تفاح طرطوس.. 23 ألف طن من الإنتاج خارج دائرة التسويق.. والسبب تعليمات المواصفات!
خيبة أمل رافقت مزارعي التفاح في طرطوس لهذا الموسم، فبعد أن نالت الطبيعة وموجة البرد التي تعرّضت لها المحافظة في شهر أيار من الثمار التي تساقطت أرضاً، والمزارع “يتفرج عليها” بحسرة وأمل، وقفت التعليمات الوزارية بوجهه، وصدت عنه هواء الأمل بتسويق منتجه، 23 ألف طن، أكثر من نصفه لا يخضع للتسويق، لأنه غير محقق المواصفات المطلوبة، “حسب التعليمات”، مع وجود مؤشرات تدل على إمكانية تراجع زراعة شجر التفاح لعوامل عدة أهمها: ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وعدم تسويق المنتج، ليقع الفلاح في خسائر لا تحمد عقباها، ولا يتحمّلها سواه!.
الغولدن أكثر إنتاجاً
أشار عزت أحمد، رئيس الرابطة الفلاحية في منطقة الدريكيش، إلى أن شجرة التفاح في المنطقة أساسية واقتصادية للفلاح، تمتاز بالجودة والنوعية كونها تزرع في المناطق المرتفعة عن سطح البحر، ويتوفر لها المناخ المناسب من حيث ساعات البرد، والأمطار، ما ينعكس إيجاباً على نوعية الثمار المنتجة، ولصنفي غولدن وستاركان جدوى اقتصادية كونهما خاضعين للتخزين والتسويق، لذلك يعدان الأفضل من بين الأنواع الأخرى كالموشح، والحزيراني، وكان صنف الغولدن أكثر إنتاجاً هذا العام، لافتاً إلى عدم التوسع بالزراعة، وإنما ترميم بعض أشجار التفاح التي لم تلق خدمة من المزارع لسنوات خلت نتيجة عدم تسويق المنتج، وبالتالي عدم توفر السيولة اللازمة لتخديمها بالشكل الأمثل!.
انتشار الأمراض الفطرية
ولكي تكون الثمرة خالية من الأمراض 100% اقترح أحمد وجدد مطلب المزارعين بأن تكون المكافحة حيوية، “حشرة ضد حشرة” أسوة بالحمضيات، وذلك للتخلص من السموم والأثر المتبقي لها، مضيفاً: المناخ هذا العام كان حالة استثنائية من زيادة الرطوبة، والأمراض، وعدم توفر المناخ اللازم كأشعة الشمس، ما أدى إلى زيادة الرطوبة، وبالتالي تم السماح لكافة الأمراض الفطرية بالانتشار على كامل أشجار التفاح، باعتباره مناخاً مناسباً لها كجرب التفاح، والبياض الدقيقي، والزغبي.
أكثر من 95%.. مصاب
وأضاف أحمد: بلغ إنتاج منطقة الدريكيش الكلي من التفاح لهذا العام 13287 طناً، وبهذا كان مساوياً لإنتاج العام الماضي تقريباً، بفارق بسيط من حيث الكمية، وليس من حيث النوعية والمواصفات، ففي العام الماضي كانت الكمية والنوعية ممتازة، بينما هذا العام إصابة ثمار التفاح بالبرد بتاريخ 11-12/5 أدت إلى تشوه الثمار وعدم تسويقه، علماً أن التفاح المصاب بالبرد تبلغ نسبته أكثر من 95%، موضحاً بأنه وصل إلى الرابطة 1600 صندوق كانت كافية حسب تعليمات السورية للتجارة، حيث سوقنا 22,700 طن فقط!.
كلفته تفوق الحمضيات
وتساءل رئيس الرابطة عن جدوى عدم تسويق إنتاج التفاح هذا الموسم أسوة بالحمضيات، علماً أن كلفة كيلوغرام التفاح تفوق الحمضيات بأضعاف، كون شجرة الحمضيات لا تحتاج إلى رش، فالمكافحة حيوية، في حين أن شجر التفاح يحتاج إلى رشات متتالية، وطالب أحمد بالإسراع بتعويض الأضرار الناجمة للفلاحين على التفاح والحمضيات والتبغ، ولو كان هذا التعويض رمزياً قياساً بكلفة الإنتاج والأضرار!.
وأردف أحمد: لم يعوض للفلاح بشيء يذكر، ولم يسوق إنتاجه، وبذلك هو غير قادر على الاهتمام بالشجر للعام القادم بعد أن وقع بخسائر فادحة!.. إنتاجنا يدعم اقتصادنا، ادعموا الفلاح لينتج كمية ونوعية، وتشجيعاً له في المواسم القادمة، وإلا فالإنتاج في ترد، وشجرة التفاح في حالة انقراض لعدم اهتمام الجهات المعنية بهذه الشجرة الاقتصادية!.
تساقط الثمار!
تعرّض الفلاح هذا العام ككل عام إلى غلاء مستلزمات الإنتاج، وعدم تسويق المنتج المصاب بالبرد، ولو بحساب الكلفة، ليتمكن المزارع من خدمة الشجر، وتأمين مستلزمات الإنتاج للموسم القادم، وإلا سيسجل الموسم القادم تراجعاً في الإنتاج، حسب ما أكده المزارعون، فالمزارعان الأخوان رامز وغازي حسن، من العوينات، لفتا إلى مشكلة عدم صيانة الطرقات الزراعية المنجزة كون المنطقة جبلية، ليتمكن المزارعون من تخديم الشجر، ونقل المنتج، وأضاف المزارع أحمد أيوب من قرية السخنة، بيت الوقاف، بأن المشكلة هذا الموسم لم تكن بالعبوات، أو وسائط النقل، وإنما بالتعليمات الصادرة من السورية للتجارة بعدم استجرار سوى التفاح السليم، وكان التفاح المصاب بالبرد خارج القائمة، وتصل تكلفة كيلوغرام التفاح 200-225 ليرة، وعند طرح المنتج في الأسواق لا يساوي تكلفته الحقيقية، ولفت المزارع سليمان الشعار إلى أن الكثير من المزارعين يتفرجون على التفاح يتساقط أرضاً، فهناك بساتين تنتج 20-30 طناً، ومن المزارعين من ينادي لجيرانه بأن يأخذ كمية من المنتج!.
تراجع الزراعة.. ممكن
ومن جهته أكد علي مهنا، رئيس مكتب التسويق في اتحاد فلاحي طرطوس، على أن زراعة التفاح ثابتة، ومن الممكن أن تتراجع ربما لعوامل المناخ، ووقوع الفلاح بخسائر، فيبحث عن زراعة بديلة، وفلاحنا ملتزم بتسويق كامل إنتاجه للدولة وفق الأسعار، ورأى مهنا أن التسويق ليس له زمن يبدأ وينتهي به، وإنما عامل المناخ يحدد بدء موسم التسويق الذي يختلف من منطقة لأخرى، ونتيجة عامل المناخ هذا العام بدأ موسم تسويق التفاح بداية أيلول نتيجة عدم نضج الثمار، وترك الفلاح للمنتج لينضج بالشكل الأمثل ليسلمه للدولة، بعد أن حددت الوزارة تعليمات التسويق بأن يكون التفاح محققاً المواصفات الجيدة، ومن توفر لديه منتج سليم سلمه للجهات المعنية.
تردي جودة الثمرة
وأردف رئيس مكتب التسويق: نعمل كاتحاد على توجيه الفلاح وفق ما أصدرته الوزارة، حيث عقدنا اجتماعات تخصصية للفلاحين المنتجين في الروابط الفلاحية لشرح المواصفات، وسياسة التسويق، علماً أن أكثر من نصف الإنتاج لا يمكن تسويقه بسبب العوامل الجوية التي أدت إلى تردي جودة الثمرة، فالتفاح غير المحقق للمواصفات سوقه الفلاح للأسواق الخاصة، ونحن غير راضين عن موسم التسويق، لأن المنتج غير محقق المواصفات، ويضم مهنا صوته لصوت المزارعين بأن تكون المكافحة حيوية لشجر التفاح، لأن الرشات المتتالية تكلّف الفلاح أعباء إضافية.
منافسة القطاع الخاص
وختم رئيس مكتب التسويق بالقول: نتابع مع الفلاح للوصول إلى منتج خال من جميع الأمراض، وصالح للتسويق والتصدير، ونطلب من الجهات المعنية الاستمرار بدعم الفلاح، وتقديم كل المستلزمات المطلوبة لكافة المحاصيل، كما طالب بضرورة إيجاد سياسة معينة للتدخل الإيجابي من أجل خفض أسعار مستلزمات الإنتاج مرتفعة الثمن، وتأمين جهة حكومية منافسة للقطاع الخاص من أجل الحد من ارتفاع الأسعار، وتحقيق الفائدة للمزارع والمواطن بآن واحد.
23 ألف طن
تبلغ المساحة الكلية المزروعة بالتفاح في المحافظة لموسم 2018/3418,6/ هكتاراً، ويصل عدد الأشجار الكلي المزروعة/1073198/ شجرة، عدد الأشجار المثمرة منها/986567/ شجرة، وذلك حسب المهندس محمد حسن، رئيس دائرة الإنتاج النباتي في زراعة طرطوس، كاشفاً أن إنتاج المحافظة المتوقع من التفاح /23000/ طن، حيث تحتل الدريكيش المنطقة الأولى في الإنتاج، وبلغ الإنتاج فيها /13287/ طناً، تليها منطقة صافيتا بإنتاج /6950/ طناً، ثم بانياس فالقدموس، مشيراً إلى أن صنف الغولدن من أكثر الأصناف التي تزرع في طرطوس، ثم الستاركن، مع أصناف محلية أخرى.
خدمات الزراعة
وأوضح حسن أن مديرية الزراعة تقدم دعماً فنياً من خلال وجود مراكز التنبؤ المبكر لمرض جرب التفاح، ودراسة تطور المرض بشكل وبائي لمكافحته والحد منه، كما تقوم بتنفيذ مدارس حقلية لمزارعي التفاح، يتم فيها تقديم المعونات الفنية، والبرامج الإرشادية حول زراعة وخدمة وجني المحصول، إضافة إلى تقديم الدعم الفني من قبل الوحدات الإرشادية التي تقوم بجولات على الحقول لتقديم أية مساعدة تلزم.
وبدوره أكد علي سليمان، مدير فرع السورية للتجارة في طرطوس أن التعليمات الوزارية تنفذ، وتتم مساعدة الفلاحين ضمن المستطاع، وعملية التسويق مستمرة بعد أن تم إرسال الصناديق لكافة المناطق لاستلام الكميات حسب المواصفات، مبيّناً أنه تم اعتماد الأسعار التأشيرية، الاكسترا 250 ليرة للكيلوغرام، والنوع الأول 230 ليرة من التفاح الأحمر، و220 للأبيض، و210 للموشح.
التشجيع على الإنتاج
وبدورنا نرى إن كان التفاح الذي سيطرح في الأسواق سليماً أم مصاباً، النوع الأول أو الثالث، فلابد من استجرار كامل إنتاج المزارع من التفاح، على أن يؤخذ المصاب بسعر الكلفة، “والفلاح راض”، بما يحقق الفائدة للمزارع والمستهلك، الأمر الذي يشجع المزارع على الإنتاج، والاهتمام بالشجر أكثر، والثقة بالجهات المعنية أكثر وأكثر!.
دارين حسن