إيران تتحدّى ترامب: سنبيع نفطنا وأمريكا ستندم
ردّ الرئيس الإيراني حسن روحاني على كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال: إن العقوبات الأميركية على إيران التي دخلت حيّز التنفيذ أمس بأنها “الأكثر صرامة في تاريخ الولايات المتحدة”، وقال روحاني: “سنتجاوز العقوبات الأميركية وسنجعل أميركا تندم”، مضيفاً: “على أميركا أن تعلم أنه لا يمكنها التحدّث مع الشعب الإيراني العظيم بلغة التهديد والعقوبات والضغوط”.
وكشف روحاني، خلال اجتماع كبار المسؤولين في وزارة الاقتصاد والمالية، أن “4 زعماء أوروبيين توسّطوا لألتقي ترامب في نيويورك لكني أبلغتهم بعدم الحاجة لذلك وإنما للالتزام بالعهود”، وشدد: “علينا إفشال مخططات أميركا، التي تريد أن تعيد بلادنا 40 عاماً إلى الوراء، وإيران لن تضعف”.
وإذ أشار الرئيس الإيراني إلى أنه “لا مشكلة لدينا بالحوار لكن يجب أن يكون الطرف المقابل ملتزماً بكلامه وعهوده أولاً”، لفت إلى أن “أميركا أصبحت أكثر عزلة بسبب انتهاكاتها الدولية، وهو ما يتبدى من خلال عدد المعارضين لسياستها”، وتساءل: “ألا يعد إعفاء أميركا 8 دول من العقوبات وتراجعها عن مقولة تصفير صادرات نفطنا انتصاراً لنا وتراجعاً لها؟”، موضحاً أنه “حتى ولو لم يعفوا هذه الدول الثماني من العقوبات كنا سنبيع نفطنا أيضاً”.
ودعا روحاني إلى تقديم امتيازات لتعزيز الاستثمارات الأجنبية من أجل مواجهة العقوبات الأميركية”، وتابع: “نعترف بأننا نلتف على العقوبات الأميركية الظالمة بكل فخر، وأميركا تنحدر نحو الأسفل”، وأشار إلى أن ظروف بلاده ليست سهلة، وأكد: “هناك قوى كبرى تقف ضدنا لكننا شعب عظيم وسنتجاوز ذلك”، معتبراً أن “ما تفعله أميركا اليوم هو ممارسة الضغط على الشعب وليس على أي جهة أخرى”.
كما أكد أن “الولايات المتحدة ستفشل في تحقيق أهدافها ضد الشعب الإيراني”، ولفت إلى أن بلاده انتصرت 3 مرات على الساحة القانونية الدولية على أميركا، وأشار إلى أن “إيران ستبيع نفطها وتخرق العقوبات الظالمة”، وأضاف: “نفتخر بأننا ندعم شعوب المنطقة، أما أميركا فتفتخر بأنها تدعم كياناً مجرماً يقصف الشعب الفلسطيني يومياً، كما أنها تدعم أيضاً نظاماً يقتل الشعب اليمني”.
وختم الرئيس الإيراني: “أميركا دعمت من قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول بطريقة وحشية”، معتبراً أن “القتل الوحشي الذي حصل في اسطنبول ألحق العار بأميركا، وهم لن ينجوا من هذا المستنقع”.
وشهدت العاصمة الإيرانية طهران الأحد مسيرات حاشدة أمام مقر السفارة الأميركية السابق لمناسبة “يوم مقارعة الاستكبار العالمي”، وفي مواجهة تصعيد العقوبات الأميركية على إيران.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الولايات المتحدة غير قادرة على إضعاف الاتفاق النووي مع إيران بمجرد انسحابها منه، ونحن ما زلنا نعتبره أفضل ما تحقق حتى الآن بهذا الشأن، وقال، خلال الجلسة العلنية لمجلس الشورى، “إن كل وثيقة من الاتفاق تمّ توقيعها على الملأ وتمّ الإفصاح عنها في الأخبار، وذلك بعد أخذ رأي الخبراء النوويين، وبما يتماشى مع المصالح الوطنية لإيران”، وأكد أن الولايات المتحدة وبعد سنة ونصف السنة من السعي والمحاولات الرامية لإضعاف الاتفاق لا تزال عاجزة عن ذلك, مشيراً إلى أن الأميركيين عندما دخلوا الاتفاق كان هدفهم وقف البرنامج النووي الإيراني وإغلاق منشأة فوردو ومفاعل أراك النووي للماء الثقيل وكذلك تقييد إيران في العمل فقط على الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي في إطار الأبحاث والتنمية وكانوا يرومون أيضاً إضافة موضوع قدراتنا الصاروخية إلى الموضوع النووي إلا أنهم لم يحققوا مطالبهم.
وأضاف ظريف: إن واشنطن عملت على حشد الرأي العالمي ضد إيران من خلال إطلاق الكثير من الأكاذيب لكن الاتفاق النووي كان من القوة بحيث فشلت كل هذه المحاولات، وما زال العالم متمسّكاً به، ونحن في حال أردنا نستطيع بسهولة العودة إلى برنامجنا النووي والمضي به قدماً أفضل من السابق.
وفي ردود الأفعال الدولية على دخول العقوبات الأمريكية حيّز التنفيذ أعلن الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا أسفهم لقرار الولايات المتحدة، وأكدوا في بيان مشترك أنهم سيسعون لحماية الشركات الأوروبية التي ترتبط بتعاملات تجارية مشروعة مع طهران.
الرد الأوروبي هدفه بحسب البيان حماية اللاعبين الاقتصاديين الأوروبيين الذين لهم تعاملات تجارية مشروعة مع إيران، بما يتماشى مع التشريع الأوروبي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.
من جانبها اعتبرت روسيا أن الولايات المتحدة تحاول خنق المنافسة عبر العقوبات ضد دول أخرى، ورأت أن الاقتصاد الأميركي هو الذي سيتضرّر في نهاية المطاف جراء ذلك.
أما سويسرا، التي تلعب دور وسيط بين الطرفين في مسعى لتدشين قناة إنسانية لتوصيل المساعدات إلى الشعب الإيراني بهدف ضمان استمرار تدفق الطعام والأدوية، فأكدت أن حكومتها ملتزمة بحماية المصالح الاقتصادية السويسرية وتتابع عن كثب تطوّر الموقف.
كما شددت وزارة الخارجية الصينية على أنه يجب احترام التجارة المشروعة مع إيران، فيما أكدت تركيا، وعلى لسان نائب رئيس النظام التركي فؤاد أقطاي، أن بلاده أبلغت الأميركيين بأن عقوباتهم ضد إيران غير عادلة، وشدّد “لن نقبل أن يُفرض علينا تطبيق العقوبات على إيران من قبل طرف ثالث”.
في سياق متصل أعربت الحكومة البريطانية عن أسفها إزاء القرار الأمريكي، وقال متحدّث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: “ما زلنا مقتنعين بأن الاتفاق النووي الإيراني يجعل العالم أكثر أماناً.. وطالما تفي إيران بالتزاماتها وتحترم القيود الصارمة المفروضة على أنشطتها النووية بموجب الاتفاق فإننا سنلتزم به كذلك”، وأضاف: “نؤيد بالكامل توسيع نطاق علاقاتنا التجارية مع إيران وتشجيع الشركات البريطانية على انتهاز الفرص التجارية المتاحة أمامهم”.
وفي وقت لاحق، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن بلاده ستعفي ثماني دول بينها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا من الالتزام بالعقوبات التي فرضتها على قطاع النفط الإيراني، وقال، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، “إن الدول الأخرى التي يشملها هذا الاستثناء الذي يستمر ستة أشهر هي اليونان وتركيا وتايوان”.
وفي السياق نفسه، أفادت مصادر بأن كل وسائل التلفزة الأميركية لم تنقل المؤتمر الصحافي لوزيري الخارجية والخزانة الأميركيين.
يذكر أن الحزمة الثانية من الحظر الأمريكي الجائر ضد إيران، الذي تتخذه واشنطن كسلاح تشهره على الدوام في وجه الدول التي تعارض سياساتها وإملاءاتها في العالم وترفض السير في فلكها، دخلت حيز التنفيذ رسمياً أمس، مستهدفة العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة، وتضم قائمة الحظر أكثر من 700 شخص وشركة في إيران.