“صفقة القرن” في ندوة لفرع اتحاد الكتّاب العرب بدمشق دخل الله: حماس أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية
دمشق- ريناس إبراهيم:
أقام فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب أمس ندوة فكرية بعنوان “صفقة القرن.. هل فقدت القضية مركزيتها؟!” تحدث المشاركون فيها عن واقع القضية الفلسطينية و”صفقة القرن” التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.
وقال الرفيق الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية للحزب، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام: إن أهم عناصر ضعف العرب هو عدم وحدتهم حتى باتت الوحدة العربية حلماً صعب المنال، ولا يمكن لأي حركة تحرر في العالم أن تنجح وتحقق ما تصبو إليه إلا إذا توحدت، فالوحدة تولد الانتصار، ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو متحمسة جداً لتطبيق الصفقة وإنهاء الصراع العربي الصهيوني، فمن جهة هي الآن على خلاف ومشكلة كبيرة مع أوروبا، لأن الأخيرة بدأت تتململ، إذ لم يعد هناك صراع أيديولوجي والمصالح بدأت تظهر، فمصالح أوروبا اليوم أكبر مع روسيا، لذلك تعمل أمريكا على حصار أوروبا عبر أمرين: الأول أن يكون هناك محور من قطر إلى المغرب مجاور لأوروبا، والثاني أوروبا الشرقية التي أصبحت تابعة لأمريكا بشكل كبير، والتركيز الأمريكي عليها لتكون فاصلاً بين أوروبا الغربية وحليفتها روسيا، ومن جهة ثانية تعمل الولايات المتحدة لتمرير الصفقة، ولا سيما مع انحسار أهمية النفط لحاجتها إلى طاقة الشمس العربية، والسيطرة عليها يعني السيطرة على القرن الثاني والعشرين وحصار الولايات المتحدة لأوروبا، حيث تمثل المنطقة بين قطر والمغرب أهم حزام شمسي ومصدر طاقة متجددة، ولا يمكن إنشاء حلف عربي محيط بأوروبا إلا ويكون مركزه الكيان الصهيوني، لذا لا بد من تصفية القضية الفلسطينية، فالآن أهم لحظة في التاريخ، من وجهة نظر الولايات المتحدة لإنهاء هذه القضية لأن العرب لم يكونوا أضعف مما هم عليه الآن، مشيراً إلى دور روسيا التي تحاول إنقاذ ودعم سورية تعزيزاً لموقف الجانب العربي ضد الكيان الصهيوني.
وفي إشارة إلى صمود الشعب العربي الفلسطيني في مواجهة العدو الإسرائيلي، وصف الرفيق دخل الله الفلسطينيين بأنهم أعظم شعب في التاريخ، مؤكداً أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يحاولان إحالة الصراع من عربي إسرائيلي إلى فلسطيني إسرائيلي، كما تحدث عن الشروط التي وضعها نتنياهو من أجل صفقة ترامب، وأولها ضم الجولان إلى “إسرائيل” كهدية، والاعتراف بذلك من قبل مجلس الأمن، وهو الأمر الذي رفضته روسيا لأنه يخالف القانون الدولي، ولم توافق عليه أيضاً الإدارة الأمريكية، وثانيها هو التطبيع الدبلوماسي قبل التفاوض، حيث ضغط الأمريكيون على دول الخليج لفتح سفارات لكيان الاحتلال لديها، لكنهم على ما يبدو رفضوا ذلك، وطرحوا فكرة التطبيع “الواقعي أو العملي” بدل “الدبلوماسي” كتشجيع لنتنياهو، فرأينا زيارات الصحفيين الإسرائيليين ولقاءاتهم في الخليج، ليرتفع مستوى التطبيع بعدها إلى زيارات على مستوى عالٍ إلى دول خليجية، كما أن مسألة توسيع ميناء حيفا ليصبح أكبر أهم ميناء في المنطقة لتأتي فيه بضائع الخليج من أوروبا، لتنقلها سكك الحديد إلى الأردن ومن ثم إلى الخليج، فلن تعود الموانئ العربية الأخرى مدخلاً للبضائع الأوروبية إلى الخليج، وتخسر سورية تحديداً موقع الترانزيت الذي تتمتع به.
كما أشار إلى التوافق الاستراتيجي بين الكيان الصهيوني وأنظمة الخليج عبر الولايات المتحدة منذ ظهور معاداة إيران، والعمل على تشكيل ما يسمى “حلف الناتو العربي” الذي يحتضن أي دولة أو كيان يقبل بمبدأ “معاداة إيران” إذاً هذه دعوة رسمية لكيان الاحتلال!. وثالثها أن تكون القدس خارج أي تفاوض، حيث تضم فلسطين بحسب ما تسمى الصفقة “الضفة الغربية وغزة”، وهي تحت وصاية مشتركة، الضفة تحت وصاية إسرائيلية، وغزة تحت وصاية مصرية.
واختتم د. دخل الله حديثه بالتأكيد على أهمية صمود الشعب الفلسطيني ونضاله في التصدي لكافة المخططات الصهيونية والأمريكية.
وفي تصريح لـ”البعث”، أكد الرفيق دخل الله أن هناك تغيراً ملحوظاً في الخطاب العربي المقاوم، حيث تراجع الخطاب “الشعاراتي”، وأصبح خطاباً أكثر واقعية، لا ينطلق من الشعارات والبيانات والخطب وإنما من العمل، ولا سيما أننا نقدّم شهداء في سورية وفلسطين، وسيكون لذلك تأثيره الكبير على الحراك الشعبي، والفصل الواضح بين الأنظمة الحليفة لكيان الاحتلال، حيث لا مكان للنفاق والادّعاء، وضعت الأمور على الطاولة، ونحن نعرف اليوم ضد من سنقاوم، وتبدو بشائر اليقظة الشعبية العربية ولا سيما مع التطور التكنولوجي والإعلامي الهائل.
اللواء أبو أحمد فؤاد، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قال: نحن الآن في مرحلة تتطلب وقفة تقييمية ومراجعة ومصارحة وتسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة فيما يخص الساحة الفلسطينية، وإن المواقف الرمادية ستكلفنا دفع الثمن غالياً، وهو تصفية قضيتنا”. وتحدث عن مراحل النضال الفلسطيني مع تشكل منظمة التحرير الفلسطينية والجيش التابع لها، وقال: لو سارت الأمور على ما رسم حينها لكان الوضع مختلفاً اليوم، حيث كان الهدف الرئيس والأوحد هو التحرير الكامل للتراب العربي الفلسطيني، وكانت الوحدة الوطنية في أوجها، لتنتقل في مرحلة 1967 وما بعدها إلى مرحلة الكفاح المسلح التي شهدت خلافات حادة، وارتفعت حدّة التناقضات والخلافات ما بعد 1974، حيث ابتعدت الفصائل عن الثوابت، وسادت الخلافات لتترجم بتشكيل جبهة الرفض للحلول الاستسلامية، وفي مرحلة 1982 حصلت خلافات حول مركز المقاومة الفلسطينية، واندلعت انشقاقات كبيرة بين الفصائل، وانقسمت إلى عدة تيارات، وهذه التيارات ليست متفقة على برنامج واحد، والعمل اليوم يجب أن يكون على محور توحيد الجهود، وإيجاد القواسم المشتركة لمواجهة العدو المشترك والتحرير واستعادة الحقوق، كما أشاد بالدور الذي تضطلع به سورية في الصراع العربي الإسرائيلي، فهي الكتف الداعم للقضية الفلسطينية.
وتركزت مداخلات الحضور على تأكيد رفض كل ما يتبجح به ترامب وكيانه الغاصب، والإشادة بدور سورية في تعطيل ما يسمى “صفقة القرن” وغيرها من المخططات الهادفة لتصفية القضية، مشيرين إلى أن لتراجع دور المثقفين العرب، حاملي الهوية والأمانة، دوراً كبيراً في حالة الانقسام والتشرذم في المواقف العربية عامةً والفلسطينية خاصةً.