفقات..!
تأكيد ولكن..!
يعتبر العديد من المفاصل المصرفية أن مشاركتهم في المعارض بشكل عام يأتي ضمن سياق التأكيد على حجم الانتشار نظراً لكون المصارف العامة هي الداعم الأول لكافة القطاعات العمرانية والصناعية أولاً، وتسويق الخدمات المتنوعة التي تقدمها سواء لجهة الحوالات أم فتح الحساب والودائع بكل أنواعها وما تقدمه من خدمات أخرى ثانياً، الأمر الذي لا يتقاطع مع أهداف مشاركة أية جهة اقتصادية لحصد نتائج وأرباح مباشرة من خلال ما قد تبرمه من عقود مع نظيراتها الأخرى، وإنما يأتي ضمن مسار الترويج وما يعوّل عليه من استقطاب مزيد من العملاء مستقبلاً.
فرصة للاطلاع
ونفت مديرة التسليف والعلاقات العامة في المصرف الصناعي عهد غزالة وجود ضعف بالترويج لخدمات المصرف من خلال المشاركة في بعض المعارض، إذ ترى أن الإشكالية تكمن بقضاء معظم وقت المستثمر المحلي الذي عاد إلى دائرة الإنتاج داخل منشأته، وبالتالي تفوته فرصة الاطلاع على كل ما يتعلق بالخدمات والتسهيلات المصرفية الجديدة على الرغم من حرص المصرف على تدفق كافة أخباره عبر القنوات الإلكترونية والإعلامية، منوهةً إلى عدم جدوى استخدام وسائل الميديا نتيجة تقلص دورها في إيصال كافة المعلومات المطلوبة إلى الفئة المستهدفة، وهذه النتائج لمسها المصرف من خلال بعض مشاركاته، مما حفز المصرف على ضرورة تغيير خطته الترويجية، والبدء بالتوجه المباشر إلى الصناعيين والمستثمرين المحليين بالزيارات الشخصية والميدانية أو إقامة ورشات عمل، أما المشاركة في المعارض فالهدف منها توصيل المعلومات للمستثمرين الخارجيين الراغبين في الاستثمار في سورية.
فئات محددة
المدير المالي في المصرف العقاري كمال الحموي، اكتفى بالتأكيد على أهمية دور المعارض في تأمين فرص اللقاء مع المستثمرين وتوصيل المعلومات للفئات المهتمة التي توجد في هذه المعارض، دون الخوض في تفاصيل الفائدة المرجوة من المشاركة مقابل التكاليف المدفوعة، معتبراً أن مشاركة المصرف تهدف إلى الترويج وتسويق خدماته إلى الشركات التجارية والصناعية سواء كانت محلية أو عالمية، وقد تكون الفائدة المرجوة من المشاركة هي قدرة المصرف بالتواصل مع هذه الفئات الموجودة في المعرض حصراً.
فجوة واسعة
وبين مدير في المصرف التجاري أنه وعلى الرغم من المشاركات الكثيفة للمصارف ضمن المعارض، إلا أنه لا تزال هناك فجوة واسعة بين ما تقدمه المصارف وما يعلمه المستثمرون، إذ تضمن سجل إحدى المشاركات تساؤلات كثيرة حول المزايا والتسهيلات والخدمات المقدمة من المصرف والتي من المفترض أن تكون معلومات عامة، باستثناء حالات فردية حاولت تعميق معرفتها بكافة الخدمات والتسهيلات وكيفية التواصل مع المصارف لفتح حسابات والاستفادة من التمويل الممنوح، والسؤال عن الكفالات المصرفية وكيفية استقبال الودائع وفتح الإيداعات.
وشاية
ثمة خيار تلجأ إليه المصارف العامة لضغط نفقاتها يتمثل بمشاركتها جميعاً في جناح واحد، ففي الوقت الذي يدافع فيه البعض عن هذا الخيار كونه يرسخ مبدأ تعامل جميع المصارف بشكل متكامل وغير متنافس كلاً حسب تخصصه، نجد رأياً آخر يعتبره بمثابة التهرب من المشاركة الكبيرة والاكتفاء بأخرى جزئية لضغط النفقات، ما يشي بالمحصلة بعدم القناعة بجدوى ما قد تحققه المشاركة..!
فاتن شنان