تحديات بالجملة تواجه مفاوضات بريكست
تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي معركة على جبهتين هذا الأسبوع، إذ تقاتل من أجل إقناع وزرائها وإقناع بروكسل أيضاً بخطتها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، في وقت دخلت مفاوضات بريكست منعطفاً خطيراً.
ويتعيّن على ماي أولاً استيعاب تمرد حكومي ضدها، ثم محاولة التغلب على أزمة مفاوضات الطلاق في قمة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، رغم أن إحرازها اختراقاً لا يزال يبدو بعيد المنال.
وبدأ الوقت ينفد في محادثات الطلاق الأوروبي البريطاني، وقد تكون قمة قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع حاسمة في التوصل إلى اتفاق بين لندن وبروكسل. ومع اقتراب خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي في نهاية آذار المقبل، أكّد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة الحاجة إلى تحقيق “تقدم جوهري” في مفاوضات بريكست، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة الحدود الايرلندية.
ووصف رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك القمة التي تبدأ الأربعاء بأنها “لحظة الحقيقة” لخروج منظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أما بالنسبة لماي، فليس عليها فقط أن تفوز بثقة القادة الاوروبيين، بل أيضاً بحلفائها المثيرين للمشاكل في بريطانيا.
وسيبدأ مسلسل العمل الشاق لماي الثلاثاء عندما تناقش مسألة الحدود الايرلندية مع حكومتها، وسط تكهنات بأن وزراء آخرين قد يستقيلوا إذا ما مضت رئيسة الوزراء قدماً في مقترحاتها.
وكتب وزير بريكست السابق ديفيد ديفيس، الذي استقال من منصبه في تموز الفائت احتجاجاً على خطة ماي للطلاق، في صحيفة “صنداي تايمز” أن خطط ماي “غير مقبولة تماماً”، وحضّ الوزراء على “ممارسة سلطتهم الجماعية” هذا الأسبوع.
ولا تريد لندن ولا دبلن ولا بروكسل أن تفرض نقاط تفتيش على الحدود بين ايرلندا الشمالية والمملكة المتحدة، لكن المشكلة لا تزال قائمة بانتظار إيجاد حل لرغبة ماي في مغادرة السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.
واقترحت بريطانيا أن تستمر في اتباع القواعد الجمركية للاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كخيار بديل لإبقاء الحدود مفتوحة، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق تجاري أوسع يجنّب الحاجة إلى نقاط حدودية.
وتقول ماي: إن ذلك سيكون مؤقتاً فقط، لكن المتحدّثة باسمها أجبرت على توضيح هذه النقطة بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن الترتيب “المساند” النهائي لن يكون له تاريخ انتهاء قانوني.
لكن المشككين بالاتحاد الأوروبي يطالبون بتحديد الفترة التي ستواصل فيها بريطانيا التقيّد بالقواعد الجمركية الأوروبية والتي ستتمكن من بعدها من توقيع اتفاقات تجارية مع شركاء آخرين.
وبوسع هذا الاقتراح أن يجعل ايرلندا الشمالية متماشية مع قواعد بروكسل، وبالتالي مختلفة عن باقي المملكة المتحدة.
وأثارت هذه الخطط غضب المتشددين المؤيدين لبريكست في حزب المحافظين اليميني الذي تتزعمه ماي، بالإضافة لحلفائها في الحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية.
ومع احتفاظها بغالبية بسيطة في البرلمان، تعتمد حكومة الأقلية المحافظة على الحزب الوحدوي الديموقراطي أكبر الأحزاب في ايرلندا الشمالية.
والحزب الوحدوي الديموقراطي مؤيد بشدة لبريطانيا، ويؤيد بريكست، ويعارض أي تحركات يمكن أن تضع مسافة بين ايرلندا الشمالية والبر الرئيسي البريطاني.
وكتبت زعيمة الحزب الوحدوي الديموقراطي آريلين فوستر السبت في جريدة بلفاست تلغراف أنّ تهديد حزبها ليس مجرد “استعراض العضلات”، مؤكدة “أن هذا الترتيب لن يكون مؤقتاً”، وأضافت: إنّ ماي يجب ألا تقبل “صفقة مراوغة يفرضها الآخرون عليها”.
وإثر محادثات مع كبار الشخصيات في بروكسل الأسبوع الماضي، أفادت تقارير صحافية أن فوستر قالت: إن عدم التوصل إلى اتفاق خروج هو الأرجح الآن، وفقاً لرسالة بريد الكتروني بين مسؤولين بريطانيين كبار تسربت إلى صحيفة أوبزرفر.
وفي الوقت نفسه، قال جاكوب ريس- موغ النائب في حزب المحافظين والمتشكك في الاتحاد الاوروبي السبت: إن هناك 39 نائباً محافظاً يتشاركون في وجهات نظرهم لن يتوقّفوا عن معارضة الخطط الحالية. وأكد أن بريطانيا لا يمكن أن تقبل “عقوبة بريكست”، وقال: “إذا كان الاتحاد الأوروبي منظمة على غرار المافيا تقول: “إذا كنت تريد المغادرة، فسوف نصيبك في ركبتك، “لذا فالأفضل أن نخرج”.
واقترح بعض الدبلوماسيين في بروكسل أن القادة قد يتحدثون طوال الليل يوم الأربعاء، ويوافقون على الخطوط العريضة لاتفاق بينما ما زالوا في العاصمة البلجيكية لإجراء محادثات أوسع نطاقاً يوم الخميس.
واقترح دبلوماسيون أن يجري القادة محادثات تستمر حتى الليل والموافقة على أطر اتفاق خلال وجودهم في بروكسل تمهيداً لمحادثات أوسع في 18 تشرين الأول.
وإذا لم تستطع ماي أن تقنعهم باتفاق يحترم القواعد الأوروبية المشتركة بشأن التجارة والاستثمار، فمن المتوقع أن تنهار المفاوضات.