الاستمرار بمبادرة الحفاظ على الهوية البصرية
تأخذنا الصورة المرئية إلى فضاءات عوالم بعيدة وزمن مضى يأسرنا بجمالياته، وربما تفتح لنا مداخل للتفكير بهذه العوالم لنتساءَل أين هي الآن على أرض الواقع. وقد اتخذت هذه الصور جزءاً من الذاكرة الجمعية وحيزاً من أرشيف التاريخ السوري المعاصر، والأمر الجميل أن الحفاظ على الصورة غدا مشروعاً اجتماعياً تتعاون فيه المبادرات الفردية من المجتمع الأهلي مع الجهات الرسمية، مثل مبادرة الحفاظ على الهوية البصرية التي أسسها مازن الرواس مع مجموعة بدؤوا بفكرة تجميع الصور الضائعة في غبار الحرب، ومن المناطق المنكوبة ثم تواصلوا مع العائلات الدمشقية والعائلات القاطنة في دمشق للحصول على الصور العائلية التي تشير إلى الأمكنة والمناطق الجغرافية وإلى البيئة الاجتماعية المكوّنة للمجتمع السوري المتنوع والغني بأطيافه، لاسيما الصور التي توثق التاريخ الثقافي مثل صورة المسرح في حلب عام 1920، وصورة لمؤسسي رقصة المولوية عام 1920، وتدريس الموسيقا في المدارس لصورة تظهر الأستاذ يعزف على العود مع مجموعة طالبات عام 1958، وصور الفريق الرياضي، وصورة عام 1939 حينما ذهب فريق الكشاف إلى مصر، وقطار الزبداني 1955، إضافة إلى صور الطبيعة مثل الثلج في القامشلي عام 1957، والجسر المعلق في دير الزور، وصور عن معالم دمشق ونهر بردى، كما انسحبت المبادرة إلى توثيق العادات والتقاليد والأزياء الشعبية في عدة مناطق من سورية لتقترب من توثيق جزء من الفلكلور الشعبي.
والظاهرة الجميلة التي ترافقت مع الصور هي الطبع على الصحن لصور الأشخاص التي كانت نوعاً من التوثيق الشخصي ومن الحدث المرادف للصورة، ويأمل مازن الرواس بعد نجاح تجربته بعرض قسم من الصور في جناح الحفاظ على الهوية البصرية في معرض الكتاب بتشجيع العائلات على تقديم الصور الأرشيفية لتصويرها وإعادتها ثانية بغية تجميع أكبر عدد ممكن على الموقع الخاص بالمبادرة للمساهمة بتعزيز الذاكرة السورية.
ملده شويكاني