“معجم الآلهة والكائنات الأسطورية في الشرق الأدنى القديم”
تُعرف الآلهة والكائنات الأسطورية بأنها ذات أهمية في معرفة المبادئ والمعتقدات الدينية التي كان يؤمن بها إنسان حضارات الشرق الأدنى القديم، ولتوارث بعضها عبر العصور والحقب التاريخية المتعاقبة حتى وصلت إلى إنسان العصر الحاضر ومازال بعضها يؤثر في تفكيره وتصرفاته، كقضية نشوء الكون وأفكار الخصوبة والتوالد، والحياة الدنيا والآخرة، وفكرة الثواب والعقاب وغيرها من أفكار وتصورات.
“معجم الآلهة والكائنات الأسطورية في الشرق الأدنى القديم” الصادر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب يتحدث فيه د.عيد مرعي عن الآلهة والكائنات الأسطورية التي عرفها إنسان الشرق القديم منذ أقدم العصور، وتؤثر في حياته، وأظهر لها كل التقديس والتبجيل في الوثائق المكتوبة والتماثيل والمنحوتات المنصوبة، وتمثل هذه الآلهة والكائنات الأسطورية قوى الطبيعة المختلفة التي تؤثر في حياة الإنسان كالقمر والشمس والنجوم والأرض والريح والأنهار وغيرها، لذلك عبدها الإنسان وبنى لها المعابد واحتفل بأيام محددة كأعياد لها عدّها مقدسة يجب التعبير فيها عن الشكر لتلك المعبودات ومازال بعضها مستمراً حتى الآن كعيد رأس السنة وأعياد الربيع وغيرها.
دراسة مهمة
يقول الكاتب: ليس الهدف من هذه الدراسة تمجيد تلك الآلهة أو المعبودات القديمة أو التفاخر بها بل استخدامها أداة لمعرفة كيفية نشوء الفكر الديني وتطوره وذلك بغية الوصول إلى فهم أفضل للأفكار والمعتقدات المعاصرة التي يؤمن بها الإنسان والتي هي استمرار للكثير من الأفكار والتصورات القديمة. فالإنسان لا يمكنه أن يفهم الحاضر دون الرجوع إلى الماضي حتى البعيد منه، وكي يستطيع التخطيط للمستقبل تخطيطاً صحيحاً بغية الوصول إلى حياة مفعمة بالسعادة والهدوء وراحة البال.
اعتمدت هذه الدراسة في مجملها على مصادر حضارات الشرق القديم الأولى المتمثلة بالنصوص المكتوبة بلغات قديمة متعددة وعلى أحدث الدراسات في هذا المجال من أجل إعطاء صورة واضحة عن الأفكار والمعتقدات الدينية القديمة وكيفية وصولها إلى الإنسان المعاصر. وقد أورد الكاتب أسماء معظم الآلهة والكائنات الأسطورية التي كان لها تأثير كبير على حياة الإنسان دون الدخول في كل التفاصيل المعروفة عن كل إله أو معبود لأن ذلك يتطلب جهداً أكبر من المبذول، فكل إله أو كائن أسطوري يمكن أن يكتب عنه مؤلفات متعددة، والهدف هو تقديم لمحة موجزة عن الأسماء التي تم معالجتها للحصول على صورة شاملة عن الآلهة والمعبودات دون الغوص في التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن معالجتها إلا من خلال أعمال مستقلة لكل إله أو كائن أسطوري.
أسماء الآلهة
واعتمد د. مرعي في إعداد هذه الدراسة على أحد البحوث التي نشرت بلغات متعددة كالانكليزية والفرنسية والألمانية عن المعتقدات الدينية والآلهة التي عبدها إنسان الشرق القديم، ورجع أيضاً إلى النصوص القديمة المدونة بلغات الشرق الأدنى القديم كالسومرية والإبلوية والأكادية والأوغاريتية والفينيقية والآرامية وغيرها، وتمت دراسة وتحليل كل الأسماء الواردة في هذه الدراسة بناء على معرفته بتلك اللغات القديمة مع مقارنتها بالعربية التي تعد الوعاء الأكبر الذي شمل معارف كل تلك اللغات القديمة.
وعالج إلى جانب أسماء الآلهة والكائنات الأسطورية المشرقية أسماء الآلهة الإغريقية والرومانية الأكثر شهرة لتشابه دورها مع أدوار الآلهة المشرقية القديمة ولوجود تأثير متبادل بينها وبين الآلهة المشرقية القديمة، ولكونها مازالت مشهورة حتى عصرنا الحاضر في مختلف أنحاء العالم، ولاسيما في مجال تسميات الكواكب والنجوم والاختراعات العلمية والتقنية وغيرها من مكتشفات حديثة.
وعرض الأسماء وفق الترتيب الأبجدي المعروف لتسهيل البحث عنها من قبل القارئ دون أن تكون هناك أفضلية للأسماء التي تعرض في البداية أو للحضارة التي تنتمي إليها، وراعى الكاتب كتابة الاسم بالحرف اللاتيني إلى جانب كتابته بالحرف العربي لإتاحة الفرصة لمن يود العودة إلى المراجع الأجنبية أو الشبكة العنكبوتية، ولمعرفة اللفظ الدقيق لكل اسم وكل كلمة دون الحاجة إلى تشكيله بالعربية، كما أورد المؤلف أسماء بعض الآلهة والكائنات الرافدية والمصرية بالكتابة المسمارية والكتابة الهيروغليفية بحسب ما أتيح لنا من خلال المصادر والمراجع المستخدمة، ومن خلال الشبكة العنكبوتية وذلك للاطلاع على كتابة الشكل الأصلي للاسم، وأرفق في نهاية كل بحث عن كل إله أو كائن أسطوري صورة لمنحوتة أو رسم خلّفها الأقدمون لهذا الإله أو ذاك كما تصوروه أو تخيلوه.
في الختام يمكن القول قدم د.عيد مرعي صورة مفيدة عن معتقدات الشرق الأدنى القديم من خلال الحديث عن الآلهة والمعبودات والكائنات الأسطورية.
جمان بركات