الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

أرسولا بير.. تنتصر للياسمين

 

وصلت السيدة الألمانية إلى دمشق ترافقها لوحاتها التي رسمتها متضامنة مع سورية، منذ بداية الحرب وقبل هذا عرفت بالناشطة الصديقة لسورية الجميلة وآلمها ما تتعرض له من تآمر وإرهاب مدجج بآلة ضخمة من الإعلام والمال والحقد للنيل من الشعب السوري، فشاركت في حملات التضامن والوقفات الاحتجاجية ضد التدخلات الغربية وعدوانها، كما ساهمت في تعرية الرأي الغربي وكذب ادعاء الحكومات الأوروبية .
اختارت السيدة الفن علاجا لمقاومة المرض الذي يفتك في جسدها مثلما وجدت نفسها في خندق المدافعين عن الحق والسلام، والتزمت بفكرتها النبيلة المنتمية لفضيلة الجمال لتدافع عن موطن الجمال والحضارة، وعملت على رسم نهايتها الأكيدة لتقهر المرض والموت وتختار دمشق سريرا لأبديتها المبدعة، إذ أقامت معرضا للوحاتها قبل وفاتها بساعات في دار الأوبرا ورافقت ضيوفها على مقعدها المتحرك، ترفع شارة النصر بيد والأخرى تقبض على باقة من الياسمين.. أي جمال هذا؟! وأي نهاية ستليق بهذه الروح الخلاقة؟.
لوحاتها الموزعة على جدار الأوبرا فيها مشاهد من الحرب التي مرت وملامح جنودنا الذين نعرفهم في مطار أبو ظهور وحلب ودير الزور وكل المواقع على امتداد ساحات القتال والعزة.. هذه الفنانة التي تقدس البطولة رسمت مناراتها البواسل في أكثر من أربعين لوحة يعود ريعها لصالح جمعية بسمة لمعالجة مرضى السرطان، هذا الدور النبيل سيفتح الباب واسعا أمام وعي أهل الفن أولا لخطورة دورهم الذي سيلعبونه في التأثير على المجتمع، ولفت نظر التاريخ ليسجل خطواتهم ولمساتهم الإنسانية حيث لا قهر ولا عدوان، يدافعون عن قيم آمنوا وعاشوا لها وبها وتمثلوها إبداعا ومحبة.
هذه الفنانة الفطرية تفوقت على كل المهارات الفنية بما امتلكت من روح تقارب السماء، مؤمنة بالعاطفة الحقيقية التي تجعل من الجمال ممكنا ومقاوما، حين رسمت بإصرار العاشقين خطواتها نحو دمشق متفوقة على الألم الذي أنهك الجسد ولم يقتل عزيمتها وإيمانها بأن الموت الذي ينتظرها لن يكون في دمشق إلا حياة لها ولفنها ولعاطفتها النبيلة.. شكرا أرسولا.. سنذكرك دائما معرّشة فوق شرفاتنا مثل طهارة الياسمين.
أكسم طلاع