ليسوا استثناءاً..!
رغم شح المعلومات حول اللقاء التشاوري الأول لحاكم مصرف سورية المركزي مع مديري المصارف العامة والخاصة، إلا أننا يمكن توظيفه ضمن سياق العمل باتجاه مرحلة مصرفية جديدة..!
ولعل أبرز ما تتطلبه هذه المرحلة إذا ما أردنا بالفعل تجليات تنموية تنبثق عمن سيسهمون بصياغة رؤيتها، هو تعزيز دور المصارف الخاصة كمكون أساسي في المشهد المصرفي، وليس استثنائياً أو رديفاً، وهذا الأمر مرتبط بما ترسمه هذه المصارف من استراتيجيات لها، ومدى مواءمتها مع المتطلبات التنموية للمرحلة المقبلة على المستويين الاقتصادي الإنتاجي، والاجتماعي..!.
فعلى مدى سنوات العمل لهذه المصارف، لم نلحظ لها –للأسف- ذلك الدور الاستثماري ولا حتى الاجتماعي إلا بالحدود الدنيا، ما يحتم عليها الاضطلاع بالمفهوم التنموي الفعلي للاقتصاد والمجتمع، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية وعدم تبديدها عبر التصنيع الشامل لها، وتقليل البطالة السافرة والمقنعة، والاهتمام بالعنصر البشري، وتحقيق التنمية النفسية والعقلية له من خلال التعليم والتدريب، وإيجاد الحوافز واعتبار الإنسان غاية التنمية وأداتها، لا أداة لها فقط..!
نعتقد أن ما سبق يمكن تغيير الصورة النمطية للمصارف الخاصة التي اتجهت خلال سنوات ما قبل الأزمة إلى تمويل المشاريع الخدمية (كشركات النقل والشركات العقارية) الأكثر ضمانا من المشاريع التنموية الصناعية التي تتطلب فترة زمنية أطول للتسديد، ناهيك عن أن نجاح المشروع الصناعي والتنموي غير مؤكد للبنك، لذلك يقدم البنك تسهيلات للنوع الأول ويضع شروطاً صعبة للثاني للحيلولة دون الإقبال عليها، على اعتبار أن البنك يخشى تمويل الشركات غير المنافسة خوفاً لتعرض منتجاتها للكساد وبالتالي إفلاسها وعدم استطاعتها تسديد ما يترتب عليها من أقساط..!
بالمقابل لا تتحمل المصارف الخاصة كامل المسؤولية في هذا الاتجاه، إذ ربما ثمة ما يقيد نشاطها من الضوابط الصادرة عن المصرف المركزي، إذ كثيراً ما نسمع مثل هذا الكلام لدى محاججة بعض مديري ومفاصل هذه المصارف لجهة إعطاء المزيد من التسهيلات الائتمانية وتحديداً تلك المتعلقة بالتمويل السكني..!
تبقى الإشارة إلى أن تناولنا للمصارف الخاصة لا يعني بالضرورة أن نظيرتها العامة بأحسن حال منها، وإنما يأتي حديثنا هذا لما يعوّل عليها لجهة توسيع مشاركتها في العملية التنموية، خاصة أنها تمتلك خبرات مصرفية مشهوداً لها، وبالتالي من حق اقتصادنا عليها المساهمة بتطويره لمستوى مصاف الاقتصادات الإقليمية على أقل تقدير..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com