مع استمرارها ظاهرة زواج الأقارب.. أمراض وراثية وإعاقات مختلفة.. والأطفال ضحايا العادات الاجتماعية!
بالرغم من وجود طفلين لديه من ذوي الاحتياجات الخاصةا وبالرغم من أن الأطباء أجمعوا على أن مرض أطفاله سببه “زواجه من ابنة عمه”، إلا أنه بقي مصراً على تزويج ابنته السليمة بابن عمها أسوة بالعادات والتقاليد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، هذه الاعتقادات الخاطئة التي مازال للأسف الكثير من الناس متمسكين بها إلى درجة عمياء أودت بهم وبأبنائهم إلى طرق غير صحيحة، متجاهلين أن زواج الأقارب يورث 82 مرضاً، ويؤدي إلى انتقال المورثات الحاملة للأمراض إلى الأبناء باحتمالات كبيرة!.
مراتب نسبية
وانطلاقاً من المثل الشعبي الشرقي الذي يقول: “العرق يمد لسابع جد”، فقد ساد الاعتقاد بأن عادة زواج الأقارب تنحصر بالمجتمعات الشرقية التي ترفض خروج الأبناء عن دائرة الأقرباء في زواجهم، إما لأسباب اجتماعية، أو مادية، لكن الدراسات أثبتت أن زواج الأقارب يشمل العالم أجمع، فمتوسط نسبة زواج الأقارب يصل إلى 10% ، وينتشر في العديد من البلدان مثل الهند، واليابان، ووسط أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وينتشر في أوروبا في بلدان مثل اسبانيا، أما في الدول العربية فإن كل زواج عادي تقابله حالة زواج أقارب، فحظي الأردن بالمرتبة الأولى في زواج الأقارب، لتصل نسبة زواج الأقارب إلى 32% من نسبة الزيجات، وتأتي السعودية في المرتبة الثانية بمعدل 31%، يليها العراق في المرتبة الثالثة بنسبة 29%، وبالرغم من أن الدراسات أثبتت أن زواج الأقارب يؤثر على إنجاب أطفال مصابين بالتشوهات والعيوب الخلقية، إلا أن الكثير من العائلات مازالت مصرة على مثل هذا النوع من الزواج!.
أمراض عدة
يجمع الأطباء على أن زواج الأقارب يسبب أمراضاً عدة، فالزواج بين اثنين تجمعهما رابطة الدم لو استمر لعدة أجيال سيكون السبب الأساسي في تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة، فإذا تزوج إنسان بابنة عمته أو خالته أو ابنة عمه أو خاله، وكان كل منهما يحمل العامل الوراثي المتنحي لمرض ما نفسه، فهناك احتمال 25% من أولادهما ستظهر عليهم تلك الصفة، و50% منهم يحملون العامل الوراثي المتنحي دون ظهور أية أعراض، وبناء على ما أكده الدكتور عماد زيود، “جراحة عامة”، فإن زواج الأقارب سبب مهم للإصابة بمجموعة من الأمراض التي تزيد نسبة احتمال الإصابة بها من 15-20%، مثل الصمم الولادي الذي يتضمن تشوهات بالأذن الخارجية، والوسطى، والداخلية، كذلك للوراثة دور مهم في حدوث الساد الولادي، حيث تشكّل الوراثة 20% منه، والزرق المزمن (المياه السوداء)، وخاصة عند زواج الأقارب، حيث يصاب الأبناء لأب مصاب بنسبة 10%، والأحفاد 4%، إضافة إلى أن مرض الربو يعتبر من الأمراض الناجمة عن زواج الأقارب، والذي يبدأ بالطفولة، وكذلك فإن العوامل الوراثية والجنينية تلعب دوراً في التأهب للإصابة بسرطانات الأطفال، وقد دلّت الدراسات على أن هناك الكثير من حدوث الشذوذات الوراثية مثل شقوق الشفة، وقبة الحنك في المجتمعات التي يكثر فيها زواج الأقارب، ناهيك عن أن للعامل الوراثي دوراً كبيراً في انتشار مرض الاكتئاب، وفي الإصابة باضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه لدى الأطفال، إضافة إلى العوامل البيولوجية، والنفسية، والاجتماعية التي تتفاعل مع بعضها لإحداث اضطرابات في سلوك الأطفال المصابين به.
تفرقة عائلية
وبالرغم من التطور والتقدم الذي وصلنا إليه اليوم، برأي الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، إلا أننا مازلنا نجد تلك العائلات التي تعود بك إلى مئات السنين، والتي تحمل في باطنها موروثاً اجتماعياً خاطئاً نابعاً من أن “القريب أفضل من الغريب”، متناسين المقولة التي تتحدث عن أن الأقارب كالعقارب، ومغمضين أعينهم عن جميع المخاطر الصحية التي ستلحق بأبنائهم، والمشكلة عدم وجود قانون يمنع أو يخفف من زواج الأقارب في حال وجود أمراض في عائلة أحد الزوجين، وفي بلدنا نجد أن هذا النوع من الزواج لم يعد سائداً كالسابق، وبقي محصوراً ضمن بعض المجتمعات الريفية التي تحبذ زواج الفتاة من ابن عمها كي تحصر الميراث ضمن العائلة الواحدة، ولكن في أغلب حالات هذا الزواج يحدث تفتيت وتفرقة بين العائلات، وتحيّز لأحد الطرفين، لينتهي الأمر في كثير من الأحيان للقطيعة بين العائلات، حتى لو تم الصلح بين الأزواج، ولا يمكن أن ننكر أن أغلب حالات الطلاق تكون بين زواج الأقارب نتيجة تدخل العائلات بشؤون الأزواج، الأمر الذي ينتهي بالطلاق، لذا لابد في مثل هذا النوع من الزيجات الاتفاق المسبق على ضرورة عدم تدخل أي طرف من الأهل في الحياة الزوجية!.
ميس بركات