منظومة اس300 قواعد ردع جديدة في سورية
د. معن منيف سليمان
يعد تزويد روسيا لسورية بمنظومة الدفاع الجوي /اس300/ انقلاباً استراتيجياً في الميدان العسكري في سورية بشكل يدخل المنطقة في مرحلة تختلف عن سابقتها، إذ إن هذه المنظومة، وهي منظومة دفاعية، سوف تنقل الأجواء والميدان السوري إلى حقل مغلق بإحكام، وفيما يتعلق بتجهيز قوات الدفاع الجوي بمنظومة تحكم ومراقبة مركزية، وإطلاق تقنيات التشويش الكهرومغناطيسي، فإن هذه الخطوات ستدفع الكيان الصهيوني إلى تغيير طريقة عملياته في الأجواء السورية، في إطار قدرة موسكو العالية باستخدام الحروب الالكترونية لإعاقة عمل سلاح الجو الإسرائيلي، وهكذا فإن الأجواء السورية باتت منطقة محظورة الطaيران بالنسبة للكيان الصهيوني، وهذا ما يسمى بالتغيير الجذري في قواعد الردع والاشتباك.
لقد فرضت العملية العسكرية الصهيونية معادلات جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني، فالعدون الإسرائيلي في 17 من شهر أيلول الفائت على اللاذقية، وما سببه من إسقاط لطائرة “ايل 20” الروسية أدى إلى انعكاسات سلبية كبيرة على الكيان الصهيوني، هذه الانعكاسات غيّرت قواعد الاشتباك فوق الأجواء السورية، وبعد ستة أيام من الحادثة، بدأ موقف موسكو يتغيّر بقوة مع الكشف عن خلاصة التحقيق الذي أجرته وزارة الدفاع الروسية، ووصل الأمر إلى إعلان موسكو عن القيام بثلاث خطوات كبيرة: أولها تزويد الدولة السورية بمنظومة صواريخ /اس 300/، وثانيها تجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السوري بمنظومة تحكم ومراقبة مركزية، وآخرها إطلاق تقنيات التشويش الكهرومغناطيسي لمنع عمل الرادارات واتصالات الأقمار الاصطناعية والطائرات.
واليوم بات معروفاً أن هذه المنظومات أصبحت تحت تصرف الدفاع الجوي السوري بشكل مباشر، وسيتم تشغيلها وإدارتها من قبل السوريين، وكان الدبلوماسي الروسي السابق فيتشسلاف موتوزوف قد أكد منذ أيلول الفائت أن المراقبين أشاروا إلى هبوط أربع طائرات شحن روسية في مطار حميميم في اللاذقية، وقال موتوزوف: إن الخبراء الروس يعتقدون أنه ستصل على الأقل خمس إلى سبع مجموعات من صواريخ /اس 300/ إلى سورية، وأوضح أن القرار الروسي الصادر بنقل صواريخ /اس300/ ووسائل الحرب الالكترونية إلى يد الدفاع الجوي السوري جاء نتيجة لوجود خبراء سوريين تدربوا على هذه المنظومة، مؤكداً أن من يشكك بذلك يجب أن يجرب ليرى!.
تمتاز صواريخ /اس 300/ بمداها الواسع الذي يصل إلى /150 كم/، وبدقتها العالية، وقدرتها على الاشتباك مع أي هدف جوي، وقادرة على التعامل مع الجيل الرابع من الطائرات الأمريكية، كما أن تشغيل منظومة التشويش الالكتروني سيجعل الساحل السوري حاجز عمى الكتروني للطيران الصهيوني الذي سيقطع صلة الطائرة المهاجمة بالقمر الصناعي، كما سيقطع صلة الصاروخ بموجهه، فضلاً عن أن مراكز التشويش أصبحت قادرة على تضليل القذائف الذكية التي يطلقها العدو الصهيوني، وبالتالي لن يكون باستطاعة الطائرات الإسرائيلية اختراق الأجواء السورية، ولا حتى وصول القذائف الذكية التي تطلق من مسافة /75/ كم من الحدود السورية إلى هدفها.
لقد كان الكيان الصهيوني يستغل انشغال الجيش السوري على مدى سبع سنوات ونصف في الحرب على “المجاميع” التكفيرية الإرهابية، فيضرب أهدافاً هنا وهناك بذرائع واهية هدفها الواضح رفع المعنويات المنهارة لوكلائه الإرهابيين، أما الآن فعلى هذا الكيان أن يقلق ليس فقط من منظومات صواريخ /اس 300/، بل من منظومات التشويش الالكترونية التي تستطيع تشويه عمليات الرقابة الإسرائيلية، وبالتالي لم يعد المجال الجوي السوري ميداناً مفتوحاً لتدريب الطيارين الصهاينة.
إن الأمر المهم بعد تسليم سورية صواريخ /اس 300/ أن الدفاعات الجوية السورية هي التي ستتولى إسقاط الطائرات الإسرائيلية وتمنعها من شن هجمات في الأجواء السورية، أو توجيه ضربات مستقبلية ضد قواعد الجيش السوري، واضعة بذلك قواعد ردع جديدة من شأنها أن تقلب المعادلات الميدانية في سورية.