ثقافةصحيفة البعث

المعادلة الصعبة بين الفن والربح

قال الفنان أيمن زيدان في لقاء تلفزيوني أنه قاطع الدراما التلفزيونية متحملاً التبعات الشخصية لهذه المقاطعة، واقترح أن تقوم الدولة من خلال المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بدعم الإنتاج الدرامي، وألا تعامل كمؤسسة اقتصادية هدفها البيع والربح أسوةً بالمؤسسة العامة للسينما التي تنظر إلى الإنتاج السينمائي على أن هدفه بناء الوعي وخدمة المجتمع ولا تنتظر الربح، وربما كان هذا سبباً رئيسياً دفع بالفنان زيدان إلى خوض تجربته السينمائية الأولى كمخرج لفيلم روائي طويل هو أمينة الذي عرض في مهرجان الإسكندرية السينمائي الأخير.

قبل الأزمة أو الحرب على سورية كانت توجد شركات إنتاج فني خاصة كبيرة وقوية تنتج أعمالاً درامية ذات قيمة فنية وفكرية تباع للقنوات التلفزيونية العربية ولكن سوق الدراما السورية سواء كان إنتاجاً عاماً أو خاصاً تراجع مند بداية الأزمة في عام 2011 حين قاطعت المحطات العربية الإنتاج الدرامي السوري إلا فيما ندر، مما أدى إلى توقف الشركات عن الإنتاج ولم تصمد سوى بعض منها بسبب هذا الحصار.

كان الهدف من المقاطعة والحصار يتركز على إفراغ الدراما السورية من خبراتها ودفع الفنانين والفنيين إلى ترك سورية والعمل خارجها، وهذا ما فعله كثيرون ولكن النزوح لم يؤد إلى إفراغ الدراما من نجومها وخبراتها حيث رفض كثيرون الإغراءات وفضلوا العمل في ظروف الحرب والتهديد بالقتل أو الموت تحت القذائف، وهو الموقف الذي عبروا من خلاله عن دعم بلدهم ومساندته في أحلك الأوقات, وقد استخدموا السلاح الذي يجيدون استخدامه وهو الفن للدفاع عن المجتمع ومحاربة الفكر الإرهابي بالإبداع, وقدمت الدراما خلال سنوات الأزمة مجموعة من الأعمال المهمة  تناولت الأزمة التي عصفت ببلدنا، ونجح بعضها في تقديم مقاربة عميقة للأسباب ولانعكاسات الأزمة وخاصة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.

الدولة حاولت من جهتها دعم الإنتاج الدرامي ووجهت بشراء كل الإنتاج الدرامي وعرضه على القنوات الوطنية بعد مقاطعة القنوات العربية للاستمرار في هذه  الصناعة ولو بالحدود الدنيا، مما جعل الدراما تقف على قدميها وتستمر في الإنتاج  محاولة اختراق الحصار، ولكن هذا لم يعد كافيا، وكي تعود الدراما السورية إلى ألقها وحضورها فإنها تحتاج إلى مزيد من الدعم خاصة أن الإنتاج العربي بدأ يحل ويأخذ مكان الدراما السورية، والدولة وحدها لا تستطيع أن تنهض بصناعة الدراما في ظل قائمة الأولويات والتحديات التي تواجهها في مرحلة إعادة البناء, وفي هذا السياق نرى أن الارتقاء بالدراما مسؤولية تتقاسمها الدولة من خلال الرعاية والتشريعات التي تسهل عمل شركات الإنتاج مع رجال الأعمال السوريين الذين يستطيعون توظيف كتلة من رأس مالهم في صناعة الدراما، وهي صناعة مربحة خاصة بعد فك الحصار عن هذا الإنتاج وهو موعد ليس ببعيد.

سلمى كامل