الأزمة السورية التحديات والفرص– قراءة استراتيجية
د. عبد الله أحمد
باحث في القضايا الجيوسياسية
ما تشهده المنطقة والعالم في الحقبة الحالية يشير إلى أننا أمام تحولات مفصلية قد تؤدي إلى تغير شكل وموازين القوى العالمية، إلا أنه ليس من الواضح بعد الأبعاد الحقيقية لتلك التغيرات المتوقعة، أو الاستنتاجات، لأن ذلك يعتمد إلى حد بعيد على أداء القوى الفاعلية، وعلى التموضعات الإقليمية والدولية لصالح هذه القوى أو تلك.
فالصراع في أشده ما بين القوى الغربية المهيمنة على العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والقوى المناهضة للسياسات الأمريكية التي تسعى إلى إعادة رسم التوازنات الإقليمية والدولية، أي روسيا، والى حد ما الصين.
من الواضح أيضاً أن مستوى التصعيد السياسي والإعلامي والاقتصادي والعسكري إلى حد ما في مناطق ذات حساسية جيوسياسية كالتصعيد الخطير في سورية، قد يؤدي بالضرورة إلى تفاقم مخاطر الصراع، وصولاً إلى مواجهات حادة ومتدحرجة في منطقة الشرق الأوسط، وصولاً إلى أوكرانيا، وقد تفتح ديناميكيات الصراع المتفاقم جبهات جديدة غير متوقعة في شرق آسيا، أو حتى في آسيا الوسطى.
الأزمة السورية فتحت الباب للمواجهة الاستراتيجية بين القوى العظمى والإقليمية، ويواجه العالم الآن، بعد سبع سنوات من الصراع، تحديات حقيقية للعبور إلى عالم جديد قد يكون متعدد الأقطاب يعيد التوازن إلى المنطقة والعالم، إلا أن مخاطر العبور مازالت كبيرة، وقد تؤدي حسابات بعض الأطراف الخاطئة إلى تفجر الصراع وتفاقمه بحيث يكون من الصعب التحكم بمساره.
وعلى الرغم من الضبابية التي تلف العلاقات الدولية، وتردد بعض الدول العظمى في اتخاذ خطوات حاسمة في اتجاه تحديد هويتها ومكانها الجيوسياسي، وبشكل نهائي لتشكيل تحالف إقليمي ودولي قادر على تحجيم الهيمنة الأمريكية الأحادية في العالم، إلا أن المؤشرات الأخيرة قد تكون مقدمة لتشكّل تحالف حقيقي ما بين روسيا والصين وبعض الدول الإقليمية الأخرى التي تراقب عن كثب أداء القوى العظمى إزاء أزمات المنطقة والعالم.