“لوفيغارو”: قضية خاشقجي تمهّد للإطاحة بـ”ابن سلمان”
وضعت قضية اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي النظام السعودي والمدافعين عنه في العالم في ورطة كبرى، بعد التأكّد من ضلوع محمد بن سلمان في تصفيته بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في اسطنبول مباشرة في عملية أمنية مكشوفة، بينما تفنّنت الصحف التركية والغربية في نشر فيديوهات وسيناريوهات تشير إلى عملية اغتيال وحشية تعرّض لها خاشقجي على أيدي أعوان ابن سلمان.
فقد نقلت مصادر أنّ ما تسمّى “هيئة البيعة” تجتمع منذ أيّام للنظر في وضع ولي عهد النظام السعودي، وتحدثت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسيّة، في عددها الصادر أمس، نقلاً عن مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع، عن أنّ الهيئة “تتابع بأعلى درجات الاهتمام والسرية، مسألة تعيين وليّ لوليّ العهد، يرجح أن يكون السفير الحالي في واشنطن، تمهيداً لعزل شقيقه الأكبر ولي العهد محمد بن سلمان”.
وقد أكد مصدر سعوديّ في الرياض الخبر، وتحدّث أيضاً عن أنّه “إذا تمّ تعيين خالد كوليّ لوليّ العهد، فإنّ ذلك يعني أن شقيقه سيغادر منصبه في المستقبل القريب، أيّ أنّ فرع عائلة سلمان سيحتفظ بالسلطة، وتلك هي أولوية سلمان”.
وقالت الصحيفة: “في الوقت الراهن، يبدو أن العائلة المالكة السعودية تعيد النظر في وضعية ولي العهد الذي تحوم حوله الشبهات، مع تزايد الضغوط الدولية؛ وخاصة أن الفريق الذي يضم 15 عنصراً وأرسل إلى اسطنبول يوم اختفاء خاشقجي، مقرّب من ولي العهد”.
وناقشت الصحيفة الفرنسية في تقريرها الوضع الحاليّ في مملكة الرمال، مشيرةً إلى أنّ “ولي العهد السعودي بكسره للتوافق بين أمراء الصف الأول، المنحدرين من الفروع المختلفة للعائلة الحاكمة، خلق لنفسه الكثير من العداوات داخل العائلة، وفي صفوف الحرس الوطني الذي تمّ فصل قائده الأمير متعب بن عبد الله العام الماضي”.
وبالإضافة إلى ذلك، أكدت “لوفيغارو” ظهور الكثير من المعادين لوليّ عهد النظام خارج حدود المملكة، بسبب حربه على اليمن وتقاربه مع “إسرائيل”، وأشارت إلى أنّه “منذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، قام بوضع كل السلطة تقريباً -الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية- تحت قبضته.
من جانبها، قالت صحيفة “يني شفق” التركية أمس: إن الشرطة التركية بدأت بالتفتيش في ثلاث مناطق توجّهت إليها سيارات تابعة للقنصلية السعودية بإسطنبول، وكشفت أيضاً عن مقتل الملازم بسلاح الجو مشعل سعد البستاني (31 عاماً) في حادث سير بالرياض، وذلك بعد رجوعه من اسطنبول.
وحسب الصحيفة المقرّبة من النظام التركي، فإن الملازم البستاني كان في اسطنبول وعاد بعد تنفيذ عملية تصفية الصحفي خاشقجي، وهو واحد من بين 15 سعودياً كانوا داخل القنصلية خلال وجود خاشقجي هناك، وعنونت أن “الرياض أسكتت أول شخص متهم في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”.
يُذكر أن فريقاً مكوّناً من 15 سعودياً معظمهم يعملون في السلك الأمني والعسكري، ومن بينهم البستاني، وصلوا مطار أتاتورك بإسطنبول صباح 2 تشرين الأول وهو اليوم ذاته الذي دخل فيه خاشقجي إلى قنصلية بلاده في اسطنبول ولم يخرج منذ ذلك الحين، كما أنّ الفريق نفسه كان موجوداً داخل القنصلية خلال وجود خاشقجي.
ويُعتقد -حسب الصحيفة- أنّ حادث المرور الذي أودى بحياة البستاني، ليس من باب المصادفة، ومن المحتمل بدء عملية تصفية لأعضاء الفريق الذي يُعتبر هو المسؤول عن مقتل خاشقجي.
يأتي ذلك فيما طُرح في الكونغرس الأمريكي مشروع قانون يقضي بتعليق جميع صفقات بيع الأسلحة إلى الرياض على خلفية اختفاء خاشقجي.
ويقضي مشروع القانون المطروح في مجلس النواب بفرض حظر على تقديم أي دعم أمني من الحكومة الأمريكية إلى النظام السعودي ما لم يتخذ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قراراً بشأن ما إذا كانت السلطات السعودية متورطة في قضية خاشقجي.
وقُدّم المشروع من مجموعة من النواب على رأسهم السيناتور الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، جيم ماك غوفرن، وهو الرئيس المشارك للجنة حقوق الإنسان في المجلس.
وشدّد ماك غوفرن في بيان له على وجود أدلة تثبت مسؤولية السلطات السعودية عن اختفاء خاشقجي، قائلاً: إن الشعب الأمريكي يستحق معرفة الحقيقة وإن حكومته لن تموّل أي نظام متورط في “الانتهاكات الدنيئة لحقوق الإنسان”. وأشار السيناتور إلى ضرورة أن يتخذ العالم المتحضر موقفاً حازماً إزاء القضية، واصفاً اختفاء الصحفي بأنه أمر وقح وفظيع ومرعب.