أردوغان في خانة “اليك”!
يبدو أن السيناريو المتوقّع و”المأمول” حيال مستقبل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بات موضع التحقق، فمنذ أن بدأ حملة الاعتقالات والقمع، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز 2016 التي تطال كل من يقف في معارضته، ويقبع إثرها أكثر من 70 ألف شخص في سجون النظام التركي، انخفضت شعبيته، وهوت إلى أدنى مستوياتها، وتحولت تركيا، بشهادة منظمات دولية، إحداها منظمة العفو الدولية، إلى “زنزانة كبيرة”.
ورغم كل الانتقادات التي وجّهت للسلطان المستبد، والأحاديث التي قالت بأن مستقبل أردوغان كرئيس بات في خطر، إلّا أنه لم يأبه لذلك، وواصل سياسات البطش والاستهتار، ولا سيّما بعد إصراره على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة لم يكن الهدف منها سوى تركيز جميع السلطات في قبضته وبسط هيمنته.
لا يمكن إغفال الدور التخريبي لأردوغان، الذي تزداد معارضته في الداخل والخارج، حيث حوّل تركيا إلى مقرّ تارةً، وممرّ تارةً أخرى، للإرهاب وأدواته، ليمرّر مخططات تدمير سورية والإساءة لشعبها، ولم يكتفِ بذلك، بل زجّ البلاد في صراعات إقليمية ودولية لا طائل منها سوى الخراب والتدمير، ونشر الفوضى من دعم الإرهاب وتمويله إلى خلافات عميقة مع دول عديدة، حيث شهد العامان الماضيان توتراً كبيراً في علاقات تركيا مع ألمانيا على خلفية اعتقال النظام التركي 12 مواطناً ألمانياً، بينهم صحفيون، كما أدخل أردوغان البلاد في صراع مباشر مع الولايات المتحدة بشأن احتجاز القس الأمريكي أندرو برانسون في تركيا، والذي أدى إلى فرض واشنطن عقوبات زادت طين الأزمة الاقتصادية في البلاد بلّة، وأخيراً وليس آخراً، جاءت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية النظام السعودي في اسطنبول لتخفض نسب الثقة بالنظام التركي إلى أدنى مستوى، ولتكمل مشهد الانهيار الأردوغاني.
وقبل يومين، حدث التطوّر الأهم الذي سيقلب الطاولة على رأس أردوغان وهو انسحاب حزب الحركة القومية من تحالفها مع حزب العدالة والتنمية وعدم رغبته في استمرار التحالف حيال الانتخابات المحلية المقبلة، ففي الوقت الذي أدى فيه تحالف المعارضة أثناء انتخابات حزيران الماضي إلى تقوية موقفها، ووضع أردوغان في وضع حرج أمام تكتلها، أضعفت موقفها مفاجأة زعيم القوميين دولت بهتشلي بدعوة أردوغان إلى تشكيل ما سمي تحالف “الشعب” قبيل إجراء الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني.
لكن ومع تراجع آمال بهتشلي بتحقيق ما وعد جماهير حزبه به عند خوض الانتخابات، وإدراكه بأن التحالف مع أردوغان لا يحقق مصالحه، أعلن أخيراً عن فضّ التحالف وقرّر خوض الانتخابات منفرداً، ما سيضيق القاعدة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.
يبدو أن العد العكسي -وإن طال قليلاً- قد بدأ، وأن فرص أردوغان بالبقاء في السلطة باتت تتراجع، مع تصاعد بطشه واستبداده، وانهيار ثقة حلفائه الداخليين والخارجيين به وبحزبه، ووعي الشعب التركي بحقيقته البراغماتية الانتهازية، التي ستحشره مع الأيام القادمة في خانة اليك!.
ريناس إبراهيم