“سايكو” أمل عرفة.. خمسة بواحد
الزوبعة العاصفة التي أثارتها الفنانة “أمل عرفة” بعد أن رفضت العديد من المحطات التلفزيونية العربية، عرض مسلسل “سايكو” على شاشاتها عام 2017، بحجة مقاطعة تلك المحطات للدراما المحلية، رغم عرضها لمعظم الأعمال السورية، هدأت غلواؤها الآن، فالمسلسل الذي كتبته “عرفة” بالتعاون مع”زهير قنوع”، وإخراج “كنان صيدناوي”، ومن إنتاج “زوى آرت برودكشن”، لم يشاهده الناس في العام الفائت، لكنه الآن ظهر للعلن وهو في حلقاته الأولى، حيث تبثه قناة “لنا” المهتمة بالدراما المحلية كما تعلن عن نفسها.
ورغم أن العمل مازال في حلقاته الأولى، إلا أن المكتوب يُقرأ من عنوانه كما يُقال، فالفنانة “أمل عرفة” التي كتبت العمل، تلعب خمسة أدوار رئيسية فيه، وهذا لوحده كفيل بنسف أي عمل درامي تلفزيوني يمتد على ثلاثين حلقة، وبعيدا عن استحضار حب الذات وتضخم الأنا، بأن يكونا السبب لذلك، فربما يكون السبب يكمن بكون “أمل عرفة”، لم تعجبها الفنانات السوريات، اللواتي أشاد العالم العربي بأدائهن ونجوميتهن، أو ربما لن يستطعن تقديم الدور كما تحب “عرفة”، رغم أن اختيار الكاستينج هو من شغل المخرج لا الكاتب، إلا أنها وكونها صاحبة الفكرة والكاتبة، مارست دورا أقل ما يمكن أن يوصف بأنه “إقصائي”، لأربع فرص عمل كان من الممكن أن تحظى بها أربع ممثلات سوريات، خصوصا في الظروف الصعبة التي يمرّ فيها هذا القطاع، وإذا قلنا أن ثمة العديد من الأعمال الناجحة التي لعبت فيها الشخصية الرئيسية أكثر من دور في نفس العمل، إلا أن الحد لم يبلغ بها مبلغا خطرا كهذا، وذلك بأن تلعب خمسة أدوار مختلفة في العمر والشكل والهدف والحالة النفسية وفي تقنية التمثيل في العمل نفسه! لتظهر تلك الشخصيات التي أدتها “أمل” في “سايكو” ورغم اختلاف الأزياء والمكياج والأداء، باردة وباهتة وفيها ما فيها من الاصطناع المكشوف، وهي بذلك لم تستطع أن تحقق متعة الأداء التي ينتظرها المتفرج في الدراما التلفزيونية من الممثل، فلعب خمسة أدوار يحتاج كل منها إلى صفات نفسية وشكلية وتفاصيل تخص تلك الشخصية دون غيرها، هو أمر شاق جدا، والمخاطرة فيه، هي مخاطرة في العمل ككل، ولن يجدي وضع العمل في قالب كوميدي، واستحضار شخصيات “كوميدية” كالفنان “أيمن رضا” وغيره من الأسماء سواء المحلية أو اللبنانية، من أجل رفع سويته الفنية، بل حتى إن هذه الخطوة سوف تُثقل كاهل العمل بالمزيد من الأعباء التي ترتبت جراء كتابة سيناريو خاص بـ “أمل عرفة” وحدها دون غيرها، وكما كان حالها في أعمال سابقة كتبتها، مفصلة الدور على قياسها وقياس إمكانياتها، كما مسلسل”دنيا” الذي تشاركت في كتابته مع كل من “عمار مصارع”، و”عبد الغني بلاط”، الذي أخرجه أيضا وعرض عام 1999،والذي حقق جزأه الأول حضورا لافتا بين الناس، بينما، لم يحظ جزأه الثاني، إلا بأدنى نسب متابعة كما تُخبر إحصائيات مواقع متخصصة في التقييم الدرامي، كذلك الأمر في “سايكو” أيضا، حيث قامت “عرفة” بكتابة أدوار الشخصيات الخمس التي تؤديها، ضاربة عرض الحائط، بأن كتابة السيناريو التلفزيوني، لا تكون مفصلة على قياسها أو على قياس أي ممثل آخر، فالقصة هي الأهم، والشخصيات التي تؤديها، يجب أن تكون في خدمة القصة، لا العكس.
الآن وبعد أن ظهر العمل للجمهور، لم يعد مستغربا رفض العديد من المحطات العربية عرضه، فالمستوى العام للعمل إن كان في الحكاية أو في كتابة الشخصيات وحواراتها، ليس مشجعا لأن يكون على لائحة أعمال الموسم الدرامي لتلك المحطة أو غيرها، خصوصا وأنها كما أسلفنا تقوم بضرب أهم قواعد العمل الدرامي، وذلك بكونه ليس عملا مفصلاً على قياسها أو قياس غيرها من الممثلين، ناهيكم عن كون “أمل عرفة” رفضت أن تبيع العمل لمحطات قالت إنها لم تدفع إلا ثمنا قليلا كسعر له، وأنها تُفضل أن تبقيه حبيس الأدراج على أن تبيعه لتلك المحطات التي وافقت على شرائه بسعر لم يناسب الكاتبة، غامزة بذلك إلى القنوات المحلية، التي هذه هي استطاعتها المادية.
يبقى سؤال لا بد من طرحه، باعتبار أن الأمر المادي البحت، هو الذي جعلته “عرفة” في مقدمة أولوياتها عندما طرحت “سايكو” للبيع، والسؤال هو: هل ستقبض الفنانة “أمل عرفة” عدا عن أجرها ككاتبة للعمل، هل ستقبض أجرها للعبها خمس شخصيات فيه؟ أم أنها ستكتفي بأجرها على تأديتها شخصية واحدة بخمس نسخ بائسة في الأداء، لأن الحكاية ببساطة بائسة الطرح، وما يبنى على خلل في السيناريو، لن يكتمل إلا على ركام خلل في الإنجاز، وحتى شارة العمل، هي من يغنيها أيضا!.
تمّام علي بركات