المعارضة التركية: أردوغان عرف مسبقــاً بمخطط اغتيــال خاشقجــي
يوماً بعد يوم تتكشف تفاصيل الصفقة التي عقدها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مع النظام السعودي حول جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده باسطنبول، والتي تمّ بموجبها تمكين أردوغان من تحقيق نصر شخصي والحصول على مبالغ هائلة مقابل السير بالتحقيقات نحو تجريم مجموعة الاغتيال الخاصة وإخلاء مسؤولية ولي عهد النظام السعودي عن ذلك.
فقد أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليتشدار أوغلو أن أردوغان كان على علم تام ومنذ الساعات الأولى بكل التفاصيل الخاصة، كاشفاً خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه عن اعتراف نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم ياسين أكطاي بأنه تمّ إبلاغ أردوغان ومخابراته وقوات الأمن التركية بعد ثلاث ساعات من دخول خاشقجي مبنى القنصلية، متسائلاً إذا لم يكن أردوغان على علم تام بمقتل خاشقجي، فلماذا لم يصدر تعليماته للتدخل فوراً ومنع القتلة والقنصل السعودي من مغادرة تركيا؟!.
وكشف كليتشدار أوغلو عن قيام أردوغان بتسليم التسجيلات الصوتية عن عملية قتل خاشقجي لرئيسة المخابرات الأمريكية، إلا أنه لن يعلن عن تفاصيل هذه التسجيلات للرأي العام العالمي خوفاً من ملك النظام السعودي، الذي اتصل به مرتين وشكره على مواقفه، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من اعتراف السعودية بقتل خاشقجي داخل القنصلية لم يقل لنا أردوغان أين مكان الجثة.
وأشار كليتشدار أوغلو إلى أن أردوغان لا يريد أن تنقطع مساعدات النظام السعودي المادية له ولنظامه، معتبراً أنه لا يوجد فرق بين قضية خاشقجي وقضية القس الأميركي أندرو برونسون، الذي وصفه أردوغان بأنه “عميل وإرهاب،ي ولن يخلى سبيله طالما هو في السلطة”، ثم تراجع عن كلامه فيما بعد وأطلق سراحه.
وكان أردوغان لوّح كثيراً بامتلاكه معلومات ونيّته كشفها عن قتلة خاشقجي، إلا أنه اكتفى بالمؤتمر الصحفي الذي خصصه لهذه الغاية بالإدلاء بتصريحات كلامية دون أن يعطي معلومات، وذلك في إطار الابتزاز والمساومة مع النظام السعودي.
بالتوازي، كشف المعارض السعودي محمد المسعري، وهو عالم فيزياء منفي من بلاده ومنشق سياسي، أنه أول من أعلن خبر مقتل خاشقجي، وقال خلال مشاركته في حلقة من برنامج “كلمة حرة” على قناة الميادين: “وصلني الخبر من مصادر في المستوى الأرفع في السعودية، أي من شخص باستطاعته الاستماع إلى المكالمات الهاتفية بين محمد بن سلمان ومحمد دحلان، وهو مجرم فلسطيني مقيم في الإمارات”، على حدّ تعبيره.
وكشف المسعري أيضاً نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى في السعودية بأن ولي العهد النظام السعودي “كان مصرّاً على أن يُقطع رأس خاشقجي، ويرسل إليه كي يستلذ بالانتقام”، ورأى المسعري أن ترامب متورّط في مقتل خاشقجي لأنه تم إرسال نسخة من الفيديو الأساسي الذي يملكه الأتراك للرئيس الأميركي، حيث أرادت تركيا وضعه في موقف محرج للضغط عليه من أجل إزالة العقوبات ورفع الضغوط عن الليرة التركية، وأضاف: إن معلومات وبيانات استخباراتية كانت تصل إلى مكتب ترامب منذ أواخر 2017 تشير إلى إعداد مؤامرة لقتل خاشقجي أو اختطافه بالتعاون مع جهات أميركية، “لكن ترامب لم يحذر خاشقجي”.
وشدّد المسعري على أن ابن سلمان لن يتنحى ولن يرضى بذلك حتى لو حل أخوه خالد مكانه، وهو لن يرضى بالاقتراحات الأخرى كمحمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز، وأنه لن يتنحى دون خوض معركة، وتحدّث عن احتمال حدوث صراع مسلح بين النخبة الحاكمة.
بدورها، انتقدت التركية خديجة جنكيز خطيبة المجني عليه جمال خاشقجي سلوك الرئيس ترامب في قضية خطيبها، حيث أصرّ على أنه لا يريد أن يعرّض للخطر “طلبية كبيرة” لشراء أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار يقول: إنها ستدعم 500 ألف وظيفة أميركية، بسبب قضية مقتل خاشقجي.
وخلال مقابلة لها مع وكالة “رويترز” في لندن قالت جنكيز: “على الرئيس ترامب أن يساعد في كشف الحقيقة وضمان أن تأخذ العدالة مجراها”، وأضافت: “ينبغي ألا يمهّد الطريق للتستر على جريمة قتل خطيبي.. دعونا لا نجعل النقود تلوّث ضمائرنا، وتعرّض قيمنا للخطر”.
وفي سياق المواقف الدولية، دعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إلى إشراك خبراء دوليين في التحقيق في مقتل خاشقجي، وحثت السلطات السعودية على الكشف عن مكان وجود جثة خاشقجي، مشيرة إلى أن عملية التشريح تعتبر أحد العناصر الأساسية للتحقيق في هذه “الجريمة الفظيعة الصادمة”.