تصاعد الدعوات الغربية لوقف تسليح النظام السعودي
شيئاً فشيئاً يضيق الخناق على النظام السعودي، وترتفع الأصوات الغربية لإجباره على الاعتراف بالرواية الحقيقية لعملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، إذ دعا وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تحذو حذو ألمانيا وتوقف صادراتها من الأسلحة إلى نظام بني سعود.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت الأحد “أن بلادها لن تصدّر أسلحة إلى السعودية في الوقت الحالي”، في أعقاب إقرار النظام السعودي أن خاشقجي قُتل على أيدي عناصر سعوديين.
وقال وزير الاقتصاد الألماني أمس: إن “الحكومة الألمانية ترفض حالياً تصدير المزيد من السلاح للسعودية”، ودعا لاتخاذ موقف أوروبي موحّد حيالها في هذه القضية.
وقال ألتماير، وهو حليف مقرب من ميركل: إن “التفسيرات التي قدمتها الرياض بشأن هذه القضية ليست مقنعة حتى الآن، وهناك اتفاق داخل الحكومة الألمانية على أننا لن نصدّر إليها مزيداً من الأسلحة في الوقت الحالي، لأننا نريد معرفة حقيقة ما حدث”.
ووافقت الحكومة الألمانية منذ بداية العام على صادرات أسلحة تتجاوز قيمتها 400 مليون يورو للسعودية، ما يجعلها ثاني أكبر مشترٍ للأسلحة الألمانية بعد الجزائر.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان سيعدل عن صفقات سلاح سبق الاتفاق عليها مع السعودية، قال ألتماير: “سيجري اتخاذ قرار بهذا الصدد قريباً جداً”.
وشدّد الوزير الألماني على ضرورة أن “توقف دول الاتحاد الأوروبي صادرات الأسلحة للسعودية كي تزيد الضغط على الرياض بشأن قضية خاشقجي”، وقال: إن “من المهم بالنسبة لنا أن نتوصل إلى موقف أوروبي مشترك”.
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، أنه لا يستبعد أن تلغي بلاده صفقة أسلحة ضخمة للرياض، وقال في مقابلة تلفزيونية: إن بلاده تعتزم “الدفاع دوماً عن حقوق الإنسان، بما في ذلك في السعودية”.
وردّاً على سؤال عما إذا كانت كندا ستبقي على صفقة التسليح الضخمة المبرمة مع السعودية، التي تقضي بشراء الرياض مدرعات خفيفة من أوتاوا بقيمة 9.9 مليارات يورو، قال ترودو: “في هذا العقد هناك بنود يجب اتباعها، فيما يخص طريقة استخدام ما نبيعه لهم”، وأضاف: “إذا لم يتبعوا هذه البنود، فمن المؤكد أننا سنلغي العقد”.
وكانت أوتاوا أعربت العام الماضي عن خشيتها من أن تستخدم الرياض هذه المصفحات الخفيفة في عمليات قمع في شرق المملكة.
وفي السياق نفسه، طالبت بريطانيا مجدّداً النظام السعودي بتقديم توضيح عاجل حول مقتل خاشقجي، وقال المتحدّث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للصحفيين: “لا تزال هناك حاجة ملحّة لتوضيح ما حدث لخاشقجي، فيما يتجاوز الفرضية التي طرحها التحقيق السعودي”.
وبعد إنكاره لأسبوعين أقرّ النظام السعودي بأن خاشقجي الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وينتقد ولي عهد النظام محمد بن سلمان قُتل بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول يوم الـ2 من تشرين الأول الجاري خلال ما وصفه بعراك بالأيدي، لكن تفسيره هذا قوبل بانتقادات وتشكيك كبيرين من دول كبرى ومنظمات دولية طالبته بإجابات ولا سيما حول معرفة ما حل بجثته، ثم عاد مسؤول في النظام السعودي وقال أمس الأول: إن خاشقجي قُتل خنقاً داخل القنصلية وتم إخفاء جثته داخل سجادة وإخراجها من المبنى.
وطالبت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك النظام السعودي بتقديم إيضاحات حول روايته بشأن مقتل خاشقجي، داعية إلى دعمها بالوقائع حتى يتم اعتبارها ذات صدقية، بينما توالت الانسحابات من مؤتمر مستقبل الاستثمار المقرر عقده في السعودية، حيث أكد مارسيلو كلور رئيس عمليات مجموعة سوفت بنك انسحابه من المؤتمر وسط الضغوط الدولية المتزايدة على النظام السعودي بشأن مقتل خاشقجي.
وانسحبت دول عدة من المؤتمر في الأيام الأخيرة بما فيها استراليا ونيوزيلندا، إضافة إلى مسؤولين تنفيذيين من شركات أمريكية كبرى مثل جيه بي مورغان تشيس ومجموعة بلاكستون وبلاك روك إلى جانب رئيس مجلس إدارة شركة فورد موتور.
وفي سياق متصل، نشرت شبكة CNN الأمريكية صورة للمدعو مصطفى مدني الذي قام بارتداء ملابس خاشقجي، وخرج من الباب الخلفي للقنصلية السعودية في اسطنبول، بهدف التمويه.
وكان مسؤول سعودي قد كشف لوكالة رويترز أن مدني، أحد أفراد الفريق الأمني السعودي المكون من 15 عنصراً، ارتدى ملابس الصحفي السعودي، ونظارته، وساعته الآبل، بعد وفاته، وأوضح أن مدني غادر من الباب الخلفي للقنصلية، في محاولة للإيهام بأن خاشقجي خرج من المبنى.