الصحف الغربية: الرواية السعودية مضحكة.. وضعف ترامب مثير للشفقة
واصلت الصحف الأمريكية والبريطانية انتقاداتها ودحضها للرواية التي ساقها النظام السعودي حول مقتل جمال خاشقجي على يد فريق أمني سعودي في قنصلية بلاده باسطنبول مطلع الشهر الجاري، فقد قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في مقال أعدته الكاتبة جينفر روبين: “إن السعودية وبعد 17 يوماً من رفض الاعتراف بالمسؤولية عن القتل المروّع للصحفي خاشقجي أصدرت رواية مضحكة تفيد بأنه توفي أثناء شجار وعراك داخل القنصلية في اسطنبول”، ورأت “أن النظام السعودي كذب على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعلى وزير خارجيته مايك بومبيو على الرغم من تزايد الأدلة على مدار أكثر من أسبوعين على أن خاشقجي ذبح وقطع بمنشار مخصص لتقطيع العظام على أيدي 15 شخصاً كانوا قد سافروا من السعودية إلى تركيا ثم غادروها بعد انتهاء المهمة”.
وأشارت روبين إلى أن ضعف ترامب المثير للشفقة، واستعداده الطفولي لتبني كذبة شفافة لتفادي اتخاذ أي إجراء سيغري حتماً الطغاة الآخرين بالقيام بأعمال وحشية مماثلة، وقالت: “ينبغي على الكونغرس الأمريكي عقد جلسات استماع قوية تجنّد خبراء حقوق الإنسان والأمن القومي للعمل على ما يتعلق بانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان وشراء السعودية للنفوذ في الولايات المتحدة، إضافة إلى ضرورة تعليق صفقات الأسلحة للرياض”.
وكانت روايتا النظام السعودي اللتان أعلنهما حول مقتل خاشقجي في قنصليته باسطنبول خلال “عراك بالأيدي” أولاً ثم “بالخنق” ثانياً، قوبلتا بانتقادات وتشكيك كبيرين من عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية التي طالبته بإجابات صريحة وواضحة حول هذه الجريمة والمتورطين فيها، بينما خرج وزير خارجية هذا النظام ليزعم أن نظامه “يجهل” مكان وجود جثة القتيل، محاولاً إبعاد الشبهات التي طالت ولي عهد نظامه بالمسؤولية عن العملية.
وفي سياق متصل قال الكاتب البريطاني باتريك وينتور في مقال نشرته صحيفة الغارديان: “إن قادة السعودية يحاولون غسل أيديهم من دم خاشقجي بإلقاء اللوم على عدد من رجال المخابرات، ولكن يبدو أن رائحة الدماء ستبقى على أيديهم”، وأضاف: “إن ترامب بدا متذبذباً في موقفه إزاء التفسير السعودي لمقتل خاشقجي، حيث وصف ذلك التفسير تارة بأنه أكاذيب، وتارة أخرى بأن له صدقية، ولكن بدا واضحاً تماماً من تصريحاته أن وقف مبيعات السلاح للسعودية ليس مطروحاً على الطاولة”.
بدورها قالت صحيفة الغارديان البريطانية في مقال آخر بعنوان “مقتل خاشقجي يفضح اعتماد إدارة ترامب على السعوديين”: “إن مقتل خاشقجي جاء في وقت تكون فيه إدارة ترامب أكثر اعتماداً على الرياض لنجاح سياستها الخارجية والداخلية”، وأشارت إلى أن ترامب يستفيد شخصياً من العائلة الحاكمة السعودية والمسؤولين الذين ينفقون أموالاً طائلة في فندقه الفاخر في ولاية ألاباما.
وفي سياق متصل نشرت صحيفة يني شفق التركية تفاصيل جديدة في قضية مقتل خاشقجي، كاشفة عن اتصال قام به بدر العساكر مدير مكتب ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان لأربع مرات مع الضابط ماهر المطرب الذي أشارت أنباء إلى أنه منفذ عملية اغتيال خاشقجي في اسطنبول، وقالت: “إن كل الدلائل بدأت تشير إلى دور لمحمد بن سلمان في قضية قتل خاشقجي”، مشيرة إلى أنه ظهر في التحقيقات أن المطرب اتصل كذلك برقم هاتف في الولايات المتحدة يعتقد أنه لسفير الرياض في واشنطن خالد بن سلمان شقيق ولي العهد.
وبيّنت الصحيفة أن العساكر يُعرف بأنه الصندوق الأسود لابن سلمان ولديه أكثر من مليون متابع في حسابه على تويتر، وتمّ تعيينه في هذا المنصب بعد إقصاء ولي العهد السابق محمد بن نايف في حزيران من العام الماضي.
من جهته، ذكر موقع ميدل ايست آي البريطاني أن جزءاً من جثة خاشقجي قد يكون نقل إلى السعودية بواسطة الضابط ماهر المطرب، بينما لم يتم تفتيش حقائب الأخير لدى مروره عبر مطار أتاتورك التركي.
ونقل الموقع عن مصادر وصفها بالمطلعة، أن السلطات التركية تعتقد أن أجزاء من جثة خاشقجي قد نقلت إلى خارج الأراضي التركية، عن طريق ماهر عبد العزيز مطرب، وهو عقيد في الاستخبارات السعودية عمل ملحقاً أمنياً لسفارة بلاده في لندن سابقاً، رُصد مراراً كمرافق لابن سلمان خلال رحلات الأخير الخارجية، وقد غادر اسطنبول يوم الثاني من تشرين الأول، وهو اليوم الذي زار فيه خاشقجي القنصلية، إلى السعودية على متن طائرة خاصة، ولم يجر تفتيش حقائبه، بعدما مرّ إلى الطائرة في مطار أتاتورك عبر صالة “كبار الشخصيات”.
ويحمل ماهر مطرب جواز سفر دبلوماسياً، وكان يبدو عليه أنه في عجلة من أمره، حسب المصادر المطلعة.