عملاً بوصيتها.. الفنانة الألمانية أورسولا باهر توارى الثرى في دمشق
دمشق-البعث:
بحضور رسمي وشعبي، أقيمت في كنيسة اللاتين بدمشق صلاة جنائزية على روح الفنانة الألمانية أورسولا باهر، يوم أمس، والتي عاهدت نفسها على أن توارى الثرى في دمشق، حباً بسورية والسوريين، وتقديراً لتضحياتهم وحضارتهم.
وفي كلمة لزوج الفقيدة، بيّن السيد مارسيل ماتريس أن أورسولا أعجبت بالوجه الحضاري لسورية وبحب السوريين للحياة واستماتتهم في الدفاع عن بلدهم طوال السنوات المنصرمة، ذاكراً أنها سخرت حياتها وفنها للوقوف في وجه الظلم والدفاع عن قضايا الشعوب في مختلف بقاع العالم، الأمر الذي جعلها تؤمن بعدالة القضية التي حارب السوريون من أجلها خلال سنوات العدوان، مشيراً إلى أنها كانت دائماً على يقين بأن الصهيونية العالمية هي المحرّك الأساسي للعدوان الحاصل على أرض سورية، وبأنها المستفيد الوحيد مما يحدث.
وأشار وزير الثقافة محمد الأحمد إلى أننا نشهد اليوم موقفاً مؤثراً وإنسانياً بامتياز، كون الفنانة تنتمي إلى عالم الغرب الذي أوغل في الحرب ضد سورية، لكنها أبت إلا أن تقف في صف الحق وتواجه سياسات الحكومات الغربية، مضيفاً: كانت تقول دوماً أنها تسابق الزمن للقدوم إلى سورية والدفاع عن قناعاتها بخصوص بلدنا الذي تعرّض للظلم من قبل دول تنتمي أورسولا لثقافتها، لكنها تخجل من الانتماء إليها كمواطنة، وتابع: أورسولا قدمت رسالة للبشرية من أرض سورية تتمثّل بأن الشعب السوري يعشق الحياة والسلام والثقافة ويضرب جذوره عميقاً في الحضارة والمدنية، ويمكن القول: إن السوريين فقدوا بموتها نصيراً ثقافياً يدافع عن قضايا سورية في الغرب ويشرح للناس هناك حقيقة الأحداث الحاصلة على أرض الوطن، لافتاً إلى أنه سيتم بعد 40 يوماً من وفاتها طبع كتيب يضم اعمالها ولوحاتها إضافة إلى معرض احتفالي يشارك فيه عدد كبير من الفنانين.
كما أوضح وزير السياحة بشر يازجي أن الفنانة الراحلة تشكّل حالة إنسانية سامية ونبيلة وقفت في وجه الإرهاب الإعلامي وكشفت محاولات وسائل الإعلام الغربية تزييف ما يحصل على أرض الوطن، مشيراً إلى أن أهمية الحالة الإنسانية التي تمثلها أورسولا تكمن في أنها رغم آلامها ومرضها العضال تمنّت أن تمضي أيامها الأخيرة في سورية وأن تدفن في ربوعها، فشكّلت بذلك حالة إنسانية نبيلة وفريدة من نوعها قلما نسمع بها، ذاكراً أن الفنانة الراحلة أقامت معرضاً للوحاتها في دار الأسد للثقافة والفنون، والذي ذهبت عائداته لعائلات الشهداء ولجمعية بسمة التي تدعم الأطفال المصابين بمرض السرطان، وأكمل: إن أورسولا هي من الفنانين والمثقفين الغربيين الذين أبوا الانجرار والسير وراء سياسات العدوان على سورية، والذين عاهدوا أنفسهم على الدفاع عن حقوق الشعوب عموماً وعن قضية الشعب السوري على وجه الخصوص حتى وإن وقفوا في وجه حكوماتهم وأبناء جلدتهم.
وتحدّث الأب أنطون لوكسة الكاهن في كنيسة اللاتين عن الإيمان العميق الذي تميزت به الفنانة الراحلة تجاه سورية، والذي بدا جلياً في لوحاتها وفنها التشكيلي المتميز، مشيراً إلى أن رغبة أورسولا في أن تكون سورية مثواها الأخير، تظهر كيف أن سورية شكلت على الدوام جامعاً للشرفاء والوطنيين من مختلف دول وثقافات وأديان العالم، ومثلت أيقونة حضارية ومدنية على مدى تاريخها الطويل.
وقبل وفاتها بيوم واحد حققت الفنانة الراحلة، التي مرّت بمعاناة طويلة من مرض عضال، حلمها الذي اعلنت عنه مراراً وافتتحت مساء الاثنين الماضي معرضاً لأعمالها في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق ضم 46 لوحة تحاكي بطولات الجيش العربي السوري وصمود ومعاناة أبناء سورية والحرب الإعلامية الموجهة ضدها وتآمر الغرب عليها.