صحيفة البعثمحليات

حمضياتُنا للمرّة الألف..!؟

مُجرّد التّذكير كلّ عام بمعاناة مزارعي الحمضيّات، والمتجلّية سلوكاً: بالعزوف عن قطافها وصولاً إلى إتلافها، مروراً باقتلاع أشجارها واستبدالها بأصناف أخرى ذات مردود اقتصاديّ أفضل أو تحويل بساتينهم إلى الزّراعات الحوليّة السّريعة التي تؤمّن مصدر دخل لهم ولأسرهم؛ يعني أنّ الحكومة لم تُولِ هذا الملف العناية الكفيلة باجتراح الحلول لمشكلاته والمتجسّدة بتدني أسعار المحصول قياساً بتكلفة الإنتاج، وتحكّم التّجار بالأسعار في ظلّ غياب أسواق تصريف للمنتج، وضعف الأسواق الدّاخلية عن امتصاص فائض الإنتاج، ناهيك عن ارتفاع أسعار النقل المرتبطة عضوياً بأسعار المحروقات، وارتفاع تكاليف الإنتاج من سماد ومحروقات وأدوية كيماوية وغيرها، وتضخّم هامش ربح السّماسرة وتجار الكومسيون أدى إلى حرمان الفلاح من ثمرة تعبه وفي نفس الوقت حرمان المواطن من استهلاك هذه المنتجات بالسعر المعقول.

وكذا التّقصير في فتح أسواق تصريف خارجيّة، فضلاً عن المماطلة والتّسويف في تشييد معامل عصائر تستقطب فائض حاجة السّوق من المنتج بتحويلها إلى مواد مصنّعة ذات قيمة مضافة، كما تُحرّر المزارعين من سطوة صاحب المعمل الخاص الأوحد في الساحل الذي يتحكم منذ سنين بسوق الحمضيات، إذ يشتريها بأبخس الأسعار في غياب أية منافسة.

ثمّة من يهمس؛ بأنّ المشكلة تكمن في عدم قدرة القطاع الصّناعي على الاستفادة من هذه الموارد الزّراعية بتحويلها إلى مواد مصنّعة ذات قيمة مضافة، لوجود مشكلات تتعلق بنوعية الإنتاج لابُدّ من الوقوف عندها، إذ إنّ معظم الحمضيات، هي من سلالات المائدة وليست صالحة للاستغلال الصّناعي كعصائر وخلافه، وكان على المعنيين بزراعتنا تحسين هذه السّلالات بالتّطوير أو الاستبدال، وهذا ما يستحضر  التّذكير بضرورة تحقيق حماية اقتصادية تتمثل في الحدّ من الصّناعات الغذائيّة الكيميائيّة، وتشجيع الصّناعات الغذائيّة الطّبيعية.

وبما أنّ الزّراعة قاطرة نمو الاقتصاد وأهم دعائمه؛ نتساءل: لماذا لا تتمّ الاستفادة من تجارب الدّول المتقدّمة في مضمار صناعة العصائر الطّبيعية، والحؤول دون استيراد مكثّفات العصير الصّناعية المؤذية للصّحة والتي تُستهلك بشدّة من قبل اليافعة والأطفال، الأمر الذي يقع في الدّرجة الأولى على عاتق وزارة الصحة المؤتمنة على سلامة غذائنا، وإذا ما جاءت التّبريرات بأنّ البرتقال السّوري غير اقتصادي ولايحتوي على الكثافة النّوعيّة المطلوبة مقارنة ببرتقال دول أمريكا الجنوبيّة؛ يغدو لزاماً على وزارة الزّراعة وإرشادياتها مساعدة الفلاح بالعمل على وضع خطّة لتحسين الأنواع بالتّطعيم وسواه من التّهجين.

والحال أن واقع حمضيّاتنا المؤلم يستدعي دونما إبطاء استنفار جهود كلّ من وزارات: الزّراعة، والتّجارة الدّاخلية، والاقتصاد، وغرفتي الزّراعة والتّجارة، واتّحاد المصدّرين، لاجتراح حلول إسعافيّة بالسّرعة القصوى، من شأنها الحؤول دون خسارة مواسمنا من الحمضيات كما في السنوات الأخيرة، آخذين بالحسبان الإفادة من حيثيّة فتح المعابر مع الجوار؛ فهل نفعل..؟

أيمن علي

Aymanali66@hotmail.com