انخفاض الريعية الاقتصادية وتراجع المواصفات في مقدمة المعوقات الإنتاجية “الاستبدال والتجديد” يطغى على أكثر من ثلثي خطة وزارة الصناعة لـ 2019 ودعم خاص لـ”الاسمنت ومواد البناء”
قد يكون من المنطقي تركيز وزارة الصناعة في تقاريرها وخططها المقبلة على محور التجديد واستبدال المعدات وخطوط الإنتاج القديمة أو المتضررة، فهي تشكل القاعدة الأساسية لإعادة انطلاق الإنتاج “وفقاً للمتاح”، إلا أن طبيعة المرحلة المقبلة والانفتاح على التعاون سواء مع القطاع الخاص أو الدول الصديقة، ومحاولات إعادة تنشيط الإنتاج ليغطي حاجة السوق، تتطلّب التركيز أيضاً على إضافة مشاريع جديدة وجذب المستثمرين وتأمين بيئة مناسبة لهم، بحيث يصبح من المتاح تطبيق الخطط الاستثمارية وتأمين التمويل اللازم لها لتجاوز العقبات المتراكمة خلال سنوات الأزمة.
صعوبة التمويل
وبلغ إجمالي اعتمادات الخطة الاستثمارية لوزارة الصناعة ومؤسساتها للعام المقبل -بحسب مدير التخطيط والعلاقات الدولية د. إياد مقلد- 30.831 مليار ليرة، تركز القسم الأكبر منها على مشاريع تطوير خطوط الإنتاج وإعادة تأهيلها وتجديدها واستبدال بعضها بما يتجاوز الـ24.823 مليار ليرة، ولاسيما في ظل ما تعانيه الخطط الاستثمارية من صعوبة تأمين التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع الاستثمارية خاصة ذات القيم الكبيرة، في الوقت الذي حازت المشاريع المنقولة والجديدة على نحو 6 مليارات ليرة. كما أشار مقلد إلى إعداد التصوّر المرجعي لمشروعي (معمل صهر البازلت وإنتاج خيوط وقضبان وأنابيب البازلت) و(تأهيل معمل اسمنت جديد في المسلمية حلب) وذلك لطرحها على طاولة التشاركية.
العصب الأساسي
فيما بدا من خلال البيانات أن المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء نالت الحصة الأوفر باعتمادات تقارب الـ13 مليار ليرة على اعتبار أنها العصب الأساسي للمرحلة المقبلة وتأمين متطلبات إعادة الإعمار، وتتركز الرؤية في هذه المؤسسة على استبدال وتجديد خطوط الإنتاج لمواكبة الحاجات الراهنة، إذ رصد ما يتجاوز الـ9 مليارات ليرة لمشروع استكمال تأهيل مطحنتي الإسمنت والأقسام المساعدة في الشركة العربية لصناعة الإسمنت في حلب، بينما خُصّص نحو 102 مليون ليرة للمشاريع الجديدة المتمثّلة بإقامة معمل لتصنيع البلوك الخلوي في شركة اسمنت عدرا ومشروع إضافة خط جديد لإنتاج الإسمنت في الشركة السورية بحماة بطاقة /1,5/ مليون طن سنوياً.
تحاصص
وفي تفاصيل اعتمادات الخطة الاستثمارية لعام 2019 لوزارة الصناعة ومؤسساتها، أشار مقلد إلى تخصيص المؤسسة العامة للصناعات الغذائية بنحو 5.797 مليارات ليرة، تراوحت بين 2.478 مليار ليرة لتجديد خطوط الإنتاج و2.411 مليار ليرة مشاريع منقولة و907 ملايين ليرة للمشاريع الجديدة. وكان من اللافت تخصيص 500 مليون ليرة لمشروع معل عصائر طبيعية في الساحل السوري “في حال” تحقّقت الاشتراطات الواردة في دراسة الجدوى الاقتصادية لضمان نجاح المشروع.
وتمّ تخصيص المؤسسة العامة للصناعات الهندسية بـ 2.209 مليار ليرة والكيميائية بـ4.292 مليارات ليرة، فيما خُصّص للمؤسسة العامة للتبغ 2.802 مليار ليرة توزعت على آلة طباعة أوفيست أربعة ألوان مع وحدة فرنشة، ووحدة تجفيف في فرع المنطقة الساحلية إلى جانب خط إنتاج سجائر كامل. وحازت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية على اعتمادات بحدود الـ2.174 مليار ليرة تتضمن مشاريعها إنشاء مركز فني للنسيج وإنتاج أقمشة الجينز في شركة نسيج اللاذقية ومشروع بناء مستودع بطاقة تخزينية 5000 طن من الأقطان في شركة الساحل للغزل، ومشروع شراء نول مع متمماته لمعمل سجاد السويداء.
عقبات
أما في تفاصيل المعوقات التي تحدّ من تطبيق الخطط الإنتاجية كما يجب، فقد أشار تقرير صادر عن وزارة الصناعة إلى جملة من العقبات جاء في مقدمتها التوقفات الحاصلة في بعض الشركات وتدميرها بفعل الإرهاب. وكان وزير الصناعة قد كشف في تصريح سابق عن توقف 64 شركة عن العمل من أصل 96 شركة مقدراً خسائر الصناعة بـ2 مليار دولار، وذلك فضلاً عن الحصار الناتج عن العقوبات الاقتصادية على سورية والمتسبّب بصعوبة تأمين القطع التبديلية اللازمة لبعض التجهيزات والآلات والتحديات لتأمين بعض المواد الأولية بسبب الظروف السائدة، إلى جانب إحجام الكثير من الشركات العالمية عن الاشتراك في المناقصات المعلن عنها وصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج الرئيسية في بعض الشركات مثل: القطن والفوسفات والمواد الأولية الأخرى.
كما أشار التقرير إلى تدني نسبة الاستفادة من الطاقات الإنتاجية القائمة سواء بسبب المشكلات الفنية أو التسويقية، مما أدى إلى اختناقات وتراجع في المواصفات، إضافة إلى الزيادة في استهلاك المواد الأولية بنسب تفوق المعايير الدولية ما أدى إلى انخفاض الريعية الاقتصادية، فضلاً عن ذلك تواجه الصناعة إشكاليات متمثلة بنقص العمالة والكوادر الفنية المتخصّصة ولاسيما في مجالات النسيج والصباغة والألبسة وظهور مشكلة رواتب العمال في الشركات الواقعة في المناطق الساخنة التي طالها التخريب وتوقف الإنتاج، واستمرار عبء رواتب العاملين في الشركات المتوقفة عن العمل، مما أثقل كاهل هذه الشركات بالديون وأدى إلى تآكل قيمة الموجودات الثابتة.
ريم ربيع