ثقافةصحيفة البعث

“لنا مع رابعة”.. برنامج غنائي بطرق بدائية ومغنّين هواة

توسمنا خيراً في ظهور قنوات فضائية جديدة خرجت من رحم الإعلام الوطني السوري، واتسعت فسحة تفاؤلنا أكثر بقناة (لنا) التي لم يمض على ظهورها سوى أشهر قليلة، وقد نجحت في كسب ود الكثير من الجمهور السوري بالتحديد، لكونها قدمت مسلسلات جميلة أعادت جمهورنا من خلالها إلى الأيام الخوالي، وأيام التألق الدرامي الذي شهدته فترة الثمانينيات، لكن وبكل صراحة لم يدم تفاؤلنا بنجاح هذه القناة كثيراً بعدما وصلت إلى مرحلة بث برامج تلفزيونية منوّعة، حيث بدت خطواتها من خلالها عرجاء وغير واضحة، وكما يقال بأن البدايات الجيدة والسليمة لابد من أن توصلنا للنهايات المثمرة التي نريدها ونتمناها، وكان الأوّلى بإدارة القناة البحث عن برامج منوّعة أقوى وأشمل من أجل التأسيس لمرحلة أكثر إشراقاً لقناة مازالت في أولى خطواتها في عالم الإعلام، وقد تابعنا، ولعدة أسابيع برنامجاً أسبوعياً منوّعاً جاء تحت عنوان (لنا مع رابعة)، وهو برنامج غنائي يعرض كل حلقة محافظة من محافظاتنا الجميلة، وهي خطوة جيدة أن نعرف شيئاً ما عن تراثنا الجميل، لكن البرنامج عابه الكثير لكون أولى متطلبات العمل التلفزيوني هو مراعاة الذوق العام، ومعرفة وملامسة طبيعة المجتمع الذي يراد توجيه الرسالة الإعلامية إليه، وعلى الرغم من شيوع هذا العنوان البسيط فإن ثمة خروقات بدأ يشهدها هذا البرنامج، والمتتبع له سيلاحظ دون جهد الغث من الثقافة على أداء المذيعة، سواء أكان في الأداء اللفظي للمفردة أم في طبيعة الحركة خلال تقديم البرنامج، فالمذيعة قدمت البرنامج وضيوفها عبر قراءتهاا من ورقة كانت بيدها في طريقة بدائية تذكرنا بمذيعاتنا قبل ثلاثين سنة، ووصل بها الأمر في حلقة كانت تبث من حلب الشهباء إلى إطلاق زغرودة في مشهد لا يليق بمذيعة ترغب في التأسيس لمشروعها الإعلامي. ثم لا أعرف من أين أتى المعد لهذا البرنامج بكل هؤلاء المغنين غير المعروفين حتى في النوادي الليلية من الدرجة الثالثة، وأكثر ما يحز بالنفس هو أن المذيعة عندما قامت بتقديم أحد المغنين قدمته بتفخيم لا مثيل له حتى خلت بأني سأستمع إلى صباح فخري، أو ربما خرج عبد الحليم حافظ من قبره ليغني، لكن للأسف كان كل هذا التقديم لمغنين ومغنيات لم أسمع بهم من قبل، ورحت أتابع علني اكتشف شيئاً مهما، كان مغنياً من الدرجة الثالثة متواضع القدرات الصوتية، والحضور غنى العتابا والميجانا بطريقة ممجوجة، والسؤال هنا هل حلت جميع مشاكلنا الفنية، ووصلت الأغنية السورية إلى القمة على الصعيد العربي حتى نتاجر بمغنين ما زالوا هواة في عالم الغناء، ولا يعرفون ألف باء أبجديات الطرب، والغناء العربي الأصيل، ثم ما الغاية من تسخير ساعات مكلفة مادياً من البث التلفزيوني، ولماذا هذا الاحتفاء بهؤلاء المغنيين، وهم يقفزون من أغنية إلى أخرى آخذين المقاطع الأسهل، والتي تتناسب مع تواضع مقدراتهم الفنية، ولماذا لا تسخّر إدارة القناة هذا الوقت للمطرب السوري، أو للحوار معه، ولإبرازه بدل أن نبرز هواة أو أسماء عادية جداً.

هل يحق لنا أن نتساءل بعد ذلك لماذا يتدنى مستوى الأغنية السورية الحديثة، ساعات طويلة لمغنين هواة بينما لا نسخّر دقيقة لكاتب درامي أو روائي أو لشاعر أو ربما لقصيدة.

مهند الحسني