تحقيقاتصحيفة البعث

لتخفيف الازدحام عن مدينة اللاذقية.. مجمعات تنموية وتسويقية وحرفية.. وسرعة الإنجاز أولوية بيئية مستعجلة

لاتزال مدينة اللاذقية كغيرها من المدن تنوء بازدحام ضاغط على انسيابية حركة النقل والمرور فيها جراء تمركز معظم الأنشطة التجارية والصناعية والتسويقية والحرفية في عمقها ومحيطها وضواحيها، وإذا كان نقل الصناعات الحرفية منها تدريجياً على مر السنوات قد خفف عنها نسبياً الضوضاء والازدحام بانتظار نقل ما تبقى من صناعات لاحقاً، إلا أن هناك أنشطة تجارية كمحال ومعارض تجارة السيارات، والمنشآت الحرفية المشابهة، وسوق الهال المضغوط تسويقياً بحركة الشحن كونه السوق الرئيسي في المنطقة الصناعية، وخروج ودخول أعداد كبيرة من السيارات إلى السوق ومنها، وقبل هذا وذاك حركة الشاحنات من وإلى المرفأ، وعدم إنجاز طريق الشحن المرفئي الذي كان مخططاً له ومدرجاً على قائمة أهم مشروعات تخديم مدينة اللاذقية بمسارات شحن ترفع الضغط عن الطرقات العامة الرئيسة في المدينة، ومن شأن مجمل هذه التحديات التنموية والبيئية والمرورية الحقيقية أن تدفع جدياً نحو الإسراع بإنجاز كل المجمعات التي يجري العمل عليها، سواء المجمعات التنموية، أو مجمع سوق تجارة السيارات، وحتى التوسع بالمجمعات التسويقية في مدن المراكز، وفي المناطق الرئيسية، بما يخفف الضغط والضوضاء والازدحام عن مدينة اللاذقية التي تأثرت بشكل كبير خلال الظروف الراهنة جراء توافد أعداد كبيرة من أبناء المحافظات إليها، ومزاولتهم لكل أشكال النشاط البشري، ناهيك عن وجود عدد كبير من الطلبة في المدارس، وجامعة تشرين، ما انعكس على شدة الطلب على العقارات لأجل السكن.

مجمعات تنموية

بهدف التوسع الأفقي في التنمية الريفية المناطقية، جاء إطلاق مشروع يعوّل على المجمعات التنموية، تنفذه وزارة التجارة الداخلية لاستقطاب مشروعات صغيرة ومتوسطة تفتح مصادر دخل، وفرص عمل جديدة في المناطق الريفية، وفي الوقت نفسه تسهم في دفع العجلة التسويقية، وقد أجمع المعنيون في وزارة التجارة الداخلية ومؤسساتها في محافظة اللاذقية خلال ورشة عمل تم تخصيصها لواقع إنجاز هذه المجمعات على أهميتها القصوى، وذلك خلال مناقشتهم لها في مبنى فرع المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب في محافظة اللاذقية، وقد تم التأكيد على أهمية إطلاق هذه المجمعات، حيث من شأن كل مجمع تشكيل عملية تنمية حقيقية في الريف، واستقطاب 250 عاملاً من الريف، ما يحقق استقراراً، ويخفف من نسب الهجرة الداخلية، إضافة إلى كونها حاضنة أعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن مناطقها، وتبلغ تكلفتها على الهيكل 1.2 مليار ليرة سورية، وفي مرحلتها الأخيرة تصل لـ 5 مليارات ليرة سورية، بما يدعم استراتيجية عمل وزارة التجارة الداخلية في انتهاج صيغ التنمية الذكية، والبعد عن الأعمال الإجرائية، وفي هذا الإطار يجري التخطيط  على المدى المستقبلي لتكون أسواق الهال عائدة وتابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بهدف تنظيم وضبط آلية عملها، بما ينعكس على إلغاء الحلقات الوسيطة التي تسبب ارتفاعاً في الأسعار، لأن هناك تجار جملة ونصف جملة وبحلقات متدرجة ووسطاء، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار على حساب المنتج والمستهلك، وقد جاء التأكيد على الجدية المطلقة في دعم إنجاز هذه المجمعات في حديث لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي الذي أوضح بأن المجمعات التنموية مخطط ومبرمج لها للعمل بحركة انسيابية، وبحزمة تسهيلات في تداول المنتجات، بما فيها حركة الشحن، مبيّناً أن المجمع التنموي في موقع عرب الملك سيدخل في الخدمة خلال عام 2019.

توسع أفقي

تستقطب سوق الهال “الجملة للخضار والفواكه” جزءاً كبيراً من حركة الشحن والنقل خلال ساعات عديدة من اليوم، ولاسيما صباحاً، ويتم نقل الحمولات بكثافة منها إلى كل مدن وأحياء وقرى المحافظة، ما يسبب غزارات مرورية كثيفة، وما يدعو للتوقف عنده جدياً أن التوسع بإنشاء أسواق الهال خارج نطاق المدن الرئيسية باتجاه النواحي كان ولايزال أولوية مطروحة ومطلوبة لدفع عجلة التسويق الزراعي الذي يحتاج مصفوفة حلول متداولة منذ سنوات طويلة، من ضمنها تحقيق الانسيابية التسويقية بأقل الأعباء والتكاليف والأجور التي يتحمّلها المزارع المنتج عند استجرار محصوله من مناطق الإنتاج إلى مراكز المدن، في الوقت الذي تندر فيه أسواق الهال في مراكز المناطق والنواحي والبلدات بسبب إغفال المخططات التنظيمية لهذه الأسواق، وعدم لحظها تخطيطياً رغم أهميتها الاقتصادية والزراعية.

 

دعم الأسواق

وفي جديد هذه الأولوية فإن محافظة اللاذقية تعتزم دعم مثل هذه الأسواق في النواحي، كما واقع الحال في بلدة رأس العين في منطقة جبلة، حيث يعكف مجلس البلدة على إتمام إجراءات استحداث سوق هال جديد ومنظم  لا يبعد عن سوق الهال الحالي أكثر من  30 متراً، ولأجل متابعة هذه الإجراءات فقد تم في المحافظة تشكيل لجنة مؤلفة من عضو المكتب التنفيذي المختص،  ومدير منطقة جبلة، ورئيس بلدية رأس العين، وممثّلين عن أصحاب محال سوق الهال لدراسة الواقع الحالي لسوق الهال، والسوق المقترح، والخروج بمقترح يأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للمزارع، وأصحاب المحال، والمنطقة بشكل عام، ومن شأن لحظ مثل هكذا أسواق في النواحي والبلدات تحقيق ربط بين مراكز الإنتاج والتسويق، وعدم اضطرار المزارع لنقل الإنتاج إلى مدينة المركز (اللاذقية)، أو مراكز المدن الرئيسية التي تستقطب الجزء الأكبر من المحاصيل المعدة للتسويق والتصريف، وهذا يسهم في تحقيق ريعية أكبر، وفي إتاحة فرص تشغيل ناتجة عن مختلف مراحل وحلقات العملية التسويقية بعد توفير البنى الأساسية والتحتية والخدمية الضرورية لأسواق الجملة للمنتجات الزراعية، وبما ينعكس إيجاباً على فاعلية وجدوى تسويق المنتجات والمحاصيل الزراعية، ومردودها على المزارع المنتج.

مجمع إنتاجي زراعي

أوضح المهندس منذر خيربك، مدير زراعة اللاذقية أنه تم الانتهاء من إنجاز مشروع إعادة تأهيل مجمع مشاتل الهنادي الزراعي للغراس الذي يعد أحد أضخم مراكز الإنتاج الزراعي على مستوى القطر، مشيراً إلى أن المديرية أطلقت أعمال إعادة التأهيل حفاظاً على الارتقاء المستمر بهذا المجمع الزراعي النوعي المتكامل، حيث شملت عمليات إعادة التأهيل العديد من الإجراءات والأعمال التي بانتهائها رسمت الصورة الجديدة والمظهر الحضاري الذي يليق بتجمع علمي إنتاجي بضخامة تجمع الهنادي، حيث يضم هذا التجمع ثلاثة مشاتل منتجة لغراس الحمضيات والزيتون الخالية من الأمراض والآفات، وذات المواصفات الإنتاجية الجيدة والملائمة للظروف المناخية، ويقدر إجمالي إنتاجها السنوي بحوالي 390 ألف غرسة، والتي يتم توزيعها على الإخوة المزارعين بأسعار مدعومة، بالإضافة لمشتل ينتج حوالي 600 ألف من الغراس الحراجية التي يتم من خلالها ترميم وإعادة تأهيل المناطق الحراجية المتضررة، ولفت المهندس خيربك إلى أن المجمع يضم مركز تربية وإكثار الأعداء الحيوية الذي ينتج خمسة أنواع من المتطفلات، ونوعين من المفترسات التي تستخدم في عملية المكافحة الحيوية لعدد من الآفات على الحمضيات، والتفاح، وفي الزراعات المحمية، بالإضافة لمركز تربية دودة الحرير الذي تم إنشاؤه حديثاً لإنتاج بيوض دودة الحرير، وتوزيعها على المربين مجاناً، وحول ما يتضمنه التأهيل بيّن خيربك  أنه تم  تجهيز ثلاثة حقول وإعادتها للخدمة بعد تنظيفها وتعزيلها من بقايا النباتات والأتربة التي تجمعت فيها لمدة طويلة، وحراثة ثلاثة حقول إنتاج، وتنظيف حقل أمات الحمضيات والزيتون، وتنظيف كافة جوانب حقول الإنتاج في كامل التجمع، وإزالة شجيرات الأكاسيا التي كانت منتشرة في كافة الحقول، وترحيلها إلى المكب، كما تم تعزيل وتنظيف كافة جوانب البيت الزجاجي والبيت البلاستيكي لمشتل إنتاج غراس الزيتون، بالإضافة لتجهيز كمية من الترب المعقمة تعقيماً شمسياً تمهيداً لاستخدامها بعملية إنتاج الغراس، مع إعادة تأهيل الكهرباء الطرقية لكافة المشاتل في التجمع بهدف وضوح الرؤية الليلية أثناء نوبات الحراسة، إضافة إلى إعادة تأهيل مدخل التجمع، وذلك بتنظيف الجوانب، وتقليم أشجار الكازورينا، وطلائها بالكلس، بالإضافة إلى إنجاز تشكيلات صخرية تزيينية، ونباتات الزينة على جانبي المدخل، وأوضح مدير الزراعة أنه بالاضافة لذلك تم نقل كميات من الخلطات الترابية للمشاتل والحقول المجهزة، وقد تم إنجاز هذا العمل الضخم بجهود 80 عاملاً مدعومين بـ 5 شاحنات، و 2 باغر، و2 بوب كات، و5 جرارات، و2 تركس.

الضوضاء والازدحام

يأتي إنجاز مشروع مجمع مكاتب تجارة السيارات لوضعه في الاستثمار في أقرب وقت، من الأولويات المحسومة، ومن المشروعات الضرورية التي يجري العمل عليها تخطيطياً، وتنفيذياً، وإجرائياً، حيث إن هذا المشروع الذي يمتد على مساحة تقارب 40 دونماً في المنطقة الصناعية الجديدة بمدينة اللاذقية، وتصل كلفته التقديرية إلى 1,7 مليار ليرة، له أهمية متكاملة بيئياً، واجتماعياً، واستثمارياً، لأنه يكفل تخليص مركز مدينة اللاذقية وضواحيها من الضوضاء الناجمة عن الانتشار العشوائي لمكاتب السيارات داخل المدينة، كما يشكّل هذا المجمع المرتقب إنجازه مشروعاً استثمارياً مولّداً لفرص العمل، إضافة إلى إسهامه في تنشيط حركة تجارة السيارات، ومن المعوّل عليه أن يتم بعد الانتهاء من إنجاز المجمع نقل مكاتب السيارات من وسط المدينة، ما سيخفف من ازدحام الشوارع، وإشغالات الأرصفة، بما ينعكس إيجاباً على انسيابية الحركة في المدينة وجماليتها، والحد كثيراً من الضجيج والضوضاء.

 

ضرورة اقتصادية وبيئية ومرورية

لايزال مشروع طريق الشحن المرفئي الحيوي من أهم المشروعات الطرقية الحيوية المخطط لها لتنظيم حركة الشحن من وإلى اللاذقية، رغم  تعليقه لسنوات بسبب إشغالات مساره واستملاكاته، وهناك مساع حثيثة، كما أوضح مدير فرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، المهندس مطيع سلهب، لإمكانية إعادة تفعيل هذا المشروع من خلال التنسيق المشترك بين فرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية في اللاذقية، ومجلس مدينتها في متطلبات واحتياجات إعادة إحياء المشروع والإقلاع به بعد تذليل الصعاب ومعالجتها، وأشار المهندس سلهب إلى أن هذا المشروع الطرقي من المشروعات الهامة المدرجة في خطة مشروعات المؤسسة لما له من أهمية اقتصادية ومرورية كونه سيسهم  في دعم وتيرة وانسيابية حركة شحن البضائع الواردة والصادرة من المرفأ، وكونه يشكّل مرحلة رئيسية من مشروع المتحلّق الشمالي الذي يحظى بدعم وزارة النقل  ومتابعتها للمشروع الذي يعود إلى مجلس مدينة اللاذقية، وبما يوازي  الدور الوظيفي لمشروع الوصلة المرفئية في فتح مسار شحن بانسيابية أسرع وأسهل من وإلى المرفأ.

 

انسيابية في حركة الشحن

وأوضح المهندس سلهب أن طريق الشحن المرفئي هو جزء ومرحلة من مشروع المتحلق الشمالي لمدينة اللاذقية، يتبع لمجلس مدينة اللاذقية، وأن المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية جاهزة لإنجاز المشروع الذي  يحقق ربط المرفأ بالمتحلق الشمالي لتأمين خروج الشاحنات من المرفأ، وصولاً إلى خارج المدينة دون المرور بالطرقات الداخلية لمدينة اللاذقية، ويسهم في التخفيف من الازدحام المروري، وبما يدعم منظومة الشحن المرفئي من وإلى مرفأ اللاذقية، ويفتح هذا الطريق انسيابية في حركة النقل البري باتجاه المرفأ.

مروان حويجة