ليست أبداً.. “متناهية”؟!
أكثر من 1200 عقد تأمين صغير خاص بالتأمين على الهواتف المتنقلة (الموبايل)، هي الحصيلة الأولية لإحدى شركات التأمين الخاصة العاملة في السوق السورية خلال فترة وجيزة، وللعلم فإن قيمة القسط السنوي لمثل هكذا تأمين تراوح ما بين 5500 و6000 ليرة سورية.
عدد وقسط، وبحسبة بسيطة، يعني أن هناك 7.2 ملايين ليرة سنوياً تضاف لحجم عمل الشركة التشغيلي وإيراداتها من باقي فروع التأمين، ويعني أيضاً أن هناك إقبالاً على مثل تلك الأنواع من التأمين، الذي يعدّ قليل المخاطر، وحتى محدود المخاطر.
كما يعني أن هذا الفرع من التأمين مربح جداً، وبالمجمل يعني أن التأمين متناهي الصغر يعدّ من التأمينات الواعدة فى السوق التأمينية المحلية، وهذا ما يكاد يجمع عليه المختصون في الصناعة التأمينية، أي أن الـتأمينات الصغيرة والمتناهية الصغر، تحقّق متطلبات أغلب الشرائح الاجتماعية التي تحتاج للعديد من التغطيات المختلفة وخاصة في الدول النامية.
لسنا بوارد التعداد لما يمكن أن يشمله هذا النوع من التأمين، لكننا سننتقل إلى موضع أهم من الناحية الاقتصادية وتحديداً الإنتاجية، وهو التأمين على المشاريع متناهية الصغر والصغيرة، والتي كما نعلم أن كثيراً منها غير مغطى رقابياً ولا مالياً، وهي تندرج في خانة اقتصاد الظل. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: ما كمّ تلك المشاريع، التي وإن تم ضبطها، يمكن أن تشكله من سوق جديدة لشركات التأمين؟ علماً أنها من المشاريع الأشد احتياجاً للتأمين عليها.
أما السؤال الأهم، الذي نطرحه هنا من باب الافتراض، فهو: ما موقف شركات التأمين في حال تقدمت مثل تلك المشاريع (شرط أن تكون مرخصة وتحت مظلة القوانين الاستثمارية والمالية والرقابية) بطلبات لإجراء عقود تأمين مع الشركات؟
وهل سيكون تعاطي الشركات معها، بمثل ما يشابه التأمين المتناهي الصغر، أو حتى وفق نظام تأميني خاص بالمشاريع متناهية الصغر والصغيرة؟
نسأل لأننا نعتقد أن التأمين يجب أن يشمل كل نواحي الحياة والأنشطة والفعاليات فيها، وليس مقاربة الموضوع بشكل انتقائي وتفاضلي، نرى ذلك من منطلق التشارك تأمينياً، فيما يمكن أن نعبّر عنه مجازاً بـ”الغرم والجرم”، وإلاَّ قد يصح اتهام شركات التأمين وإعادة التأمين الخاصة، المشتغلة بالسوق المحلية، أنه تنتقي وتُقبل على ما يمكن تسميته “التأمين الريعي” وتحجم أو تهرب من “التأمين الإنتاجي”.
وكي نكون منصفين، لا بد أن تُحضَّر الأرضية التشريعية والقانونية لسوق تأمين مشاريعنا المتناهية الصغر والصغيرة، خاصة أنها تشكل أكثر من 60% من اقتصادنا الوطني، وهنا على الأذرع المعنية في الحكومة، القيام بالمهمة، التي تحتاج لهمّة كبيرة، ودون أي إبطاء، لأن الغرم سيكون مجزياً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com