“تجار البندقية”..؟!
لم تغب الطروحات والنقاشات المتعلّقة بملف تصدير الأغنام أبداً عن طاولة النقاش حتى في زمن البحبوحة والرخاء، إذ لطالما كانت الاضبارة دائمة السخونة رسمياً واقتصادياً واجتماعياً، واليوم تتعاظم الهواجس وتتضخم السجالات مع مقترحات من قبيل التفريط برأس واحد من القطيع الذي تهدّده فصول التهريب والإرهاب والسرقة، ولم يعد بذاك العدد الذي كنّا لا نمانع من تصدير ملايين الرؤوس في موسم واحد، لتتحوّل الفكرة إلى كارثة وضرب من الجنون في زمن اضطررنا فيه لنقل الجزء الأعظمي من الثروة الحيوانية من المناطق الحدودية إلى المحافظات الداخلية وتحديداً الآمنة منها.
لا يخفى على أحد أن مافيا التّجار تلعب لعبتها في أغنامنا التي علينا مسؤولية مداراتها بالرمش والعين في أيام القلة التي تملي على وزارة الزراعة تحديداً التشدّد وعدم تمرير صفقات مشبوهة من هذا النوع بذرائع باتت مكشوفة لم تكن إلا شماعة مفضوحة تتمثّل بتأمين القطع الأجنبي اللازم لدعم عمليات الاستيراد للمواد الضرورية؟!.
من المعروف أن المصدّرين يعزفون كثيراً على هذا الوتر ناصحين وواعظين لا بل راشين ومتآمرين على المستهلك الذي لا يستطيع الاقتراب من مادة اللحمة لغلائها، فكيف الحال واليوم تتسرّب القطعان لتصاب السوق بالعدوى على وقع هكذا أخبار وحقائق، حيث تستمر حلقات ارتفاع أسعار الغنم الحيّ للكيلو الواحد في ظل توقعات أن يصل “القائم” إلى مزيد، إذا استمرت حملات الضغط للسماح بالتصدير أو التهريب براً وبحراً ومؤخراً جواً.. وهذا ما تشهد عليه أكثر المحافظات استيعاباً للأغنام وهي حماة، فكيف الحال بمحافظات مستهلكة بامتياز وليست منتجة وغيرها؟.
هنا نذكر ما قدّمته غرفة تجارة حماة من شروط في حال السماح بالتصدير وقد تكون مقبولة في ظل الخوف على السوق المحلية، وهو استيراد أغنام “البيلا” لتغطية حاجة الأسواق بضعف الكمية المصدّرة في محاولة لتعويض الخسارة التي سيُمنى بها المستهلك لمصلحة التاجر، وقد تستفيد الخزينة ببعض الدولارات ولكن الخسارة الأكبر ولاسيما الإستراتيجية لابد محققة وحاصلة، وهذا ما يعتبره البعض غلطة الشاطر؟!.
في هذا المحراب ثمّة من يدعو للتروي بشكل كبير مع تقليب الملف على كل جوانبه والموازنة بين الإيجابيات والسلبيات وعدم الوقوع في براثن ومصيدة التّجار والمصدّرين الذين يعرفون فن التوريط ودسّ السم في السمن تحت إغراءات القطع المطلوب في هذه الظروف، لكن كثيرين يعوّلون على ضمير الحكومة التي لم نعهدها تترك مستهلكيها الفقراء طعماً لتجار البندقية!!.
علي بلال قاسم