السكن الطلابي في جامعة تشرين إجراءات وتدابير مكثّفة لاستيعاب يتخطى الطاقة الإسكانية المتاحة.. والصيانة وإعادة التأهيل أولوية
لم يكن قطاع السكن الطلابي الجامعي بمنأى عن آثار الأزمة وتداعياتها التي انعكست بظلالها على مجمل جوانب هذا السكن باحتياجاته، ومشروعاته، وخدماته، وتوسعاته جراء تزايد الطلب الشديد على خدمة السكن في جامعة تشرين التي احتضنت الطلبة المسجلين فيها، والقادمين إليها من جامعات أخرى جراء الظروف، فأصبح السكن الطلابي حاجة ضاغطة، في وقت تأثرت فيه مشروعات التوسعة الضرورية لدخول وحدات سكنية جديدة في الخدمة كما كان معتاداً في سنوات ماضية، أما خدمات ومشروعات الصيانة الدورية الضرورية فلم تعد تغطي الاحتياجات اللازمة المعروفة من حيث صيانة التجهيزات، وتجديد المفروشات، وإنجاز كامل الصيانات التي باتت في حدودها الإسعافية الملحة التي تجعل هذه الوحدات قائمة وقادرة على أداء دورها الخدمي والسكني رغم الزيادة الحاصلة في أعداد الطلبة الساكنين فيها، بما يفوق بشكل كبير طاقتها الاستيعابية العادية!.
22 وحدة سكنية
للوقوف على مجمل قضايا وشؤون السكن الطلابي في جامعة تشرين، زارت “البعث” المدينة الجامعية فيها، والتقت الدكتور حبيب محمود مدير المدينة الجامعية الذي أوضح أنه يتوفر في جامعة تشرين /22/ وحدة سكنية موزعة على /14/ وحدة سكنية للإناث، و/7/ وحدات للذكور، وتم تخصيص الوحدة /13/ لطلبة الدراسات العليا، ويتم في هذه الوحدات استيعاب الطلبة في المرحلة الجامعية الأولى، وفي مرحلة الدراسات العليا، أما الوحدة السكنية الثالثة والعشرون في الجامعة ورقمها /19/ بين الوحدات، والمنجزة حديثاً، فقد تم تخصيصها لطلبة المركز الوطني للمتميزين في جامعة تشرين، حيث تم نقل الطلبة المقيمين في الوحدة /13/ إلى هذه الوحدة، وبيّن الدكتور محمود أن هذه الوحدات السكنية طاقتها الاستيعابية العادية 10500 طالب وطالبة، إلا أنه بسبب الظروف الراهنة وآثارها، وفي ضوء الحالة الاقتصادية والمعيشية، والتزايد الكبير في عدد طالبي السكن الطلابي، وعدم القدرة على تأمين سكن بالإيجار جراء الارتفاع المضاعف في إيجارات العقارات، فقد تم رفع عدد الطلبة المقيمين القاطنين في الغرفة الواحدة، بحيث أصبح عدد الذين يتم استيعابهم في وحدات السكن الطلابي في جامعة تشرين ما بين 17- 18 ألف طالب وطالبة، حيث يصل عدد الطلبة المقيمين في شهر الامتحانات إلى 18 ألف طالب.
صيانة إسعافية
وحول توزّع وحدات السكن الطلابي بيّن د. محمود أن وحدات الذكور تتوزع على /3/ وحدات خارج الحرم الجامعي، و/4/ وحدات داخل الحرم مخصصة لطلبة السنة الأولى المستجدين، أما وحدات الإناث وعددها /14/ فهي ضمن الحرم الجامعي، ويتم إجراء الصيانة الدورية للوحدات، وهذه الصيانة ليست شاملة، وإنما صيانة ضرورية إسعافية، لأن الصيانة الشاملة تتطلب احتياجات كاملة، وفي الوقت نفسه تتطلب مدة في حدها الأدنى 6 أشهر، وهذا من غير الممكن حصوله لعدم إمكانية الاستغناء عن أية وحدة سكنية طيلة 6 أشهر لئلا يتم خروجها المؤقت عن الخدمة، وبالتالي بقاء نحو 800 طالب بلا سكن، ما قد يحمّل الطلبة وأهاليهم أعباء وتكاليف مادية كبيرة لتأمين مسكن بديل خلال مدة الصيانة، وإنما تقتصر الصيانة على الأعمال الضرورية الإسعافية كي يبقى وضع الوحدات السكنية مقبولاً إلى حد ما، بما يجعلها تؤمن احتياجات السكن الأولية الضرورية للغرفة من أثاث، وخدمة صحية، وكهربائية، وإنارة، ومياه شرب، وغيرها، ولتكون الغرفة مقبولة للسكن، ولا نقول إنها بمستوى فندقي، مع أن هناك وحدات سكنية لدينا سويتها عالية، وهناك وحدات بمستوى وسط ودون الوسط، ولذلك نسعى لاستبدال أثاثها، وتحسين جاهزيتها بموجب عقود تم إبرامها مع مؤسسة الإسكان كالوحدتين الثانية والرابعة، آملين أن يتم إنجاز هذه العقود المبرمة بالقريب العاجل للإسراع قدر الإمكان باستبدال الأثاث القديم بأثاث جديد.
كادر للصيانة
يؤكد الدكتور محمود أنه رغم كل الظروف والتحديات فإن الصيانات مستمرة ومتتالية، ولا تتوقف لأهميتها وضرورتها القصوى، ويتم إجراء الصيانات من خلال الكادر الموجود في المدينة الجامعية الذي لا يغطي الحاجة، ولذلك فإن المدينة الجامعية بحاجة إلى كادر صيانة أكبر وأكثر عدداً لضمان تأمين صيانة أفضل وأسرع، وللتمكّن من إنجاز أعمال الصيانة عند الحاجة المستعجلة لها، ولاسيما الصيانة الصحية التي تعد من أصعب الصيانات، ولا يمكن التأخر عنها في حالات كتسرب المياه مثلاً، فهي صيانات لحظية، وهنا نأمل– الكلام لمدير المدينة الجامعية– أن يتم سد النقص الحاصل في كادر الصيانة في مسابقات التشغيل، وفي عقود التوظيف القادمة التي يمكن أن تحصل لاحقاً ليتم رفد المدينة الجامعية بكادر الصيانة من كل الاختصاصات كالصيانة الكهربائية، والخشبية، إضافة إلى الصيانة الأهم وهي الصيانة الصحية، وكافة الاختصاصات التي تحتاجها المدينة الجامعية.
استيعاب أكبر عدد
وحول خطة استيعاب الطلبة يقول مدير المدينة الجامعية: نقوم باستيعاب العدد الأكبر من الطلبة، وبالحد الأقصى، ويتم استيعاب جميع الإناث بالمطلق بنسبة 100%، سواء من طالبات الفروع النظرية، أو العلمية على حد سواء، وقد بدأنا باستيعاب الطلاب ممن تقدموا بطلبات الاستمرارية منذ نهاية الصيف، حيث حصلوا على خدمة السكن، وشمل الاستيعاب كل الطلبة الذين راجعوا مديرية المدينة الجامعية من الكليات العلمية والنظرية، سواء من الناجحين أو الراسبين، وأبقينا طلبة الآداب والحقوق إلى ما بعد استيعاب الطلبة المستجدين المسجلين حديثاً في السنة الأولى، على أن تتم العودة لاحقاً إلى الطلبة المستمرين الراسبين والمتأخرين عن تقديم طلبات الاستمرارية، رغم أنه تم تمديد فترة تقديم طلبات الاستمرارية، وأكد مدير المدينة الجامعية أن كل هذه التسهيلات والتدابير تأتي في إطار السعي للتخفيف قدر المستطاع على الطلبة وأهاليهم من تكاليف وأعباء مادية، ومن جهد ووقت، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة، وللحؤول دون تكبيد الطالب مشقة التنقل حتى خلال فترة التسجيل من الجامعة إلى محافظته، ولو كانت قريبة تخفيفاً من أعباء حركة التنقل، بل يتم تأمينه بالسكن ولو كان شرطياً بشكل أولي.
خدمة كبيرة للطلبة
وبيّن د. محمود أن في المدينة الجامعية وحدات سكنية مفرزة للكليات العلمية، ووحدات أخرى مفرزة للكليات النظرية، ولكن قد تحصل هناك حالات تداخل برغبة كبيرة من الطلبة ممن لديهم هاجس السكن، مع معارف وأقارب وأصدقاء لهم بقصد التعاون في تدبير الاحتياجات اليومية الضرورية، بحيث يكون العبء أخف وأقل، وهذا يمكن أن يحصل كهامش اقتصادي معيشي، وأوضح أن طلبة الكليات العلمية يتم إسكانهم واستيعابهم جميعاً بالمطلق، كما تكون الأولوية في الاستيعاب لأبناء المناطق البعيدة قبل القريبة، ومن اللحظة الأولى، ولو كان الطالب راسباً لأجل تأمينه، ويتم التأمين التدريجي حسب البعد الجغرافي، وصولاً إلى المناطق البعيدة في محافظة اللاذقية نفسها، حيث هناك طلبة من أبناء الريف البعيد في المحافظة الذين يحتاجون لقطع مسافة صعبة توازي إلى حد ما التنقل إلى محافظة قريبة لجهة توفر وسائط النقل، واستخدام أكثر من واسطة نقل للوصول إلى منازلهم، ويحتاج هذا إلى وقت طويل على حساب وقت الطالب!.
الأسس المعتمدة للسكن
أما الأسس التي يتم اعتمادها في السكن فيبيّن د. محمود أن التركيز يكون بشكل أساسي على الكليات العلمية، وعلى البعد الجغرافي، ورغم ذلك يكون الحرص شديداً على استيعاب الطلبة فور تسجيلهم في الفرع الدراسي بعد صدور نتائج المفاضلة من خلال الاستعانة بقرص (CD) لئلا يتم الانتظار إلى حين استكمال إجراءات تسجيل الطالب، والغاية من ذلك مساعدته في سرعة تأمين سكن، لأن عملية التسجيل تأخذ وقتاً متاحاً قد يقتضي من الطلبة حضور محاضرات، ولاسيما الكليات العلمية التطبيقية، ويتم التسجيل للطالب تسجيلاً شرطياً لحين استكمال التسجيل، ليصار لاحقاً إلى تحويله لتسجيل نظامي، وهذا يوفر على الطلبة وأولياء الأمور الكثير من التسهيلات والتكاليف، وعن تسجيل الطلبة المستجدين أوضح د. محمود أن أبناء الشهداء والعسكريين يتم تسجيلهم وإسكانهم فوراً في المدينة الجامعية، ولهم الأولوية في الحصول على خدمة السكن، مشيراً إلى أنه لغاية تاريخه تم إسكان 2800 طالب مستجد، ولايزال الاستيعاب مستمراً، حيث من المتوقع أن يصل العدد الكلي للطلبة القدامى والمستجدين إلى 17 ألف طالب، مع محاولة استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلبة، لأن الإيجار السكني الخاص خارج المدينة الجامعية مرتفع جداً، حيث يصل إيجار السرير الواحد شهرياً وفق المتداول 22 ألف ليرة، في حين يدفع الطالب الحاصل على سكن جامعي في المدينة الجامعية 300 ليرة سورية شهرياً مع خدمات متكاملة.
جاهزية الوحدات السكنية
أكد د. محمود أنه في ضوء ما تقدمه المدينة الجامعية من خدمات اجتماعية، واقتصادية، وسكنية للأبناء الطلبة، فإن الحفاظ عليها والعناية بها واجب على الطلبة لأنها منجز حضاري توفره الدولة لخدمة ورعاية أبنائها، ولاسيما أن الحفاظ عليها سبيل لضمان ديمومتها واستمراريتها، حيث لا توجد حالياً وحدات جديدة قيد التعاقد أو قيد الإنجاز، لأن جميع الوحدات السكنية مستلمة وموضوعة في الخدمة، وفي موازاة ذلك فإن الحاجة ضرورية لإجراء تغيير للأثاث الخشبي الموجود في الوحدات السكنية القديمة، وإجراء صيانات شاملة لبعض الوحدات لأن لها /30/ عاماً في الخدمة، ومن شأن إجراء صيانة شاملة لها وإعادة تأهيلها أن تعود بصورة كاملة إلى الخدمة المتميزة، وأن تعود بجاهزية أفضل، بما يجعلها قادرة على أداء وظيفتها الخدمية الإسكانية التي نلمس في هذه الآونة أهميتها بشكل كبير في ظل ارتفاع غير مسبوق في أجور العقارات، وبالتالي فإن الحرص على أثاثها وجاهزيتها واجبنا جميعاً من كادر إداري، وفني، وخدمي، وفي المقدمة واجب الطلبة لتبقى مدينتهم الجامعية في حالة جاهزية دائمة ومستمرة.
مروان حويجة