اقتصادصحيفة البعث

أرقام سوق التأمين تعلن ملامح انتعاش اقتصادي متسارع تدفق المستوردات يرفع نسبة نمو تأمينات النقل 90 بالمئة و”السورية للتأمين”تحل ألغاز القطاع..

 

 

تبدو مؤشرات سوق التأمين السورية بحاجة إلي إعادة قراءة متأنية ليصار إلى تصويب التصورات القديمة عن القطاع وبلورة وقائع واضحة لدى صاحب القرار التنفيذي بما يحسب حسابات دقيقة لحضور هذا المكون الفاعل في المشهد الإقتصادي العام

أقرب للواقع
ولدى الخوض بتفاصيل كل منتج يرى مدير عام المؤسسة السورية للتأمين إياد الزهراء أن أرقام التأمين الصحي هي أقرب لواقع الالتزامات المدفوعة، وذلك لكون السداد في هذا الملف يتم شهرياً، على خلاف باقي أنواع التأمين التي تحتاج إلى وقت لتصفية عقودها، وتأخذ العقود فيه طابع تحمل الخطر باحتمالية عالية لمدة عام كامل، وبالتالي يبرز دور قرارات هيئة الإشراف على التأمين بأسس احتجاز الاحتياطيات اللازمة لناحية حصة الأخطار السارية، واحتياطيات التعويضات المعلقة والحوادث التي وقعت ولم يبلّغ عنها، إضافة إلى احتياطيات الدعوى القضائية وأثر الأحكام المتغيرة عليها لناحية استمرار الدعوى القضائية لمراحل التقاضي الثلاث أو في مراحل التحكيم إن لجأ المتضرر إلى الأخير.

مقاربات
كما يمكن قراءة منعكس الأقساط المسجلة في هذا القطاع لناحية المبالغ المؤمنة مقابل هذه الأقساط، وبشكل وسطي، مع تعدد أنواع المخاطر ووجود 13 شركة تأمين تعمل في إطار تنافسي في مجال التغطيات والأسعار، فبإجراء مقاربة لأقساط فرع الحريق مثلاً نجد أنه عندما يبلغ حجم أقساط المؤسسة 1.2 مليار ليرة، يكون المبلغ المضمون والمؤمن لدى الشركة يقارب ألف مليار ليرة سورية وذلك وفقاً لنسبة وسطية 0.001%، واعتبر الزهراء أن نسبة نمو تأمينات الحريق التي بلغت 33% بمبلغ أجمالي قارب الـ880 مليون ليرة هي مؤشر على انطلاق عجلة الإنتاج، والتوسع الحاصل على مستوى المشاريع السياحية وبعض المشاريع الصناعية ومحطات الطاقة التي دخلت بالخدمة بعد إصلاحها وتوفر وقود التشغيل اللازم لها، لافتاً إلى وجود نشاط ملحوظ لوكلاء المؤسسة في المشاريع الخاصة على مستوى أعمال القطاع الخاص بعد عودة المناطق الصناعية والمدن الصناعية للعمل، والذي تركز في منطقة عدرا الصناعية ومنطقة الشيخ نجار.
وما ينسحب على أقساط الحريق، ينسحب أيضاً على أقساط التأمين الصحي الذي بلغ حجم أقساطه في المؤسسة نحو 5 مليارات، يقابله 9 مليار ليرة تعويضات مرصودة حسب آخر النتائج المسجلة، وينسحب كذلك على أقساط فرع التأمين البحري، التي قاربت أقساطه 800 مليون ليرة، فبالتالي تكون قيمة البضائع المؤمنة تقارب 160 ملياراً، مما يعني بالنتيجة أنها مخاطر عالية جداً، وأقساط نسبية بسيطة جداً، مع الإشارة هنا إلى ارتفاع نسبة نمو هذا النوع من التأمين إلى 90% مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي، وذلك نتيجة زيادة حجم المستوردات خلال العام الحالي والتي تخص بمعظمها مشاريع رئيسية حكومية هامة، وتتعلق بالجانب الغذائي والصحي والتنموي لبعض مشاريع الطاقة الكهربائية ومشاريع الاتصالات.

حصة أكبر
وعزا الزهراء ارتفاع نسبة النمو في تأمينات المركبات بشقيه الإلزامي والتكميلي والتي بلغت 56% بمبلغ إجمالي وصل إلى عتبة 5.3 مليارات ليرة، إلى سياسة عمل المؤسسة لتلبية حاجة المؤمّنين خاصة لجهة تأمين المركبات التي وصل عمرها لغاية 30 عاماً، إذ أكد الزهراء أن المؤسسة هي الوحيدة التي تؤمن هذا النوع من المركبات، فيما اعتبر أن السبب الثاني يرتبط بتوزع كتلة التأمين الإلزامي الذي أقرته هيئة الإشراف على التأمين وربطه بالإنتاج مع باقي فروع التأمين، وبما أن حصة المؤسسة تفوق الـ70% من سوق التأمين، فمن الطبيعي أن تكون لها الحصة الأكبر من إجمالي التأمينات الإلزامية، مبيناً أن مبلغ التعويضات المسجل كمبالغ مدفوعة يقارب الـ1.2 مليار ليرة.
فيما علل الزهراء انخفاض نسبة نمو تأمينات الحياة بنسبة 60% عن الفترة المماثلة من عام 2017، بأنه ناجم عن تصفيات عقود سابقة، وتسديد تعويضات مقبولة ناجمة عن دفع الالتزامات المستحقة لأصحابها.

أخطار خاصة
وأوضح الزهراء أن بند الأعمال المقبول من الشركات بأنه عبارة عن تشارك المؤسسة بتغطية بعض الأخطار الخاصة بالمشاركة مع شركات التأمين الخاصة للمعامل والجامعات ومعامل الأدوية ومستودعات المواد الغذائية للقطاع الخاص المؤمنة لدى الشركات الأخرى، تتركز معظم هذه الأقساط في فرع تأمينات الحريق والسرقة والنقل البحري ضمن شروط وآليات تتقارب في آلية العمل مع آلية عمل المؤسسة لناحية الأسعار وشروط التغطية، لتكون المحصلة النهائية لإجمالي الأقساط المسجلة لدى المؤسسة في هذا البند ما يقارب الـ13 ملياراً بنمو يقارب 31.95%، وبلغت قيمة التعويضات المدفوعة في المؤسسة نحو 6.8 مليارات بنسبة نمو 17.7%، وهو مؤشر على أن تعويضات العام الحالي أكبر من تعويضات العام الماضي.
وبالعودة إلى التقرير نصف السنوي حول نتائج أعمال سوق التأمين السوري، فقد سجل حجم أقساط قارب 17.7 ملياراً خلال النصف الأول من عام 2018، أي بنسبة نمو27% عن الفترة المقابلة للنصف الأول من عام 2017، بينما بلغ حجم الأقساط المسجلة في فروع التأمين المختلفة للمؤسسة السورية للتأمين ما يقارب الـ13 ملياراً بنمو يقارب 30% عما يقابله من الفترة نفسها للعام السابق، حيث سجلت 9.8 مليارات ليرة.
وفي سياق متصل بيّن الزهراء أن أس معاناة قطاع التأمين حالياً يتمحور حول عدم وعي المؤمنين لناحية الضمان الحقيقي للممتلكات بما يتوازى مع قيمها الحقيقية بعد تعديل سعر الصرف، وتحديداً من ناحية إعادة تقييم مطارح التأمين ليكون التعويض كاملاً في حال تحقق أية مطالبة مشروطة، واعتبر الزهراء أن التضخم ساهم بشكل كبير بعدم الوعي هذا، ليبين أنه عندما لا يكون التعويض كاملاً بسبب عدم إجراء التعديل على مبالغ التأمين، ستضطر شركات التأمين لتطبيق مبدأ النسبية في التعويض، ولاسيما أنه أمر قانوني ومعتمد بشكل رسمي في جميع وثائق التأمين
واعتبر الزهراء أن الأقساط والتعويضات التي تقارن اليوم ربعياً بنظيراتها لأعوام خلت، بعد صدور الميزانيات السنوية النهائية للشركات، وإجراء كل عمليات الاحتساب اللازم، هو مؤشر لتحرك عجلة الاقتصاد وأثر استقرار سعر صرف العملات على العملة المحلية والتي بدورها تشكل عامل أمان في أي استثمار مهم أو حراك اقتصادي.

ختاماً
يمكن القول: إن تراكم إحصائيات العمل ومعدل التكرار في الحوادث، إضافة إلى مؤثرات الخطر في المنتج التأميني، تشكل دليلاً وآليات عمل لأية شركة تأمين لإيجاد أنماط للتغطيات والتسعير المختلفة، ويبقى من المهم جداً أنه لدى دراسة هامش الملاءة للشركات، تعطي مؤشراً على استقراء القدرة الدائمة على الاستمرار والاكتتاب وقبول الأخطار وحجم هذه الأخطار المقبولة والمسموح لها بقبولها في ظروف التشغيل الطبيعية من رأس مال عامل واستثمارات ذات مردود عالٍ ونظم إعادة التأمين المتطورة والمدروسة لشركات إعادة التأمين بملاءة عالية إلى جانب السمعة العالمية قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
فاتن شنان