لماذا تعمل لمصلحة مجرم؟
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع واشنطن بوست 13/10/2018
السؤال الذي ربما يواجهه قريباً عدد من الجنرالات السابقين والدبلوماسيين والجواسيس هو: لماذا تعمل لمصلحة مجرم؟، يبدو أنه على العديد من الأمريكيين أن يستعدوا للإجابة عن هذا السؤال.
في كل عام، توظف المملكة العربية السعودية، عن طريق استشاريين أو وسائل أخرى مجموعة من الجنرالات الأميركيين المتقاعدين والدبلوماسيين وخبراء الاستخبارات وغيرهم. وحتى الآن، استطاعوا أن يؤكدوا أن هذا كان مكسباً للجانبين: ليس مربحاً لهم، فحسب، بل أيضاً تعزيز للتفاهم المشترك مع حليف مهم للولايات المتحدة.
الآن تغيّرت المعادلة مع ازدياد الأدلة التي تثبت تورط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في اسطنبول. إذاً كيف يمكن لكولونيل متقاعد من سلاح الجو على سبيل المثال أن يفسّر عمله عندما تسأل ابنته: أبي لماذا تعمل لمصلحة مجرم؟!.
قد يجيب حسناً، إن ذلك يساعد على دفع مصروفاتك الدراسية في المستقبل، كما أنه مكنني أخيراً من السفر على درجة رجال الأعمال. الرياض ليست نزهة، لكنهم دائماً يقضون بضع ليالٍ في فندق خمس نجوم في لندن أو أبو ظبي في طريق الذهاب والإياب. وإذا لم أقم بذلك فسوف يقوم به شخص آخر.
هذا هو جواب الرئيس ترامب، على الأقل حتى الآن نعم، ربما ارتكب السعوديون جريمة شنيعة، لكن الرئيس قال “إنهم ينفقون 110 مليارات دولار لشراء معدات عسكرية ومستلزمات أخرى إذا لم نقم ببيعها لهم، فسيقولون حسناً، شكراً لكم، سنقوم بشرائها من روسيا.
بالنسبة للتحدي الأخلاقي لرجل أعمال، قد لا يكون هذا إلاّ حساً سليماً. بالنسبة للوطني فإن الجدل من الواضح أنه غير شرعي، إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد للتضحية بموقفها الأخلاقي مقابل 110 مليارات دولار، معظمها لن يتحقق إطلاقاً، ولكن لا تمانع في ذلك، فلماذا ينبغي على أي دولة أن تتطلع لقيادتها أكثر من أي وقت مضى؟.
عند مشاهدة ابنته له وهو يحاول إيجاد تبرير، فإن العقيد المتقاعد يفهم ما لا يفهمه ترامب، فلا يمكن لأي راتب أو عقد عسكري أن يعوّض عن فقدان الاحترام العالمي، لذلك يحاول مرة أخرى. يقول: “كما ترى، إننا بحاجة لمساعدة السعودية للوقوف في وجه إيران”. أوه ،”ترد، على أمل أن تكون هذه الإجابة أكثر إرضاءً، ما الذي يجعل إيران سيئة للغاية؟ وهل المملكة العربية السعودية أفضل؟ حسناً..” يجيب، “لا.. ليس تماماً، في الوقت الراهن، تخشى الابنة أن تسأل، وماذا عن المملكة العربية السعودية”؟!.
صمت العقيد أمام هول جرائم الحرب السعودية في اليمن، عربات الأطفال التي تم تفجيرها، و400000 طفل يعانون من سوء التغذية، أسوأ وباء للكوليرا في التاريخ الحديث.
خيّم الصمت، وهو يفكر بفظاعة هذه الجريمة التي حدثت في اسطنبول، حتى في الفترة التي تتآكل فيها الأعراف تتخلّى الولايات المتحدة عن دورها. يفكر العقيد فيما حلّ بـخاشقجي، الذي كتب العام الماضي: “أستطيع أن أتكلم عندما لا يستطيع الكثيرون.. السعودية لم تكن كما هي الآن، نحن السعوديين نستحق الأفضل”.
يهزّ العقيد رأسه وهو يتساءل: كيف يمكن أن ينظر إلى هذا الرجل من قبل ولي العهد كعدو، كيف يمكن استدراجه إلى مجمع دبلوماسي سعودي ومن ثم، إذا كانت التقارير التركية صحيحة، يُقتل وتُقطع أوصاله. ويفكر، هل من الممكن أن أعمل لصالح هذا النظام، واستمر في النظر إلى نفسي في المرآة كل صباح؟.
وهو السؤال الذي ينبغي علينا، كأمة، أن نسأله لأنفسنا الآن، حتى ولو كنّا لا نزال بحاجة إلى نفط السعودية، وهو ما لا نحتاجه، حتى لو كانت السعودية حليفاً قوياً ومبدئياً في المنطقة والحقيقة هي ليست كذلك، حتى لو اشترت الأسلحة التي يعتقد ترامب أنها سوف تشتريها. هل يمكن أن تكون صداقتها المفترضة تستحق التملّص من قتل أحد الناقدين الذي كانت جريمته الوحيدة هي قول الحقيقة؟ هل هذا البلد الذي نريده؟!.