مع الأحداث انقذوا اليمن الجائع
من سخرية الحرب الوحشية على اليمن أن يضرب ناشطون أجانب عن الطعام لأجل اليمن، موجهين رسالة إلى العالم عن الشعب اليمني الذي يعاني من الجوع والمرض والموت والحصار منذ أكثر من ثلاثة أعوام، مقابل صمت عربي مخزٍ، بل ومسؤولية عربية مباشرة، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه لتساؤلات كثيرة عن دور الجامعة العربية وغيرها من المنظمات الإنسانية الناشطة عربياً.
اليمن يمر هذه الأيام بأزمة إنسانية لا شك أنها من أسوأ الأزمات في العالم، وربما قد تأتي في مقدمة أخطر وأسوأ المجاعات المسجّلة في التاريخ البشري منذ مجاعة الصين عام 1907، ومجاعة روسيا عام 1921، ومجاعة البنغال عام 1943، ومجاعة أثيوبيا، ومجاعة السودان، ومجاعة الصومال الشهيرة، ومجاعة فيتنام عام 1944، إلا أن جميع المجاعات السابقة حصلت بفعل الجفاف أو الفيضانات، أي بعوامل طبيعية بحتة، أما في الحالة اليمنية، فإن المجاعة التي تهدّد أكثر من 22.2 مليون يمني، هي بفعل الحرب التي يشنها النظام السعودي، والتي أدت حتى الآن إلى دمار اليمن، ونشر الجوع والكوليرا فيه.
لقد تسببت حرب النظام السعودي العبثية بخسائر فادحة بين السكان المدنيين، بعد تنفيذ التحالف مئات الضربات الجوية العشوائية على مناطق مأهولة بالسكان، وقتلت عشرات الآلاف بذخائر، ما تزال الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها من الدول الغربية، توفرها للنظام السعودي، وقد وثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” استخدام التحالف ذخائر عنقودية محظورة على نطاق واسع، معظمها ينتج في الولايات المتحدة، وبعد وصول ترامب إلى السلطة، ارتفع عدد الهجمات الأمريكية بطائرات من دون طيار في اليمن بشكل ملحوظ، وفقاً لـ “مكتب الصحافة الاستقصائية”، كما شنت الولايات المتحدة عدداً من الهجمات الأرضية، وشاركت بقتل عدد كبير من المدنيين اليمنيين.
إضافة لذلك، أدى الحصار الذي تفرضه قوات التحالف على اليمن إلى تفاقم الحالة الإنسانية الصعبة، ما أدى إلى انعكاسات خطيرة على المرضى المحتاجين لعلاج طبي عاجل في الخارج، وهذا ما دفع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة للتحذير من أن ثلاث سنوات من الصراع والدمار دفعت اليمن إلى حافة المجاعة، وتسببت في أكبر أزمة جوع يشهدها العالم حالياً.
صحيح أن اليمن، وحتى قبل الحرب، كان يعد أفقر دولة في الوطن العربي، إلا أن هناك الآن، بحسب البرنامج، 22 مليون شخص من أصل 29 مليوناً، يمثّلون سكان اليمن، يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وهناك 8.4 ملايين شخص، لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم القادمة، وأن غالبيتهم يأكلون مرة واحدة كل يومين، الأمر الذي يشكّل وصمة عار على جبين كل من يتشدّق بالدفاع عن الإنسانية.
علي اليوسف