“ندوة الأربعاء” تناقش قضايا حماية المستهلك شعيب: لعودة المحاكم التموينية.. والأمل معقود على ثقافة الشكوى.. وتحفيز المراقبين بنسب من الغرامات
دمشق – ريم ربيع
يشكل تحدي “حماية المستهلك” الهاجس الأكبر لدى المواطن التائه في دوامة التصريحات وحديث الأسعار من جهة، وما يجده على أرض الواقع من جهة أخرى من احتكار وغلاء وعشوائية في الأسعار بين مكان وآخر، ليعلو التساؤل المشروع “كيف نحمي المستهلك؟”… هذا ما أثارته الزميلة ميس خليل في ورقة عمل قدمتها أمس في الندوة الأسبوعية التي يواظب عليها المركز الوطني للبحوث واستطلاع الرأي في دار البعث كل أربعاء. تناولت الورقة مناقشة سبل حماية المستهلك ومن يعاقب التاجر المحتكر وغيرهما من المواضيع الملتصقة بهمّ المواطن في هذا المجال، حيث تطرقت الزميلة خليل للتشريعات والقوانين المتعلقة بحماية المستهلك ومن المسؤول عن تطبيقها في الوقت الذي يلقى فيه كل طرف اللوم على الآخر بين جمعيات حماية المستهلك والتجار والوسطاء أو حتى مراقبي التموين الذين يتواطؤ بعضهم مع التجار، متسائلة فيما إذا كانت المشكلة في القوانين أم في مؤسسات التدخل الإيجابي والدور المنوط بها؟ أم أننا بحاجة لهيئة وطنية لحماية المستهلك تضم كل الوزارات والهيئات المعنية.؟
وكنتيجة لما أثارته ورقة العمل من أسئلة، فقد اختتمت بمقترحات ترتبط بإنشاء هيئة وطنية لحماية المستهلك تتواصل مع المواطن بلا حلقات وسيطة وتأسيس أسواق هال فرعية لكسر احتكار تجار الأسواق المركزية، مقدمة تساؤلات عدة حول إمكانية ردع المخالفين بعقوبات مشددة والوصول إلى تطبيق شفاف وعادل للقانون الناظم للتجارة وحماية المستهلك، إلى جانب دور مراقبي التموين وتقديم ميزات لهم لتحصينهم من الرشوة، وضرورة زيادة المنافسة في السوق لتشجيع الناتج الوطني.
آليات رقابية أهلية
وفي الوقت الذي تطرقت فيه خليل وعدد من المشاركين لتحويل المخالفات التموينية سابقاً إلى المحكمة العسكرية والمعاقبة الفورية للمخالف كان لمعاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك م.جمال شعيب الذي شارك في الندوة رأي مماثل من حيث تأييد عودة المحاكم التموينية بعد أن ألغاها قانون حماية المستهلك، مشيراً إلى رفع دراسة بهذا الشأن غير أنها لم تلقَ القبول مفضلاً عودة اسم وزارة التموين والتجارة الداخلية…
وخلال الحوار تساءل عدد من المشاركين حول إمكانية التعويل على جمعيات حماية المستهلك في إيجاد آليات رقابية أهلية على الأسواق ولاسيما بعد تنويه معاون الوزير إلى دورها المتواضع آملاً أن يكون لها فعالية أكبر بعد الدعم الكبير المقدم لها وضرورة تفعيل دور الـ400 عضو الموجودين، مضيفاً أنه تم توجيهها بالتدخل لدى رفع سعر السلع ومقاطعتها بشكل فوري.
وأكد شعيب تسعير الوزارة لـ90 % من المواد وفق السوق وتعميم التسعيرة على كافة المديريات لمتابعتها، لافتاً إلى تسعير المواد والخدمات الأساسية والمراقبة المباشرة لها بحيث يطبق الإغلاق فوراً لأي مخالفة، في حين تم تقديم مشروع مرسوم لتعديل المادة المتعلقة بالاحتكار بحيث تصبح العقوبة 5 ملايين ليرة والسجن لمدة 5 سنين بدل سجن سنة ومليون ليرة مخالفة.
وتعقيباً على تساؤلات حول ضبط سوق الهال واحتكار التجار بيّن شعيب وجود المراقبين يومياً في سوق الهال، والتوجه لرفع عقوبة تاجر الجملة لـ300 ألف ليرة في القانون الجديد، لافتاً إلى مشروع تنظيم سوق الهال لحماية الفلاح والمستهلك بحيث تكون عملية المزاد بإشراف الوزارة.
وتعقيباً على ما تضمنته ورقة العمل حول إمكانية تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن وتوظيف وسائل التواصل في كشف المخالفات التموينية أكد معاون وزير التجارة الداخلية على الفعالية الكبيرة التي حققها تطبيق عين المواطن بعد أن بلغ عدد مشتركيه10 آلاف مشترك وتقديم6000 شكوى أي مايقارب 60-100 شكوى يومياً ليتم إعلام المراقب بشكل مباشر وتنظيم ضبوط للمخالفين وإرسال صورة الضبط للمشتكي، لافتاً إلى تنظيم المراقبين بشكل مجموعات وإخبارهم عن وجهتهم بشكل مفاجئ لمنع التلاعب.
الرقابة الاستقصائية
وبيّن شعيب أن عدد الفعاليات التجارية على مستوى دمشق هو 70 ألف محل في حين لا يتجاوز عدد المراقبين الـ120 مراقباً، لا يمكن لهم تغطية كافة المناطق، لذلك يتم التركيز على المواطن والرقابة الاستقصائية وتفعيل مفهوم الشكوى بشكل أكبر، مؤكداً في الوقت ذاته أن التركيز الأساس ينصب على موضوع الغش وجودة المنتج، والعمل على السرية والمفاجأة في جولات الرقابة غير أن المراقب أصبح معروفاً لدى التجار الذين يتهربون من محلاتهم بمجرد قدومه الأمر الذي يشكل مشكلة حقيقية. كما كشف معاون الوزير عن الاقتراح المقدم بتعويض المراقب التمويني كما في الجمارك ولو بنسبة 5% على الأقل كنسبة من غرامات الضبوط غير أن وزارة المالية رفضت المقترح. آملاً في ضمان صلاحيات أوسع للوزارة تمكنها من ضبط السوق وفرض التدخل فيه.
ولم ينفِ شعيب تفاوت الأسعار بين المحلات كون التجار يستخدمون أساليب عدة في الاحتيال على المراقب رغم ذلك تكثف الجهات المعنية الرقابة وتنظّم الضبوط بحق المخالفين حيث نظم لغاية 30/9 حوالي 32 ألف ضبط و 431 إحالة موجوداً وإغلاق 635 محلاً تجارياً وسحب 2100 عينة أغلبها غذائي.
ولم يغفل المشاركون اقتراح إلغاء هيئة المنافسة ومنع الاحتكار وضبط تدخل الجمارك في السوق والجدل حول المنتج المهرب داخلياً حيث يجب أن تكون المسؤولية للتجارة الداخلية فقط، فيما أكد شعيب مراقبة السوق ومصادرة أي مادة مهربة تعتبر مجهولة المصدر ليتم إتلافها وتحويل الضبط للقضاء مؤكداً أن هذه الظاهرة تناقصت بشكل ملحوظ بعد الحملة عليها.
كما لفت شعيب إلى الربط مع الجمارك لسحب البيانات الجمركية ومتابعة التاجر لإلزامه بالتسعير لدى الوزارة حيث تدرس كافة التكاليف ومقارنة أي بيان جمركي لأي تاجر مع أسعار السوق بحيث لا يزيد عليها. إلى جانب تعميم نشرة الأسعار أسبوعياً فيما طالبت الوزارة بإدخال مواد جديدة للاستيراد كالدقيق الحر والزيت المعبأ ليحدث منافسة في السوق تؤدي إلى انخفاض الأسعار. مشيراً من جهة أخرى إلى تشكيل لجنة مختصة لتحديد أسعار السيارات إذ تم وضع أسس التسعير والمطالبة بإرسال البيانات الجمركية لتسعير السيارات فيما لا يوجد حتى الآن أي بيان للتسعير.
هذا وقد أغنت الأسئلة والمداخلات التي قدمها المحررون الندوة. واتفقت في معظمها على ضرورة تفعيل دور الوزارة في حماية المستهلك، مع التأكيد على أنها تبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال، لكن عملها لا يكفي وحده لأنه يرتبط بجهات أخرى، كما أن مقترحاتها ولا سيما على الصعيد التشريعي، وحتى على الصعيد التطبيقي لا تلقى دائماً الموافقة والقبول مما يخلق صعوبات تعترض تفعيل دورها، لكن هذا الدور يبقى حيوياً، كما أنه استطاع رغم تلك الصعوبات أن يحقق الكثير لفائدة المستهلك، ولا سيما خلال الأزمة، والأمل معقود كما أوضح رئيس التحرير الزميل محمد كنايسي على أن تشهد حماية المستهلك في المرحلة المقبلة دفعاً تشريعياً وعملياً جديداً يضع حداً لجزء كبير من معاناة المواطن، وينظم عمل السوق بما يوفر أكبر حماية ممكنة للحلقة الأضعف فيه ألا وهي المستهلك.