تبريرات تخفي التقصير
يجيد منظرو الجهات الرسمية الدفاع عن تقصير إداراتهم بإيجاد الحلول لأزماتنا الاقتصادية..!
وإذا أخذنا محصول الحمضيات كمثال فسنكتشف بسهولة تقصير وزارت الاقتصاد والتجارة الداخلية، والصناعة بإنقاذ أي موسم للحمضيات خلال العقدين الماضيين على الأقل..!.
وما لم تقم به الجهات الرسمية تجاهلته تماماً جهات القطاع الخاص أي غرف التجارة والصناعة والزراعة، ولم يكن الوضع أفضل حالاً مع اتحاد الفلاحين..!.
المشهد قاتم جداً؛ فالكل مستنكف ومقصر بتسويق عشرات الآلاف من أطنان الحمضيات..!.
ومع أن آلاف المنتجين قلعوا أشجار حمضياتهم في السنوات الأخيرة لاستبدالها بزراعات أخرى فإن ما من جهة حكومية أو خاصة تحركت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتصرفت وكأنّ الأمر لا يعنيها أو أنه يجري في بلد آخر..!.
حتى معمل العصائر الذي لا يحل سوى جزء يسير جداً من فائض الحمضيات لا يزال موضوع خلاف منذ سنوات بين وزارات المالية والصناعة والاقتصاد والتجارة الداخلية واتحاد الفلاحين.. بين مؤيد ومعارض..!.
وكانت أبرز التبريرات خلال السنوات الماضية أن إقفال المعابر الحدودية هو السبب الرئيسي لأزمة تصريف الحمضيات..!.
وهذا التبرير الذي يبدو منطقياً جداً.. كان يمكن أن نقتنع به لو كانت مواسم الحمضيات تشق طريقها في السنوات الماضية عبر المعابر إلى الأسواق الخارجية ما قبل إغلاقها..!.
يعرف جيداً منظرّو الجهات الرسمية أن المشكلة كانت وستظل في تقاعس الجهات العامة والخاصة بإيجاد أسواق لتصريف الحمضيات في الأسواق الخارجية..!.
وما أن تم فتح معبر نصيب حتى سارع المنظرون للتأكيد بأنه ليس حلاً سحرياً لأزمة تسويق الحمضيات، وهم صادقون في ذلك تماماً، فتصريف الإنتاج لن يكون في المعبر وإنما في الأسواق التي تعاقدنا مع أصحابها لتسويق محاصيلنا إليها عبر المعبر.. وهذا لم تفعله الجهات العامة أو الخاصة لا في السابق ولا الآن..!.
تخيلوا أن لدينا 600 ألف طن من الحمضيات فائضة عن حاجة السوق السورية لم تتحرك أي جهة لإجراء اتصالات مع نظيرتها في الخارج للتعاقد على تسويق أي كمية كبيرة منها حتى الآن.. فلماذا؟!
يُتحفنا المنظرون مجدداً بتبريرات تخفي تقصير جميع الجهات عامة وخاصة (موضوع التصدير بحاجة إلى تحضيرات مسبقة قبل الموسم بأشهر من إبرام عقود تصدير وانتقاء الحقول المستهدف إنتاجها للتصدير وتحضير مشاغل الفرز والتوضيب وتأمين العبوات وفق متطلبات الأسواق المستهدفة)..!.
حسناً هذه التبريرات في الواقع هي بدهيات أو (ألف باء) تصدير الحمضيات.. فلماذا لم تقم بها الجهات المعنية في أوقاتها المناسبة كما تفعل جميع البلدان المصدرة للحمضيات..؟.
ترى هل تجهل هذه الجهات (ألف باء) التصدير، أم أنها أدمنت فن التبرير والتقصير..!.
نعيدها مجدداً: مجلس الشعب أقر بالتنسيق مع الحكومة في منتصف تسعينيات القرن الماضي مقترحات فعالة لتسويق الحمضيات في المواسم التالية..!.
المذهل أن ما من جهة عامة أو خاصة نفذت أي مقترح من تقرير مجلس الشعب خلال العقدين الماضيين..!.
علي عبود