ترامب يواصل ابتزاز النظام السعودي.. وروحاني: واشنطن تتستّر على المجرمين
واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محاولاته للابتزاز والمساومة مع نظام بني سعود في قضية مقتل جمال خاشقجي، ورفع من مستوى تهديده واتهاماته، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك مسؤول عن قتل الصحفي السعودي، فسيكون ولي عهد هذا النظام محمد بن سلمان.
وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ردّاً على سؤال حول تورط ابن سلمان المحتمل في قتل خاشقجي: “إن ابن سلمان يدير الأمور في السعودية أكثر من أي شخص آخر في هذه المرحلة، وإذا كان هناك أي شخص فسيكون هو”، مشيراً إلى أنه “مقتنع” بأن ملك النظام السعودي سلمان “لم يكن يعلم بقتل خاشقجي مقدّماً”.
يشار إلى أن أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين حمّلوا ابن سلمان المسؤولية الأساسية في مقتل خاشقجي منتقدين إقامة ترامب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر علاقات وثيقة معه.
وكشف ترامب أنه طرح على ولي عهد النظام السعودي أسئلة عديدة بطريقتين مختلفتين بشأن مقتل خاشقجي تتعلق بمعرفته أي شيء من حيث التخطيط الأولي، مشيراً إلى أن ابن سلمان أجابه بالنفي.
وردّ ترامب على سؤال حول ما إذا كان مقتنعاً بهذا النفي بقوله: “أريد أن أصدّقهم” في تأكيد على استمراره في لعبة البازار المفتوح والمساومة في قضية خاشقجي.
وكان الكاتب البريطاني نيك باتلر بيّن أن الأحداث المحيطة بقضية قتل خاشقجي باتت موضع استغلال من ترامب لمزيد من الضغوط على السعودية.
واعتبر الرئيس الأمريكي خلال المقابلة أن عملية قتل خاشقجي جرت “بشكل فظيع”، وأنه “تمت التغطية عليها بشكل فظيع أيضاً”، مجدداً الإشارة إلى أن التستر على قتله هو “أسوأ عملية للتغطية على جريمة على الإطلاق”.
ولفت ترامب إلى أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية بمن في ذلك مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبيل عائدون حالياً من زيارات إلى تركيا والسعودية بمعلومات جديدة عن قضية قتل خاشقجي.
وكان ترامب أعلن قبل يومين في تصريحات صحفية أنه غير راضٍ عن رواية النظام السعودي بشأن مقتل خاشقجي مكرراً في الوقت ذاته رفضه خسارة استثماراته المالية من هذا النظام.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إن واشنطن لن ترضى إلا بالحقيقة الكاملة بشأن قضية مقتل خاشقجي.
وفي ردود الفعل الدولية أيضاً، استدعت وزارة الخارجية التشيكية سفير النظام السعودي لدى تشيكيا لبحث موضوع مقتل خاشقجي، فيما دعا نائب رئيس مجلس النواب التشيكي رئيس حزب الحرية والديمقراطية المباشرة توميو اوكامورا، ورئيس اللجنة الخارجية في المجلس لوبومير زاؤراليك إلى إيقاف صادرات تشيكيا من السلاح إلى النظام السعودي، مشيرين إلى أن جريمة مقتل خاشقجي تمثّل تهديداً للعالم المتحضر، وأوضح أن من واجب تشيكيا الانضمام إلى ألمانيا في وقف صادرات السلاح إلى السعودية، ليس بسبب هذه الجريمة فقط، وإنما أيضاً بسبب دعم نظامها الطويل الأمد للإرهاب والجرائم الوحشية التي يرتكبها، وعدم التزامه بحقوق الإنسان.
من جانبه أشار زاؤراليك إلى أن هناك فرصة تاريخية الآن لمعرفة ما إذا كان سيُسمح للهمجية بأن تحكم العالم.
من جهتها، استدعت الخارجية النمساوية سفير النظام السعودي في فيينا للاطلاع على مزيد من المعلومات حول ملابسات وظروف مقتل خاشقجي، وقالت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل: استدعيت إلى مكتبي في وزارة الخارجية السفير السعودي، وأبلغته قلقنا حيال قضية خاشقجي، وسوف نستمر بالدعوة لإجراء تحقيق شفاف ومستقل في هذه القضية.
من جهة أخرى طالب سياسيان سويسريان بردّ فعل حازم من الحكومة السويسرية تجاه النظام السعودي، وقال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويسري: “يجب على سويسرا وقف أي تصدير للأسلحة إلى السعودية على الفور”، داعياً إلى “تعليق جميع المفاوضات مع السعودية بما في ذلك تلك المتعلقة بالتبادل التلقائي للمعلومات في مجال الضرائب”.
بدورها قالت عضو المجلس الوطني للحزب الديمقراطي الحر كورينا ايشنبرغر: “سيكون من الجيد لسويسرا أن تتوقف عن عمليات تسليم الأسلحة إلى السعودية إلى أن يتمّ توضيح ملابسات القضية”.
وفي أول ردّ فعل للندن على جريمة قتل خاشقجي، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن فرض حظر على دخول المشتبه فيهم بالقضية أراضي المملكة المتحدة.
وأكدت ماي، في تصريح أدلت به أمام البرلمان، أن وزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، يتخذ إجراءات بحق جميع المشتبه فيهم بالقضية لمنعهم من دخول بريطانيا، وإذا كان لدى هؤلاء تأشيرة دخول سارية فإنها ستلغى.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، فقد ندّد بحادث مقتل خاشقجي، واصفاً إياه بأنه “يهزّ الضمير”، واعتبر خلال اجتماع للحكومة المواقف التي تتخذها دول العالم ضد هذا الحادث اختباراً يبيّن مدى التزام دعاة حقوق الإنسان، وخاصة في أوساط الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال روحاني: “لم يكن أحد يتصوّر في عالمنا المعاصر وفي هذا القرن الجديد حدوث جريمة قتل منظمة كهذه وبهذه الطريقة”، لافتاً إلى عدم إمكانية تجرؤ المخططين لهذه الجريمة وقيامهم بفعلتهم دون تمتعهم بدعم وإسناد من الولايات المتحدة.
وكان النظام السعودي قد اعترف يوم السبت الماضي بمقتل خاشقجي بعد أكثر من 19 يوماً من المماطلة والمراوغة إثر اختفاء الأخير داخل قنصلية بلاده في اسطنبول يوم الـ2 من الشهر الجاري، زاعماً أنه قتل خلال عراك بالأيدي، ثم قال: إنه قتل “خنقاً”، لكن تفسيراته هذه قوبلت بانتقادات وتشكيك كبيرين من دول كبرى ومنظمات دولية طالبته بإجابات واضحة حول هذه الجريمة.
وفي سياق الانتقادات المتزايدة لأسلوب رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في التعاطي مع الجريمة ومحاولته الاستثمار فيها، أكدت رئيسة حزب اليسار الألماني كاتيا كيبينغ أن أردوغان قام بمناورة مكشوفة.
وكان رئيس النظام التركي قد تعمّد عدم تقديم معلومات جديدة كان ينتظرها الكثيرون لكشف ملابسات وحقيقة مقتل خاشقجي، مكتفياً بطرح أسئلة جوفاء يثيرها عموم الناس ومناقضاً وعوده السابقة بالكشف عن الحقيقة الكاملة لما حدث.
ونقل موقع دويتشه فيله الألماني عن كيبينغ قولها: إن أردوغان يطالب بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن مقتل خاشقجي في تركيا، إلا أنه لم يعُد هناك في تركيا وجود لدولة قانون، مضيفة: إن أردوغان المستبد يريد من خلال ذلك تبرئة قضائه الفاسد وتسويقه على المستوى الدولي، ودعت كيبينغ إلى إجراء تحقيق دولي تشرف عليه الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه يجب على ألمانيا أن توقف فوراً صادرات الأسلحة إلى النظام السعودي على خلفية هذه القضية وغيرها من الانتهاكات.