اسألوا “فرعون”؟!
الملف الذي سنقلّب وإياكم صفحاته العديدة ليس فريداً بمضمونه أو بتفاصيله، ولا يعدّ من الملفات السرية ولكن يتميّز بأنه من الملفات الطائرة التي جالت على الجهات المعنية كلها، حيث تصفّح صفحاته عدة وزراء تناوبوا على إدارة الدفة الصناعية، إلا أن نهايته مازالت حتى الآن غير واضحة بل تزداد غموضاً رغم وضوح القرائن والدلائل النابضة بالأحكام والحقائق.
وليس بالجديد ما يدور الآن في أروقة المؤسّسة العامة لصناعة الاسمنت التي تسير على خطى مثيلاتها من المؤسسات العامة في رسم ملامح جديدة للصناعة الوطنية، قائمة على قلب الواقع المستوطن في شركاتها وإحداث تغييرات تحول دون سقوطها، ورغم أن الجميع يتكلم بهذا المنطق ويوصي بالتقيّد بهذا النهج الإصلاحي، إلا أن التنفيذ مختلف تماماً ويحتاج للمزيد من القرارات والوقت ليدخل ساحات التطبيق الصحيح. ولاشك أن قضية عقد المستثمر فرعون وملحقاته لاستثمار شركة اسمنت طرطوس تشكّل برهاناً على أن العجلة الصناعية تدور بالاتجاه المعاكس، فهذا العقد بدأ بالعقد رقم (26) /10/4/2008 والذي يتضمن التزامها بتقديم كمية 1450000 طن اسمنت سنوياً، أي بمعدل 362500 طن اسمنت كل ثلاثة أشهر، كما نصّ أنه في حال نقُصت الكمية المنتجة عن الكمية المضمونة خلال أي ربع أو خلال العام، فإن مجموعة فرعون تقوم بتأمين النقص بسعر التكلفة الإنتاجية وكل ما يزيد يتم شراؤه أيضاً من قبل المستثمر بسعر التكلفة، كما يعمل المستثمر على تطوير الشركة ليصل الإنتاج في نهاية العقد إلى 2,15مليون طن سنوياً. لكن ولظروف قدّمها في حينه، فقد زيدت فترة العقد إلى (4,5) أربع سنوات ونصف ومن ثم إلى خمس سنوات، وفي عام 2011 توقف المستثمر “فرعون” عن العمل والإنتاج بحجة الظروف الأمنية، مع العلم أنه خلال السنوات الثلاث التي عمل بها في الشركة لم يستطع أن يزيد الإنتاج أكثر من 1,55مليون طن، وبناء على طلب الشركة وفي بداية شهر حزيران من العام 2014 تمّ توقيع ملحق للعقد وبموجبه تم تمديد مدة العقد الأساسي عشر سنوات إضافية، حيث دخل الملحق حيز النفاذ والتطبيق بداية الشهر الثاني من العام 2016.
واليوم مع عودة هذه القضية إلى ساحة النقاش، وخاصة لجهة الالتزام بالأرقام الإنتاجية التي تتحفظ عليها بعض الجهات، لم يعد من المجدي السكوت عن جميع الحقائق الباحثة عن إجابات واضحة تنهي الجدل الدائر حول نجاح أو فشل التجربة الاستثمارية في قطاع الاسمنت التي تبقى كلمة الفصل فيها مرهونة بالأرقام الإنتاجية والربحية التي ترجح كفة الربح أو الخسارة في قطاع الاسمنت الاستثماري الذي تُقدم شركاته الرابحة على طبق من ذهب، وطبعاً نحن لسنا ضد الاستثمار في أي قطاع ولكننا بكل تأكيد مع الاستثمار الرابح الذي يحقّق المصلحة الوطنية.
فهل ما يحدث هو حقاً لمصلحة الاقتصاد الوطني؟!.
تقول وزارة الصناعة الآن في تصريحاتها المتعاقبة عن العائدية الاقتصادية “اسألوا فرعون”!!.
بشير فرزان