المقاومة الخيار الأنجع
على الرغم من الحالة المتردية التي تعيشها القضية الفلسطينية، والتي تعد الأسوأ على الإطلاق منذ بدايتها، إلا أن جذوة المقاومة الفلسطينية ما تزال حية وقادرة على خلط المعادلات، وإفشال المخططات التي يعتزم كيان الاحتلال الصهيوني القيام بها للإجهاز على ما تبقى من فلسطين، الأرض والشعب والتاريخ.
فالتنسيق الأمني الذي ترفض “سلطة أوسلو” التخلي عنه، والإجراءات المشددة لقوى الاحتلال ومخابراته، لم تمنع أبطال الضفة الغربية والقدس المحتلة من تنفيذ العمليات النوعية في قلب أوكار العدو المحصّنة، وبث الرعب والخوف في قلوب مستوطنيه وزبانيته، كما لم تتمكن كل التحصينات والعتاد الحديث لجيش العدو من مواجهة مقاومي غزة ومنعهم من الانتفاضة على أسوار قطاعهم المحاصر، ما يؤكد مرة أخرى أن بيئة المقاومة وحاضنتها حاضرة وبقوة على الرغم من كل المحاولات للقول بأن الشعب يريد الاستسلام، فالجيل الذي ولد منذ التوقيع على “أوسلو” هو من يقاوم، ويدافع بصدوره العارية وبأدواته البسيطة في مواجهة العدو وترسانته المدمرة.
والحال فإن عمل المقاومة لم يتوقّف على الجهد الكفاحي والنضالي في مقاومة الاحتلال والتصدي لعدوانه المستمر، بل امتد فعلاً سياسياً وعملاً دؤوباً لرأب الصدع بين القوى الفلسطينية المنقسمة واللاهثة خلف السلطة والمكاسب الضيّقة على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه، فكانت مبادرة حركة الجهاد، عبر أمينها العام الجديد زياد النخالة ذات البنود الخمسة، تأكيداً جديداً من قوى المقاومة الحقيقية على حرصها وتنبهها للأخطار التي تحدق بالقضية ومستقبلها، وأهمية الوحدة والمصالحة ونبذ الخلافات، والأهم الاتفاق على مشروع وطني جامع يكون الدليل والمنطلق لأي عمل في المستقبل سواء كفاحي اعتماداً على العمل الفدائي أو سياسي عند اللجوء إلى المفاوضات.
وعليه فإن مبادرة قوى المقاومة عرّت من جديد نوايا المنبطحين والمهرولين خلف الحلول الاستسلامية والعبثية، وأظهرت الوجه الحقيقي لمدّعي وهواة المقاومة ومتاجراتهم بالدم الفلسطيني، عبر رفضهم للمبادرة والتلطي خلف أعذار وأسباب واهية وغير مقنعة، من أجل سلطة وهمية ومكاسب آنية زائلة عندما يرى المحتل أن هؤلاء انتهت صلاحيتهم، و”اعتقال محافظ القدس ومدير المخابرات فيها” دليل فاضح على ذلك، وكشفت قصر نظرهم، وعدم إدراكهم الخطر الذي يتهدّد القضية: ما يسمى “قانون القومية” وضم القدس المحتلة وإلغاء حق العودة.
إن ما تشهده القضية الفلسطينية خطير جداً على مسارها، في ظل تخطيط أمريكي وصهيوني مستمر بالتعاون والتنسيق، مع أنظمة الخليج العربي وفي مقدمتهم النظام السعودي، لنسف ما تبقى منها عبر ما بات يعرف بـ”صفقة القرن”، ومحاولتهم فرضها على القوى الفلسطينية، إما بالترهيب وقطع المساعدات، وتجويع الشعب الفلسطيني وحصاره، وإما بالترغيب وتقديم المغريات الواهية لمسؤولي السلطة في الضفة والقطاع تحت شعارات حماية الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته.
وعليه فإن مبادرة قوى المقاومة السياسية أكدت من جديد أن خيار محور المقاومة بالمواجهة مع العدو الصهيوني والتصدي لمخططاته هو الخيار الأمثل والأنجع لاستعادة الحقوق المسلوبة والمغتصبة، ودحر المحتل عن أرض فلسطين، فكما انتصر المحور في سورية والعراق واليمن على القوى الإرهابية الوهابية التكفيرية، وأفشل المشاريع والمخططات الصهيونية والأمريكية التي كانت معدة لهذه الدول، ستنتصر المقاومة في فلسطين، وستدحر العدو عاجلاً أم آجلاً.
سنان حسن