مع الأحداث بلفور” و”ترامب” لن يمحوا فلسطين
منذ وعد وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور، بمنح “اليهود” حق إنشاء وطن في أرض فلسطين، والمحاولات الغربية والصهيونية متواصلة حتى يومنا هذا لتصفية الوجود الفلسطيني في أرض “الميعاد”، لنصل اليوم إلى ذروة هذه المحاولات مع ما بات يعرف بـ”صفقة القرن”، التي يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرحها لإنهاء القضية الفلسطينية بصورة نهائية وتحقيق السلام في المنطقة كما يزعم!!.
فعلى الرغم من مرور 100 عام وعام على الوعد المشؤوم لم يتغيّر شيء على الإطلاق، فالحركة الصهيونية والدول الغربية الداعمة لها ولوعد “بلفورها” هي ذاتها، حتى “العربية” التي لم تتحرّك في حينها للدفاع عن فلسطين ومقدساتها، وبقيت متفرجة، ووقعت صكوكاً بالتنازل عنها لــ “للمساكين اليهود”!!، ها هي اليوم تهلل لقادة العدو الصهيوني بهدف مزدوج وهو “إنجاح صفقة القرن” لإنقاذ كراسي الحكم فيها.
والحال فإن ما سمي بـ”الربيع العربي” كان له جانب مفيد فقد عرّى الموقف الرسمي العربي، ولاسيما الخليجي، وكشف عن وجهه الحقيقي الذي بقي متلطياً خلف شعارات رنانة مفادها أن قضية فلسطين هي المركزية ولا يمكن التخلي عنها، ولكن الوقائع على الأرض جاءت عكس ذلك، فالدول التي تدّلل على نفسها بـ”المعتدلة”، موّلت ودفعت مليارات الدولارات لتدمير دول شقيقة كانت ولا تزال تضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها واهتماماتها، كما وغّذت خلافات داخلية فلسطينية بين الفصائل المتنافسة، لتسهل على الحركة الصهيونية وداعميها تحقيق مبتغاها، فكان قرار “ترامب” نفسه بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وإصدار الاحتلال الصهيوني لقانون “القومية” الذي يمهّد لطرد فلسطيني الـ 48 من منازلهم وأراضيهم، والأخطر قطع المساعدات المالية عن “الأونروا” للقضاء على ما تبقى من حقوق اللاجئين في الشتات.
في الوقت عينه كشفت تلك الدول وبكل وقاحة عن علاقتها مع العدو الصهيوني ومدى التنسيق القائم بينها وبينه، فالزيارات تحت يافطة مموهة أسقطت كل الأقنعة وكشفت الأهداف المنشودة، وربما ما كشفته صحيفة واشنطن بوست قبل أيام بأن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو توسط لولي عهد النظام السعودي لدى البيت الأبيض لدعمه وطي جريمته في اسطنبول، ما يؤكّد مدى الصفاقة والوقاحة في التطبيع مع الكيان الغاصب.
أمام كل ذلك بقي الفلسطيني على مدى قرن من الزمن الرقم الصعب والمُسقط لكل الصفقات والوعود والتسويات، فتمكّن بصدره العاري وبحجر وسكين في يده، وإرادته الجبارة من الحفاظ على قضيته حية، مقدّماً دروساً في المقاومة والصمود، متجاوزاً كل السقطات التاريخية لقادته وأشقائه العرب، مقدّماً مئات آلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والمعاقين، ومؤكداً استعداده الدائم لمواصلة المقاومة حتى استعادة حقوقه في أرضه ووطنه وانتزاع حريته واستقلاله.
واليوم وكما فشل وعد آرثر جيمس بلفور في محو فلسطين من الخريطة وتحويلها إلى أرض خاصة بالصهاينة، بفضل صمود الفلسطينيين وكل القوى الحية في مقاوماتها والدفاع عن كل ذرة تراب من أرضها المقدسة، ستسقط “صفقة” ترامب بفضل هذه القوى ذاتها ولن تكون فلسطين إلا لشعبها وأصحابها الحقيقيين.
سنان حسن