الكلمة للشعب
لطالما كانت المخططات الغربية جاهزة لاستهداف سورية، إن كان في الميدان العسكري أو في ميادين السياسة، مع كل تقدّم يحرزه الجيش العربي السوري في مواجهة مجاميع القتل الجوال لإعاقة تقدّمه وإطالة أمد الأزمة، والاستمرار في مسلسل الاستثمار في الإرهاب، وكذلك وضع العصي في عجلات أي جهود تبذل من قبل الدولة السورية والحلفاء لتفعيل المسار السياسي، حيث استخدمت أمريكا أذرعها الطويلة، إن كان بالإيعاز إلى الدول التابعة لها لمواصلة الهجوم الشرس، وضغوطها على المنظمات والهيئات الدولية ومبعوثيها الأمميين لتبني وجهة النظر الأمريكية بغض النظر عن تطلعات الشعب السوري، الذين تاجروا كثيراً بمعاناته في سبيل تنفيذ المخطط المرسوم حتى النهاية. ذلك حصل مع بداية “الربيع العربي”، مروراً بتوجيه بندقية الاستهداف نحو سورية فقط، ويستمر اليوم مع اقتراب جيشنا من القضاء على فلول الإرهاب، حيث بدؤوا الترويج لحلول سياسية على مقاس مصالحهم، عبر ما سموه “المجموعة المصغرة”، التي شكلت دولها بالأساس رأس حربة في الحرب على سورية، أو بمبادرات فردية من قبل حكام دول باتت معروفة للجميع أنها تريد من خلال طروحاتها الحصول على مكتسبات عجزت عن تحقيقها في سنوات الحرب.
وإذا كانت الدولة السورية لم تفرّط بأي من حقوق شعبها، ولم تقدّم تنازلات يمكن أن تمس سيادتها ووحدة أراضيها واستقلالها في أحلك الظروف، فمن الطبيعي اليوم أن تبقى على موقفها، بل وتفرض أجندتها على أي تحرّك سياسي لحل الأزمة، منطلقة من التزامها الوطني بالحفاظ على وحدة الأرض، ومصالح الشعب، واستقلالية القرار، والانتقال نحو مستقبل وفق ما يشتهي من صمد وضحّى من أبناء سورية، لا كما يشتهي ترامب وماكرون وأردوغان وابن سلمان و”المعارضة” الناطقة باسمهم.
وعليه فقد كان وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم واضحاً عندما أكد للمبعوث الأممي ستيفان ديمستورا بأن “مناقشة الدستور الحالي، وكل ما يتعلّق به شأن سيادي بحت، ولا يحق لأحد التدخل في صياغته غير الشعب السوري، وأن مساري أستانا وسوتشي هما المساران اللذان أثبتا القدرة على تحقيق تقدّم في طريق حل الأزمة”، وفي هذا أبلغ رد على المبعوث الأممي الحالي، ومن سيأتي بعده، وكذلك على الدول التي تحاول اختلاق مسارات جديدة لإحداث خرق، وإضاعة الهدف المنشود المتمثّل بإيجاد حل يرضي السوريين قبل الآخرين، ما يعني أن على المبعوث الأممي الذي سيخلف دي مستورا أن يضع تصوّراً للتحرّك يتناسب مع الرؤية السورية، وغير ذلك دوران في حلقة مفرغة ولن يؤدي، في حال الاستمرار على النهج ذاته، إلى نتائج أفضل مما حققه سابقه، والتي اقتصرت على زيارات واجتماعات وجولات مكوكية لم تقدّم شيئاً يذكر، ولم تؤد إحاطاته في مجلس الأمن أي غرض سوى إعطاء جرعة إنعاش للتنظيمات التكفيرية عندما غض الطرف عن ممارساتها الإجرامية، ولم يقل ولو مرة كلمة حق عن حقيقة ما يجري في سورية، وما تتعرض له من استهداف إجرامي قل نظيره.
إذاً لا تبدل في الاستراتيجية السورية التي أرادت القيادة السياسية من خلالها الدفاع عن حقوق شعبها ومواجهة أي مشاريع هدامة يراد من خلالها تحويل البلد إلى دولة فاشلة، عبر العمل على كتابة دستور على غرار ما حصل في العراق ولبنان، حيث تم تكريس مفاهيم غريبة أسست لطائفية مقيتة عزّزت الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وهذا ما تدركه الدولة السورية، ولن تقبل بأي حال الإملاءات الخارجية مهما كان شكلها أو أسلوب طرحها، فسورية كانت وستبقى واحدة موحّدة، والكلمة الأولى والأخيرة ستكون لشعبها في تقرير مستقبلها.
عماد سالم