صحيفة البعثمحليات

هل تشفع ركيزة حماية الطفل في وقف “موضة” العنف بين تلاميذ المدارس؟! اختصاصيــــون يطالبـــون بتفعيـل الإرشــاد النفسي والأهــل يريدون عودة “التربيـة العسـكرية”

 

 

لم تعد الكثافة العددية في المدارس سبباً وحيداً لتدافع الطلاب وأذيتهم بل أدت حالات العنف والضرب بين الطلاب إلى إصابات بعضها خطير نتيجة ازدياد هذه الظاهرة في المدارس، وبدت واضحة للعيان حيث لا يكاد يمر يوم إلا ونرى ونسمع أن تلميذاً ضرب آخر ضربًا مبرحًا أدى إلى كسر ذراعه، أو قدمه، أو إحداث نزيف لآخر، كأنها أصبحت «موضة» بين الطلاب في المدارس ويتباهون بها أمام بعضهم البعض مع تراخي بعض إدارات المدارس وسوء التعاطي مع تلك الحالات في الوقت المناسب وغياب دور الإرشاد النفسي، علماً أن وزارة التربية لم تألُ جهداً من خلال ورشاتها وبلاغاتها المستمرة مع دورات التوجيه والتركيز على تفعيل دور الإرشاد النفسي.
ويرى اختصاصيون تربويون أن أهم أسباب المشكلة هي التربية ضمن المنزل وعدم وجود قواعد وثوابت لتربية سليمة معافاة، ولاسيما عندما تسمح الأسرة لأبنائها بمشاهدة أفلام العنف دون رقيب وقنوات فضائية استخدمت صور الإجرام الكاذبة في نقل الحدث، مؤكدين على ما أفرزته الأزمة من منعكسات على نفوس الأطفال.
وشدد التربويون على دور الاختصاصين والمرشدين النفسيين والتوعية ونشر ثقافة المنطق والعقل وإيجاد صيغة تقارب ومحبة بين جميع الطلبة، مع إشراك الأهل في التوعية وعقد الورشات والندوات والتركيز على دور الأسرة في التربية السليمة والشرح للأبناء عن مخاطر العنف والتصرفات اللاأخلاقية. في الوقت الذي طالب الأهالي عبر منبر “البعث” بعودة مادة التربية العسكرية إلى المناهج لتأخذ دورها الريادي في المحافظة على سلوك الجيد ضمن المدرسة، مشيرين إلى غياب الانضباط في بعض المدارس مع استهتار المدرسين وغياب المراقبة للطلاب خلال الفرص والانصراف مما يسبب ضرراً وأذىً لهم.
ومع متابعتنا لمناهج التربية المطورة وما يتضمنها من التركيز على تقنيات التعلم النشط، من عمل جماعي ومسرح تفاعلي والوسائل التعليمية الحديثة وترغيب الطفل بالمدرسة والتي تعمل عليها وزارة التربية جاهدة للوصول إلى مدارس صديقة للطفل حيث صممت نماذج للمدرسة الصديقة للطفولة خصيصى ليحتضن التعلم النشط ولوضع الأطفال في قلب العملية التعليمية، علماً أنه خلال السنوات الماضية من الحرب تعهدت التربية بتبني النموذج في 5000 مدرسة، في الوقت الذي يوضح مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج أن الوزارة أخذت على عاتقها حماية الطلاب من العنف في المدارس، حيث يعتبر أحد الركائز الأساسية في التربية والتعليم مع إقامة الدورات التدريبية للمعلمين والكوادر التدريسية على بدائل العقاب، والقضاء على العنف في المدارس، مشدداً على دور الإرشاد النفسي في المدارس مع متابعة كافة قضايا الطلبة وحلها، فاستخدام العنف بكامل أشكاله مرفوض تماماً داخل المدارس، مهما كان بسيطًا، فهو ممنوع إداريًا وتربويًا، لأن المدرسة هي مكان للتعليم وليست مكانًا لممارسة أي نوع من أنواع العنف، ولاسيما أن رسالة المعلم رسالة تربوية سامية، تهدف إلى بناء شخصية الطالب، طفلاً كان أو يافعًا، بناءً متكاملاً ومتوازنًا فكريًا ونفسيًا وجسديًا واجتماعيًا، حيث تعتبر الاختصاصية النفسية سلام قاسم أن العنف المدرسي هو سلوك عدواني صادر من التلاميذ تجاه بعضهم البعض أو اتجاه الأساتذة ويتسبب في حدوث أضرار جسدية أو نفسية أو مادية، لما يتضمنه من هجوم يرافقه اعتداء جسدي، كالشجار بين التلاميذ أو اعتداء لفظي بالتهديد والسب والتنابذ بالألقاب السوقية، مشيرة إلى أن أسباب العنف تعود لأسباب عائلية: كغياب أحد الوالدين بسبب الوفاة أو الطلاق وتدنّي المستوى الاقتصادي، والبطالة، ونقص في الاحتياجات الماديّة وانعدام الشعور بالاستقرار نتيجة للخلافات العائليّة المستمرة واستخدام العقاب الجسدي والقسوة كوسيلة في معاملة الأبناء، وتدنّي المستوى الثقافيّ للأسرة والتمييز في المعاملة بين الأبناء وصفات الطفل الشخصية وترتيبه في الأسرة. ليتفق معها فرج مؤكداً على دور الأسرة ووجود التنشئة الصحيحة والمتابعة الدائمة من الأهل مع المدرسة كون العملية التربوية هي مجتمعية قبل أن تكون تربوية، إضافة إلى تنمية مواهب الطفل من خلال النوادي الرياضية والثقافية مما ينعكس إيجابياً على نفسية الطفل وزوال الأسباب النفسية التي تؤدي إلى سلوكيات عنيفة، وذلك حسب رأي قاسم التي عزت هذه السلوكيات إلى وقت الفراغ وعدم وجود وسائل لتمضيته أو التعرّض لصدمة نفسيّة أو كارثة، مشددة على ضرورة أهمية تفعيل الدعم النفسيّ للتخفيف من آثار الصدمة، وضعف السيطرة على النفس تحت تأثير الضغط وخاصة في مرحلة المراهقة وما يصاحبها من حب الظهور.
ولم تغفل قاسم العدد المرتفع للطلاب في كل صف، وعدم القدرة على ضبط الطلاب في المدارس لأسباب قد تكون عائدة لضعف شخصية الإدارة أو عدم امتلاكها الصلاحية التي تؤهلهتا لمعاقبة الطالب الذي يخطئ، وعدم القدرة على توجيه المدرسين بشكل جيد لمراقبة الطلاب ومتابعتهم وخصوصاً بعد انتهاء الحصة الدراسية، وبالتالي عدم وجود عدد كافٍ من المشرفين على الطلاب خلال الفرصة. داعية إلى تشميل المناهج مادة يتم التركيز فيها على حقوق الإنسان، لتوعية الطلاب بحقوقهم وحقوق الآخرين. واستحداث مكتبة داخل المدرسة ليمارس الأطفال المطالعة خلال أوقات فراغهم وبين الحصص الدراسيّة. وأخذ جميع شكاوى الطلبة بعين الاعتبار وعدم الاستهانة بأية حالة. وتدريب المعلمين والطلبة والمجتمع على معرفة حالات العنف والقضاء عليها. والمساواة في التعامل بين الأولاد والبنات، وتعزيز ثقة الفتيات بأنفسهنّ، واعتمادهنّ على ذواتهن ووضع قائمة بالسلوكيات الواجب اتباعها داخل البيئة الصفيّة لتوجيه الطلبة، وحثهم على التصرف بطريقة إيجابيّة بما يتوافق مع سياسات المدرسة. إضافة إلى اتباع الأساليب التوجيهيّة التي تُركّز على سلوك الطالب ونتائجه، وليس على شخص الطالب مع اتباع أسلوب التشجيع والدعم عن طريق التعبير عن المشاعر ومكافأة الطلاب المتميزين أمام أقرانهم. وذلك وفق تعليمات وقرارات التربية بعدم التمييز بين الطلبة وتطبيق أسلوب التشجيع والمكافأة، في الوقت الذي لم تخفِ قاسم لزوم استخدام أسلوب الترهيب والترغيب والثواب والعقاب بين التلاميذ، من دون ضرب مع تفعيل الاختصاصي النفسي داخل المدرسة.

علي حسون