اقتصادصحيفة البعث

بنوك العالم تستعد لمرحلة ما بعد “الليبور”

 

باتت فكرة تعديل أو إلغاء معدل سعر الفائدة بين البنوك الشغل الشاغل للبنوك المركزية الرئيسية في العالم، حيث قرر بنك إنجلترا إلغاء الليبور اعتباراً من عام 2021 بينما يفكر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تعديل نظام أسعار الفائدة بين البنوك «أي أر بي» وشكل لجنة حددت معدل سعر الفائدة على قروض الدولار لليلة واحدة «سوفر» التي تستخدم منذ نيسان الماضي في تسعير عروض السندات التي تصدرها مؤسسات كبرى بما فيها البنك الدولي، وفي نفس الوقت تسعى البنوك المركزية في كل من اليابان وسويسرا والمركزي الأوروبي لصياغة معادلات جديدة تحكم تلك القروض بين البنوك.
وتعرض الليبور لفضيحتين؛ في الفضيحة الأولى وهي نتاج الأزمة، عمدت البنوك الموكلة بتحديد معدلات أسعار الفائدة بتعديل عروض أسعارها ربما بدعم غير معلن من هيئات التنظيم وذلك للحد من احتمالات إحداث الذعر في الأسواق، أما في الفضيحة الثانية فقد تواطأت تلك البنوك فيما بينها على التلاعب بمعدلات الليبور بهدف تحقيق مكاسب لها. وأشار راندال كوارلز نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المسؤول عن الإشراف المصرفي، إلى أنه تم استخدام عينات بمبالغ مختلفة ولآجال متنوعة في تحديد سعر الفائدة على قروض ليوم واحد ولشهر واحد ولعدة أشهر، وقد انسحبت بعض البنوك من لجنة العشرين ولا يزال بعضها موجوداً حتى عام 2021 بناء على طلب هيئة التنظيم. وفي إطار هذه الأسس غير الثابتة يتم تسعير الفائدة على 260 تريليون دولار من القروض والأوعية المالية موزعة عالمياً على صفقات تبادل الدين وقروض الرهن العقاري للأفراد. وتمثل القروض المقومة بالدولار النسبة الأكبر منها حيث تبلغ قريباً من 200 تريليون دولار، مقارنة مع القروض المقومة بالجنيه الإسترليني والين (30 تريليون دولار) والفرنك السويسري (5 تريليونات دولار)، وتواجه كل من «إيوريبور» و«إيونيا» وهي مصطلحات توازي الليبور في الاتحاد الأوروبي تحديات ملحة لتعديلها.
ولا شك أن إيجاد البدائل القائمة على آليات عمل الأسواق أمر مهم، وقد لجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى اعتماد آلية إعادة الشراء من الأسواق، فالبنوك التي تبحث عن سيولة لآجال قصيرة تبيع أوراق دين متدنية المخاطر، مثل سندات الخزانة، لبنوك أخرى لليلة واحدة على أن تعيد شراءها في اليوم التالي لقاء ربح محدد، ولكي تضمن التسديد تطلب البنوك ضمانات محددة، وقد بلغت قيمة هذه الصفقات 700 مليار دولار يومياً، ويتم تأمين هذه الصفقات عبر بنك نيويورك ميلون، وتصدر هيئة التنظيم سعر فائدة يومي عند الثامنة صباحاً، إلا أن هذه الآليات تواجه مشاكل قانونية وتنظيمية فضلاً عن الخلل التقني الذي قد تفرضه التغيرات الناتجة عن سعي البنوك الرئيسية في العالم لسحب برامج التيسير الكمي وتطبيع أسعار الفائدة. يعتمد نظام الليبور على أسس علم اقتصاد عفا عليه الزمن إذ ترجع جذوره إلى ائتلاف غير رسمي بين عدد من بنوك لندن في الستينيات من القرن الماضي، وقد تم إضفاء الطابع الرسمي على هذا المشروع من قبل هيئة مؤلفة من عشرين بنكاً، قدمت تقديرات يومية لتكاليف اقتراضها بخمس عملات ولسبعة آجال استحقاق يمتد بعضها إلى عام كامل، لكن بعض الحصص التقديرية ليست دائماً أفضل من التخمينات.