هل يستحقون التعويض؟!
طالب أصحاب المنشآت الصناعية المتضررين من السيول التي غمرت مدينة عدرا الصناعية تعويضهم عن الخسائر الجسيمة التي لحقت بمعاملهم أسوة بالفلاحين..!.
والسؤال: هل يستحق الصناعي الذي تعرض لخسائر نتيجة ظروف طبيعية أو قاهرة التعويض..؟.
بداية.. بفعل صراخ الصناعيين المتضررين من السيول صدقنا أن سبب غمر معاملهم ومنشآتهم بالمياه وجرفها لآلاتهم هو انهيار سد الضمير..!.
وما قاله المتضررون كان وصفاً مرعباً: انهار السد بشكل كامل وشكّل سيلاً جارفاً بلغ ارتفاع مياهه ثلاثة أو أربعة أمتار..!.
نعم.. صدقنا صراخ الصناعيين المتضررين وتعاطفنا معهم لأنهم تعرضوا لكارثة حقيقية، وانتظرنا أن يعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة لتقدير الأضرار التي تسببت بها منشأة حكومية..!.
ولكن سرعان ما انكشفت الحقيقة.. وكانت صادمة..!.
السد سليم 100% لم يتعرض لأي انهيار كلي أو جزئي بل ولم يتعرض لأية تشققات، وهذا يعني أنه ليس مسؤولاً عن كارثة الصناعيين، والأهم أن السد بُني قرب مدينة الضمير لحمايتها من السيول المطرية، ولو انهار لكانت المدينة التي لا تبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن السد من تعرّض للكارثة لا مدينة عدرا الصناعية التي تبعد عن سد الضمير مسافة لا تقل عن 14 كيلومتراً..!.
وبما أن ما أعلنه الصناعيون المتضررون بالصراخ ولم يكن صحيحاً، فإن السؤال: هل يستحقون التعويض عن خسائرهم بسبب سيول العاصفة المطرية..؟.
اللجنة المشكلة من غرفة صناعة دمشق قدرت حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية بمبلغ 4 مليارات قابلة للزيادة..!.
لا شك أن المبلغ كبير.. ولكن ما مسؤولية الحكومة في هذه الخسارة الناجمة عن حدث مناخي لتشعر بالذنب فتقرر التعويض عن المتضررين..؟.
وبما أن غرفة صناعة دمشق لا يمكنها مطالبة الطبيعة بالأضرار فقد توجهت ـ بعدما انكشفت الحقيقة ـ إلى الحكومة لإيجاد حلول للمتضررين..!.
ما هذه الحلول التي طرح بعضها رئيس عرفة صناعة دمشق..؟.
أهم هذه الحلول صرف مبالغ نقدية كتعويضات للصناعيين المتضررين عن الأضرار أسوة بتعويض أضرار المزارعين من صندوق التخفيف من آثار الجفاف..!.
ونستغرب هنا أن تتم مقارنة مزارع ليس لديه أي سيولة سوى ما يبيعه في نهاية الموسم وغارق في القروض والديون وبعضها للتجار بصناعي لديه رأسمال ثابت وآخر سائل وودائع في المصارف المحلية والخارجية والخزائن الحديدية السرية..!.
كما طالبت الغرفة بأن يتم منح المتضررين سلفة وقروض ميسرة وإعفاءات من وزارة المالية حتى يستطيعوا شراء آلات جديدة كون البعض من هذه المنشآت عادت إلى الصفر..!.
حسناً.. هذا الاقتراح جيد جداً ولكن يجب تحديد الأطراف التي يجب أن تنفذه، فإذا كان بإمكان وزارة المالية منح إعفاءات مختلفة للمتضررين من الرسوم والضرائب، فإنه بإمكان غرفة صناعة دمشق أن تطلب من المصارف الخاصة ـ ومعظم مؤسسيها هم من رجال المال والأعمال صناعيين وتجارـ منح المتضررين السلف والقروض الميسرة من باب “الأقربون أولى بالمعروف”..!.
وفي مجالات التعويض.. من المهم الإشارة إلى جانب لم يعرضه الصناعيون ولا غرفة صناعة دمشق أي اهتمام، وهو التأمين على المنشآت الصناعية..!.
ونسأل هنا: لماذا لا يؤمن الصناعيون على منشآتهم..؟.
ونتذكر في هذا السياق أن المؤسسة العامة للتأمين صرفت مبلغاً بحدود الـ 20 مليون دولار لشركة نفطية أجنبية تعرضت لحريق مفاجىء في تسعينيات القرن الماضي، وكان التعويض من أكبر المبالغ التي تسددها شركة تأمين في العالم..!.
ولكن الإشكالية هنا عبر السؤال: من يرفض تسجيل عماله في التأمينات كيلا يسدد اشتراكاته المالية عنهم.. هل سيفكر مجرد تفكير بالتأمين على مصنعه لقاء اشتراكات مالية شهرية يعتبرها خسارة من أرباحه السنوية..؟!.
بالمختصر المفيد: من يرفض التأمين على مصنعه.. هل يستحق التعويض..؟.
علي عبود