فــؤاد بــلّاط مكــرماً في أماســـي
“نحن قادرون على تجاوز تدمير الحرب، فالسوريون يملكون قدرة على الإبداع لاحدود لها، قد نختلف بالألوان والانتماءات لكن الاختلاف لايعني الخلاف ويوحدنا الوطن” بهذه المفردات أنهى الإعلامي فؤاد بلاط جلسة أماسي-بإدارة الإعلامي ملهم الصالح في المركز الثقافي العربي في “أبو رمانة”- والتي كانت حافلة باسترجاع مرحلة من تاريخ سورية المعاصر خلال خمسة عقود أمضاها بلاط في مسيرته الإعلامية، واتخذت في مواضع حديث الذكريات لمصادفات جمعته مع كبار الشخصيات السياسية والأدبية والثقافية، غيّر بعضهم من مسيرة حياته ليمضي من نجاح إلى آخر، ورغم ذلك تعرض لخيبات إلا أنه مثل طائر الفينيق ينهض من جديد.
وقد كرّمت وزارة الثقافة ممثلة بمعاون الوزير علي المبيض فؤاد بلاط بتسليمه درع الوزارة وشهادة التكريم، وأشار إلى أن وزارة الثقافة معنية بتكريم الشخصيات الوطنية وكل من أبدع، فالإبداع ليس حكراً على صنف معين، والوزارة اليوم معنية بتكريم الإعلامي الأستاذ فؤاد بلاط لاسيما أنه عُيّن مستشاراً لوزارة الثقافة ورئيس اللجنة الإعلامية للثقافة الإسلامية عام 2006، كما قدم الكثير للإعلام السوري خلال نصف قرن لاسيما الإعلام المرئي، ليخلص إلى أن الأمر الجميل أن يكرّم المرء بوطنه وبين أبناء شعبه، وشكر المبيض سورية التي قدمت وتقدم في كل المراحل الزمنية مبدعين في كل المجالات.
صوت من لاصوت له
وبدأ الإعلامي ملهم الصالح بالتعريف بفؤاد بلاط الذي لُقب بمدير عام الفقراء، وصوت من لاصوت له، ثم بدأ الحوار معه من مواقفه السياسية التي جعلته يسجن عدة مرات، وبقي موقفه واضحاً فكان ضد استخدام السلاح في حلّ مشاكل الحزب، ليصل إلى عمله محرراً في جريدة الاشتراكي بصفة المراسل النقابي ومشاركته بالمؤتمر العام لاتحاد العمال العرب الرابع في القاهرة ولقائه جمال عبد الناصر.
الشخصية الأولى في حياته كانت فؤاد نعيسة رئيس تحرير الاشتراكي الذي أشاد عبْر شهادته المسجلة بأخلاقيات بلاط وبأن الإعلام يتغلغل بشرايينه. ولعدم تعديل وضعه الوظيفي اضطر بلاط إلى تقديم مسابقة لوزارة التربية فعاد إلى الميادين المكان الذي وصفه بالساحر إلى شط الفرات، ليعود بذاكرته إلى جماليات المكان الذي يشده فتحدث عن التكوين الاجتماعي المختلف فيها، وعن مبدأ التعامل مع الآخر كصديق وليس كند أو عدو، وفي ربوع الميادين درّس في إعدادية وثانوية ابن رشيد، إلا أن عاد إلى الإدارة السياسية في دمشق والتقى د. صابر فلحوط.
المنعطف الذي غيّر حياة بلاط كان علاقته بوزير الإعلام الراحل أحمد إسكندر أحمد الذي توافرت في شخصه كما ذكر بلاط صفات الوزير الناجح” المهني والإداري والسياسي” والذي اتصف بقربه من القائد الخالد حافظ الأسد في مرحلة صعبة من تاريخ سورية واجه فيها الإعلام السوري تحديات كبيرة.
وبدأت الانطلاقة الجديدة لبلاط في قرار تعيينه وترشيحه من قبل الوزير أحمد مديرا للتلفزيون السوري عام 1976، ومن ثم المدير العام للإذاعة والتلفزيون، فعمل مع وزير الإعلام على تطوير الإعلام المرئي فوصل البث إلى محطة البوكمال، وتحول البث من الأبيض والأسود إلى الملون، ودخلت برامج هادفة ذات طابع ثقافي وتوثيقي منها سهرة الثلاثاء مع عادل يازجي التي تميزت باستضافة كبار الشعراء والمثقفين مثل عمر أبو ريشة وهاني الراهب ومنصور الرحباني وكثيرين، كما تمت استضافة مستشرقين، وتحدث بلاط عن علاقته بعدد من رجالات السياسة والثقافة وبالشاعر الكبير بدوي الجبل وأشاد بجمالية شعره وجزالته.
وتوقف بلاط عند الحدث الهام في حياته وعلاقته بالقائد الخالد حافظ الأسد التي تعود إلى أيام عمله النقابي إلا أن علاقته بالقائد الخالد التي وصفها بالسياسية الإعلامية توطدت من خلال الوزير أحمد إسكندر وعمله بالتلفزيون، إذ عمل القائد الخالد على الارتقاء بالإعلام السوري واتصف بمتابعته الدقيقة لكل مايعرض.
عودته إلى الإعلام
بعد وفاة وزير الإعلام أحمد إسكندر أحمد لم يستطع بلاط الاستمرار بعمله فانتقل لإدارة المركز التدريبي للإذاعات العربية عام 1985، ومعاونا لوزير الإعلام عام 2000.
وتحدث الأستاذ عدنان عمران الذي حضر الندوة وشارك بتكريمه عن بلاط مبتدئاً بقوله:” الموهبة تكرّم نفسها”، وتابع عن الإصلاحات الكبيرة التي عملا عليها، بإصدار قانون مطبوعات جديد يتيح المجال لحرية الكتابة والتعبير وفق القانون، وفتح المجال للإعلام الحر، والسماح بالإعلام الخارجي بالدخول إلى سورية وقمنا بتحدي هذا الإعلام من خلال إعلامنا الوطني.
المقصف الشعبي
واستعرض الصالح عدداً من الشهادات المسجلة أجملها من الفنانة نضال الأشقر التي استضافها بلاط بعد نجاح عملها شجرة الدر، فتحدثت عن حياته البسيطة وتقشفه وهو مدير عام وعدم سعيه للحصول على المال، وأشادت بإخلاصه لبلده ولعمله الإعلامي.
وتحدثت الإعلامية ديانا جبور عن المواقف النبيلة التي جمعتها مع بلاط في جريدة الثورة وعن شغفه بالقراءة، لتخلص إلى أن مجد الإعلامي لحظة لكن فؤاد بلاط حافظ على مجده نصف قرن.
وأضافت معدة برامج الأطفال هالة النابلسي أنها أدركت أن الإدارة فنّ من خلال عملها في التلفزيون بإدارته.
وأشاد أحد تلامذته بالميادين بنبل أخلاقيات بلاط وبزياراته إلى الميادين وإصغائه إلى هموم الفقراء في المقصف الشعبي.
وعرض خلال الأمسية فيلم توثيقي عن مسيرة بلاط والشخصيات التي أثّرت بحياته، مع الكثير من الصور الأرشيفية.
ملده شويكاني